يصدر عن دار الرافدين للنشر، ترجمة عربية لكتاب سيرة ذاتية بعنوان “تقرير من الداخل” للكاتب الشهير بول أوستر، والذى نقله إلى اللغة العربية المترجم أحمد زياد ناصر.
يكرس بول أوستر فى كتابه “تقرير من الداخل” كتابه للإضاءة على حنايا ذهنه كما تستعيدها الطفولة، ويمكن عد الكتاب تاريخا لتطور المؤلف النفسى، حيث “حكاية الشتاء” تاريخ لتطور جسد الكاتب.
الطفولة هنا هى البطل المطلق، وبالقدر الذى توحى فيه الأحداث، بأن الكاتب قد عاش طفولة ثرية بالوقائع والاختلاط، فإنك تخرج بانطباع حاسم بأن الحقيقة الوحيدة هى عزلة الكائن البشرى فى عالم يجاهد ليبدو متماسكا، بالأخص فى فصله الأول حين يستعرض أوستر بأريحية هواجس الطفل الذى يرى النجوم ألغازا، والمقص كائنا يمشى، والتلفاز ابن عم لأبريق الشاي، أو حين يرى نفسه ذاتها محض “حبة بقول بشرية”.
لا يمكن لطفل يكتب قصيدته الأولى بعمر التاسعة إلا أن يكون منعزلا بما يكفى وإن بدا صخف التجارب الاجتماعية المدرسية يدحض ذلك ظاهريا، ظلال من حرب كوريا، وأخرى عن شعوره بالإذلال من نوبات تبول لا إرادى، وثالثة عن تبلور شخصيته قبيل البلوغ عبر هوسه بالسينما.
الداخل الذى هو القرين لعزلتنا، الحقيقة الوحيدة المؤكدة للكائن في حياته الأرضية، الداخل الذى نهرب إليه من كل ما يخترق صفاء لحظتنا النادرة، المبددة بلا شفقة، على مذبح التواصل الشبكى التكنولوجى اللانهائى.
فى الفصل الأخير من الكتاب يورد بول أوستر رسالة إلى حبيبته / زوجته لاحقا، ليديا ديفيس: “بالنسبة لي، مشكلة العالم هى أولا وقبل كل شيء مشكلة ذاتية” ولا يمكن تحقيق الحل إلا من خلال البدء من الداخل”.