على خلفية العقوبات المتبادلة بين روسيا ودول الاتحاد الأوروبي إثر الحرب التي شنتها روسيا ضد أوكرانيا، اعتمدت المفوضية الأوروبية خطة “وفر الغاز لشتاء آمن” لمواجهة الاضطرابات في إمدادات الغاز الروسي.
وتابع برنامج “للقصة بقية” (2023/6/19) حرب الغاز وتطور مراحل اعتماد أوروبا على الغاز الروسي، وذلك بعد أن تمكنت أوروبا من تجاوز الأزمة في إمدادات الغاز والطاقة الشتاء الماضي، وخفّضت استهلاكها للغاز وباتت تستورد ما يمثل حوالي ثلث مستويات وارداتها التاريخية منه.
وجاء في تقرير البرنامج أن أوروبا نجحت سريعا في تنويع مواردها من الغاز، وملء خزاناتها العام الماضي بتكلفة بلغت أكثر من 50 مليار دولار، وفق المفوضية الأوروبية، إلا أن ارتفاع تكاليف الطاقة كبَّد القارة العجوز قرابة تريليون دولار نتيجة حزم المساعدات التي قدمت للمستهلكين والشركات، وفق وكالة بلومبيرغ.
ويظهر هذه الأيام الأوروبيون تفاؤلا بملء خزاناتهم للشتاء المقبل، فأسعار الغاز الطبيعي تشهد تراجعا، إلا أن تحذيرات أُطلقت من كبار المصدِّرين في الخليج، ومن خبراء في مجال الطاقة لأوروبا من أن القادم قد يكون أسوأ، وأن الوقت لا يزال بعيدا قبل الإعلان عن انتهاء أزمة الطاقة العالمية.
كما رصد تقرير البرنامج التوترات الروسية الأوكرانية بعد انتهاء الحرب الباردة، وناقش مع خبراء عالميين في مجال الطاقة بدائل أوروبا للحد من الاعتماد على واردات الغاز الروسي، سواء عبر الاستيراد من الولايات المتحدة أو قطر أو أذربيجان أو دول آسيا الوسطى أو أفريقيا أو غاز شرق المتوسط، والتحديات التي تواجه الاعتماد على أي بديل من هذه البدائل على المدى البعيد.
بديل الغاز الروسي
وبشأن البديل الروسي، قال الباحث والخبير الدولي في مجال الطاقة أنس الحجي إنه رغم عدم إمكان التعويل حاليا على الغاز الروسي، فإن أوروبا لا تستطيع الاستغناء تماما عن روسيا، في حين أن الدولة الوحيدة التي يمكنها تأمين كمية كبيرة من الغاز لأوروبا هي الولايات المتحدة.
ورأى أن الطلب على الغاز والغاز المسال سيكون كبيرا خلال السنوات المقبلة، متوقعا أن ترتفع أسعاره بشكل كبير وهو ما يعني استمرار أزمة الغاز في أوروبا، لأن التكلفة ستكون عالية ولن تستطيع القارة العجوز تحملها.
وفي تقييم للوضع الأوروبي، رأت كبيرة الباحثين في معهد أكسفورد لدراسات الطاقة غولميرا رزاييف أن الاتحاد الأوروبي ما زال في حالة تعافي من أزمة تاريخية بسبب انقطاع إمدادات الغاز الروسي، ورغم أن السوق تعافت من هذه الصدمة فإن المخاطر قد تتفاقم بسبب انقطاع المزيد من توريد الغاز خلال السنتين المقبلتين، ولذلك شددت على ضرورة سعي الاتحاد الأوروبي لتأمين موارد الغاز من خلال مسارات جديدة.
واعتبرت أن أمام أوروبا خيارات عدا الغاز الطبيعي، فهناك العديد من الموردين والبدائل التي يمكنها الاعتماد عليها ولكن غالبا ما تكون الإشكالية في التكلفة والالتزام بعقود الطويلة الأمد، مشيرة إلى أن أوروبا لا تريد الانخراط فيها وتبحث عن حلول بديلة ومؤقتة.