أكدت الحكومة في فرنسا عزمها على “ضبط الشارع” بعد اضطرابات شهدتها خلال الاحتجاجات التي أشعلها مقتل الفتى نائل برصاص شرطي، تخللها أعمال عنف في عدد من المدن لم تشهدها البلاد منذ عقدين.
وفي مقابلة أجرتها معها صحيفة “لو باريزيان” تعهدت رئيسة الوزراء إليزابيت بورن باعتماد “وسائل مكثفة لحماية الفرنسيين” بمناسبة العيد الوطني الذي يوافق يوم الجمعة المقبل.
وسعيا لمنع تجدد أعمال العنف نهاية الأسبوع المقبل، أعلنت بورن حظر بيع المفرقعات للأفراد بعدما استخدمها مثيرو الشغب أحيانا ضد قوات حفظ النظام، مضيفة أنه من بين التدابير التي تدرسها الحكومة “فرض عقوبات على عائلات الشبان الذين يرتكبون أعمال عنف”.
وتتزامن تصريحات رئيسة الحكومة مع مشاركة الآلاف أمس السبت في حوالي 30 مظاهرات حاشدة ضد عنف الشرطة في باريس ومدن أخرى، ولا سيما مرسيليا (جنوب شرق) ونانت (غرب) وستراسبورغ (شرق) وبوردو (جنوب غرب).
وجات تلك المظاهرات تلبية لدعوة جمعيات مدنية ونقابات عمالية وأحزاب سياسية، حيث خرج فرنسيون في “مسيرات المواطنين” تعبيرا عن “الحزن والغضب” ضد عنف الشرطة ومقتل الفتى نائل في نانتير بالضاحية الغربية للعاصمة.
رغم الحظر
وقد تجمع ألفا شخص بهدوء في ساحة “لا ريبوبليك” في قلب باريس تكريما لذكرى أداما تراوري الشاب الذي قضى بعد قليل على توقيفه من قبل الشرطة في تموز/يوليو 2016.
وكانت الشرطة أعلنت قبل الظهر منع “تجمع غير معلن ينطوي على مخاطر إخلال بالنظام العام” مشيرة إلى صعوبة ضمان أمنه بسبب نقص في عديد قوات حفظ النظام بعد حشدها للتصدي لأعمال الشغب.
وألقت آسا شقيقة تراوري -التي باتت تجسد في فرنسا الكفاح ضد عنف الشرطة- كلمة أمام عدد من نواب حزب “فرنسا المتمردة” (يسار راديكالي) وهي محاطة بقوات أمنية.
وقالت “نسير من أجل الشباب، من أجل التنديد بعنف الشرطة. يريدون إخفاء قتلانا. فرنسا ليست في موقع إعطاء دروس أخلاقية. شرطتها عنصرية، شرطتها عنيفة”. لكن السلطات فتحت تحقيقا بحقها لتنظيمها هذا التجمع.
ومن ناحية أخرى، دعت نحو 100 جمعية ونقابة وحزب سياسي من اليسار إلى “مسيرات المواطنين” هذه للتعبير عن “الحداد والغضب” والتنديد بالسياسات “التمييزية” ضد الأحياء الشعبية، والمطالبة بـ “إصلاح عميق للشرطة”. لكن الحكومة لم تكترث بهذه الدعوات إلى التظاهر “في المدن الكبرى التي لم تتعاف بعد من أعمال التخريب”.
في غضون ذلك، احتجت وزارة الخارجية السبت على تصريحات لجنة خبراء أمميين انتقدوا بشدة الجمعة طريقة تعامل قوات الأمن مع أعمال الشغب ودعوا إلى “حظر التنميط العنصري” معتبرة أن تلك التصريحات “مبالغ فيها ولا أساس لها” مؤكدة “تكثيف مكافحة تجاوزات التدقيق الموصوف بأنه مبني على الملامح”.
وكانت لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري -الجمعة- قد طالبت من فرنسا بضمان أن يكون التحقيق في مقتل الفتى نائل “شاملا وغير متحيز” داعية إياها إلى حظر “التنميط العنصري”. كما أبدى خبراء اللجنة أسفهم حيال أعمال النهب والتخريب التي تلت الواقعة، وأيضا إزاء “التقارير بشأن اعتقالات واحتجازات واسعة النطاق لمتظاهرين”.
وقد ألقت أعمال العنف الأخيرة الضوء على المشكلات التي يعاني منها المجتمع الفرنسي، من تردي أوضاع أحياء الضواحي الشعبية إلى تدهور العلاقات بين الشبان وقوات الأمن. وقالت جنفياف مانكا المتقاعدة التي كانت تتظاهر في ستراسبورغ “كفى الضربات بأعقاب البنادق والرصاص المطاط (المستخدم لتفريق المتظاهرين) إننا بحاجة إلى شرطة محلية”.