أثارت تصريحات الفنانة ميار الببلاوي عن علامات الحج المبرور والمقبول جدالاَ واسعاً، حيث أشارت إلى أن هناك علامات للقبول منها النزلة الشعبية وتكسير العظام، الأمر الذي دفع كثير من العلماء بالأزهر والأوقاف لبيان علامات القبول وفق ما ورد بالكتاب والسنة.
علامات الحج المبرور
في البداية .. قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، إن من علامات القبول ما يلي :
1- أن تَكُونَ النَّفَقة مِن حَلالٍ بما يعني أنَّ الحج والعمرة ليس إثباتَ حالةٍ ليُقالَ الحاجُّ فلان، بل لا بد للإنسانِ عندما يُرِيدُ أن يَخرُجَ مِن ذُنُوبِه، ومِن دائرةِ المَعصِية إلى دائرةِ رِضا اللهِ، ويَذهَبَ إلى الحَجِّ لا بد عليه أن تَكُونَ النَّفَقة التي يَخرُجُ بها مِن حَلالٍ.
2- وأن تَكُونَ الهِمّة مُجرَّدةً للهِ تعالى وتَعظِيمِ شَعائِرِه سبحانه وتعالى ؛ لأنَّه { وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32].
3- من حجَّ أو اعتمر عَن غيرِه: فيَنبَغِي أن يكونَ قَصدُه زيارةَ بيتِ الله تعالى والتَّمَتُّعَ بالنَّظَرِ إليه؛ فإنَّ النَّظَرِ إلى الكَعبة عِبادة، ولِمَن نظرَ إلى الكعبة دعوةٌ مستجابةٌ، فلا بد وإن كان يحجُّ أو يعتمر عن غيرِه أن يَقصِدَ التَمَتُّعَ بما هنالِكَ مِنَ قُدسٍ قد جعلَه اللهُ سبحانه وتعالى رحمةً للمؤمنين.
ويَقصِدُ أيضًا معاونة أخيه على فعلِ الخيراتِ بإسقاطِ الفَرضِ عنه لا أن يتَّخِذَ ذلك مَكسَبة مادِّيّة، يعني: لا ينظر إلى ما سوف يُحصِّلُه مِن فوائدِ الدنيا كالأجرِ الماديِّ الذي يأخذُه، أو كأن يجلِبَ معه شيئًا مِنَ التجارةِ في ذهابِه وإيابِه، فيبيعُ هناك ويبيعُ هنا، بل يكونُ قَصدُه هو الزيارةَ، ويكونُ قَصدُه هو المُعاوَنة لأخيه.
4- وأن يَتَوَسَّعَ في الزّادِ وطِيبِ النَّفسِ بالبَذلِ: فيَتَوَسَّعُ فيما يَحمِلُه مِن زادٍ، لأَجلِ الرفقة في الطريق؛ فقد يحتاجُ أخٌ له شيئًا من الزّادِ أو المَتاعِ، وذلك مِن غَيرِ تَقتِيرٍ أو إسرافٍ، بل على الاقتصادِ. وبَذلُ الزّادِ في طريق الحج نفقةٌ في سبيلِ الله سبحانه وتعالى.
وكذلك حينَ تُنفِقُ على الحجيجِ أو المعتمرين معك في أثناءِ الحجِّ أو العمرة، قال ابن عمر رضي الله عنهما: مِن كَرَمِ الرَّجُلِ طِيبُ زادِه في سَفَرِه.
5- وتَركُ الرَّفَثِ والفسوقِ والجِدالِ: والرَّفَثُ: اسمٌ جامِعٌ لكُلِّ لَغوٍ وفُحشٍ مِنَ الكَلامِ، والفِسقُ: اسمٌ جامِعٌ لكُلِّ خروجٍ عن طاعةِ الله، والجِّدالُ: المُبالَغة في الخُصُومة مِمّا يُورِثُ الضَّغائِن ويُناقضُ حُسنَ الخُلُقِ.
6- وأن يَجتَنِبَ زِيَّ التَّرَفِ والتَكَبُّرِ: لأنَّ الحجَّ والعمرة مَبنِيٌّان على الانخِلاعِ مِنَ المُعتادِ، ولذلك عليه أن يَتَواضَعَ ولا يلبسَ أثناءَ الحجِّ ما يُمَيِّزُه عن غيرِه أو يَتَعالى به مِن رفيعِ الثيابِ بما يَجعَلُه مُتَمَيِّزًا، إلا إذا كان ذلك لغَرَضٍ شَرعِيٍّ صحيحٍ.
وكان العِزُّ بن عبد السلام يَحُجُّ فرأى رَجُلاً يُخطِئُ في مَنسَكِه فنَصَحَه، فأبى الرجلُ النصيحةَ وظنَّه مِنَ العوامِّ وأنَّه يتكلَّمُ فيما لا عِلمَ له به، فاضطُرَّ العزُّ إلى أن يذهَبَ ويلبسَ زِيَّ العُلَماءِ وأَتاه فنَصَحَه فقَبِل نصيحتَه؛ فالعزُّ هنا لَبِسَ لوَجهِ اللهِ لأجلِ أن يُنقِذَ هذا الرجلَ مِن فَسادِ النُّسُكِ الذي يُؤَدِّيه. وينبغي ألا يَمِيلَ الإنسانُ هناك إلى أسبابِ التفاخرِ والتكاثُرِ فيُكتَبَ في ديوان المتكبِّرين والعِياذُ باللهِ تعالى، ولا يَدخُلُ الجَنّة مَن كان في قلبِه مِثقالُ حَبّة مِن خَردَلٍ مِن كِبرٍ، ويخرجَ عن حِزبِ الصّالِحين، فالحجُّ والعمرة مَبنِيّان على التَّواضُعِ والزَّهادة في الدُّنيا، وليسا مَبنِيَّين على التَّفاخُرِ والتكاثرِ والكِبرِ فيما بينَنا.
7- وأن يتقرَّبَ بذبحِ: ما تيسَّر مِن سَمِينِ النَّعَمِ ونَفِيسِه، وإن لم يَكُن واجِبًا عليه.
8- وأن يكون طَيِّبَ النَّفسِ: بما أنفَقَه مِن نَفَقة وهَديٍ وبما أصابَه في مالِه أو بَدَنِه، فله بكلِّ أذًى احتَمَلَه وخُسرانٍ أصابَه -إن احتَسَبَ- ثَوابٌ، فلا يَضِيعُ مِنه شيءٌ عِندَ اللهِ.
وشدد علي جمعة يقال: مِن علامةِ قبولِ الحجِّ تَركُ ما كان عليه مِنَ المَعاصِي. أي كيف تعرفُ أنَّ حجَّك قد قُبِل؟ حينما ترجعُ وتَجِدُ نَفسَك زاهِدًا في المَعاصِي؛ لأنَّ الحَجَّ الذي قد غَفَرَ اللهُ فيه الذُّنُوبَ جَعَلَكَ في صفحةٍ بيضاءَ، وهذه الصفحةُ البيضاءُ تُضادُّ الذنبَ وتكرهُه وتأباه ولا تَستلِذُّ به، فإذا عَرَضَ عليها بوَسوَسة نَفسٍ أو شَيطانٍ فإنَّها تَبعُدُ عنه ويَحدُثُ لها اشمِئزازٌ مِنَ الذَّنبِ فلا تَقَعُ فيه، ومِن هذا يَتَبَيَّنُ لَنا أنَّ اللهَ قد رَضِيَ عنّا بحَجِّنا، أو أنَّه قد قَبِلَ هذا الحجَّ.
علامات قبول الحج
بينما قال الدكتور إسماعيل شاهين أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر إن الحج المبرور هو الذي تقبله الله ومن أبرز ملامح القبول أن تكون نفقة الحج من كسب حلال ولاسيما في الحج، وقد ورد أن الإنسان إذا حج من مال طيب أنه ينادي مناد أن زادك حلال، وراحلتك حلال، وحجك مبرور، وعلى العكس من كان حج من مال خبيث فإنه ينادي: لا لبيك ولا سعديك، زادك حرام ونفقتك حرام، وحجك مأزور غير مأجور.
وأضاف شاهين لـ”صدى البلد” أن من علامات الحج المبرور أيضا أن يوفق الله الإنسان فيه لأداء مناسكه على الوجه المشروع، وعلى المطلوب من غير تقصير فيها، وأن يتجنب ما نهاه الله عنه، في أعمال الحج، بأن يؤديه على الوجه الشرعي.
وأوضح أستاذ الشريعة أن الحج المبرور يرجع صاحبه أحسن حالًا في دينه مما كان قبل ذلك، بأن يرجع تائبًا إلى الله سبحانه وتعالى مستقيمًا على طاعته، ويستمر على هذه الحالة، ويكون الحج منطلقًا له إلى الخير.