كشفت مصادر في موسكو أن وزارة الدفاع الروسية اتخذت قرار تشكيل جيش أسلحة مشترك جديد ليكون جزءا من الأسطول الشمالي يغطي الحدود الروسية الشمالية ومن ذلك الحدود مع فنلندا والنرويج، فلماذا الآن؟
وفي تقرير نشرته صحيفة “إزفيستيا” الروسية، يقول رومان كريتسول وأليكسي رام إن حماية شبه جزيرة كولا هدف مهم لروسيا نظرًا لتمركز غواصات الصواريخ الإستراتيجية هناك. وحسب الخبراء، فإن انضمام فنلندا والسويد إلى الناتو يفرض على روسيا إنشاء جيش جديد لمواجهة الوضع الجديد.
تحصين الحدود
ويرى الكاتبان أن الجيش المذكور سيضم كتائب وأفواجا وفرقا يخضع أفرادها للتدريب على العمليات القتالية في ظروف القطب الشمالي.
وقبل الإصلاحات العسكرية التي أجريت في بداية العقد الماضي، توضح إزفيستيا أن الاتجاه الشمالي الغربي كان من مسؤولية منطقة لينينغراد العسكرية، غير أن الإصلاحات التي أجريت تمخض عنها دمج دائرة لينينغراد العسكرية مع دائرة موسكو العسكرية ليتم على إثر ذلك تشكيل المنطقة العسكرية الغربية.
وحسب المؤرخ العسكري الروسي ديمتري بولتينكوف، فإنه في الوقت الذي كانت فيه السويد وفنلندا دولتين محايدتين، لم تكن هناك حاجة للاحتفاظ بعدد كبير من القوات في المنطقة، ولكن بعد انضمام فنلندا والسويد إلى حلف الناتو بات من الضروري تعزيز الاتجاه الشمالي الغربي.
وأضاف الخبير أن كتيبة المشاة الآلية 20 تتمركز في القطب الشمالي وكذلك اللواء 80 وكتيبة المشاة البحرية 61، مرجحًا تجميع الكتيبة 200 و80 في فرقة واحدة، كما أن إنشاء جيش في هذا الاتجاه سينتج عنه ظهور تشكيلات قوية منفصلة عن بعضها مثل فيلق الصواريخ وفيلق الدفاع الجوي وغيرها، وذلك سيؤدي إلى زيادة كبيرة في قدرات التجمع في المنطقة. ويرى بولتينكوف أن الدفاع عن شبه جزيرة كولا أمر مهم لروسيا نظرا لتمركز غواصات الصواريخ الإستراتيجية هناك.
ونسبت الصحيفة كذلك إلى الخبيرة في الشؤون العسكرية إينا فيترينكو قولها إن تحصين هذه الحدود مهم بشكل خاص في الوقت الراهن بسبب انعدام استقرار الوضع في أوروبا وعدم قدرة الأتراك على منع انضمام السويد إلى الحلف لفترة طويلة في ظل إمكانية تعرضهم لضغط يرغمهم على سحب حق النقض.
اتجاه حيوي
ولفتت الصحيفة إلى أن السنوات الأخيرة شهدت اهتمامًا متزايدًا من دول حلف شمال لأطلسي/الناتو بمنطقة القطب الشمالي، مشيرة إلى أن النرويج تقوم بتدريبات واسعة النطاق مرة كل عامين شارك فيها في ربيع عام 2022 أكثر من 30 ألف عسكري وأكثر من 200 طائرة و50 سفينة.
وفي العام الماضي قدّمت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن نسخة محدثة من الإستراتيجية الوطنية لمنطقة القطب الشمالي حتى عام 2032، أشير خلالها إلى الحاجة إلى تعزيز الوجود العسكري الأميركي في القطب الشمالي وتكثيف التدريبات مع الدول الشريكة وتحديث الدفاع الجوي لردع العدوان في القطب الشمالي من روسيا بشكل أساسي.
ومن جانبها، تجري القوات المسلحة الروسية تدريبات بانتظام في خطوط العرض القطبية، وعلى وجه الخصوص مناورات أومكا السنوية التي تتضمن تدريب الأفراد وإجراء البحوث القطبية. وفي العام الماضي، عقب نتائج التدريبات، أفادت وزارة الدفاع بأن طرادات الغواصات المزودة بصواريخ كروز “أومسك” و”نوفوسيبيرسك” التابعة لأسطول المحيط الهادي أطلقت أثناء وجودها على السطح صواريخ كروز المضادة للسفن من بحر تشوكشي كجزء من المناورات، كما انتقلت غواصة ماغادان إلى المحيط الهادي على طول طريق البحر الشمالي.
وفي الأول من يوليو/تموز أفادت الخدمة الصحفية للأسطول الشمالي بأن المجموعة القطبية الشمالية، التي تضم سفنًا حربية تابعة لأسطول كولا للقوات المتنوعة، ستقوم بحملة تقليدية في القطب الشمالي وبمجموعة من التدريبات التكتيكية على الساحل القاري والجزر وفي بحار المحيط المتجمد الشمالي. وقد شارك هذا الربيع نحو 15 سفينة وغواصة وسفن دعم، بقيادة المدمرة الأدميرال أوشاكوف، في التدريبات المعقدة.
القادمون الجدد
وقالت إزفيستيا إن الأسطول الشمالي استقبل في السنوات الأخيرة أحدث السفن التي أنشأتها الصناعة الروسية، وأصبح يضم أحدث حاملة صواريخ غواصة إستراتيجية لمشروع “بوريه أ” وغواصة نووية متعددة الأغراض تستخدم صواريخ كروز من مشروع 885 “ياسين إم”، و885 إم “ياسين إم”، وتحمل هذه الغواصة صواريخ كاليبر كروز وستكون مسلحة قريبا بصاروخ “تسيركون” الذي تفوق سرعته سرعة الصوت.
ويقر الكاتبان بأن قوات المنطقة العسكرية الوسطى والشرقية الواقعة في القطب الشمالي عززت مجموعة القطب الشمالي. وقد دخل الفيلق 14 للجيش الوحدات الساحلية من الأسطول كجزء من الكتيبة المنفصلة 80، مع العلم بأن مقاتلي الوحدات يجيدون القتال على الزلاجات واستخدام زلاجات الكلاب وبناء الأكواخ الثلجية.
وذكرا أن أنظمة الصواريخ الساحلية “بال” و”باستيون” تتمركز اليوم على جزر القطب الشمالي، كما أعيد بناء المطارات القطبية، ومن المنتظر نقل القوات إلى القطب الشمالي من مناطق أخرى برية وبحرية بشكل دائم.
وفي عام 2021، أثناء المناورات، قامت مفرزة من سفن الأسطول الشمالي بترتيب هبوط برمائي على طول طريق بحر الشمال. وفي مناطق مختلفة من القطب الشمالي، اقتحمت وحدات من المشاة البحرية الشواطئ القطبية.