تساءلت صحيفة لوفيغارو (Le Figaro) الفرنسية عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هل كان يعيش في برج عاجي منفصلا عن الواقع، عندما وصف تمرد مجموعة فاغنر بأنه “طعنة في ظهر روسيا وشعبها”، مشبها ذلك “بالضربة التي تعرضت لها روسيا عام 1917، أثناء مشاركتها في الحرب العالمية الأولى، حين سرق منها النصر، وأصبحت مسرحا للمؤامرات والمشاجرات والسياسات من وراء ظهر الجيش والشعب، مما أدى إلى تدمير الجيش وانهيار الدولة وخسارة مساحات شاسعة من أرضها وحرب أهلية مأساوية في النهاية.
وفي عموده بالصحيفة، تساءل رينو جيرار: كيف لرئيس روسيا أن يقارن فكريا بين الأحداث الدرامية والتاريخية لثورة 1917 وظاهرة التمرد الصارخ لفيلق صغير من المرتزقة هو من ساهم في خلقه؟ مشبها بوتين بفرانكنشتاين في خوفه من مخلوقه بريغوجين الذي صنعه بيديه من الصفر في مختبرات الكرملين.
ورأى الكاتب أن الأيديولوجيا التي أعمت الرئيس الأميركي جورج بوش الابن عندما قرر غزو العراق عام 2003، معتقدا أنه يفعل الخير، هي نفسها التي تعمي بوتين الذي انتهى به المطاف إلى تصديق ما يقوله من أنه يقوم بعمل جيد بغزوه لأوكرانيا، وتساءل الكاتب هل سيدرك الرئيس الروسي في النهاية أنه هو من يصنع المصائب لنفسه؟
وخلص رينو جيرار إلى أن بوتين عندما ذهب إليه رئيس وكالة المخابرات المركزية، بيل بيرنز في خريف عام 2021، لثنيه عن ارتكاب خطأ غزو أوكرانيا، كانت بلاده في ذروة عزها، تبيع غازها للأوروبيين الذين يستثمرون فيها بالمقابل، وتبدو على قدم المساواة مع أميركا، وهي محترمة، ولها أصدقاء وأفضل العلاقات مع دول العالم، ومع الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية.
وختم الكاتب بحث الغرب على الاستمرار في حماية أوكرانيا من جنون الكرملين دون الابتهاج بالمصيبة الروسية، لأن مصلحته على المدى الطويل هي ألا تغرق روسيا أبدا في الفوضى أو في الفلك الصيني، بل أن تنضم إلى الأسرة الأوروبية التي ربطتها بها ثقافتها منذ القرن الـ18.