صدر حديثا ديوان “أثقل من جبل يتمشى” للشاعر والكاتب الصحفي محمد البديوي، وذلك عن سلسلة إبداعات بهيئة قصور الثقافة.
ويعد الديوان هو الأول للشاعر الذي يقيم حاليا في الولايات المتحدة، ويتكون من 23 قصيدة، وتعد الغربة هي الملمح الأساسي الذي ينعكس على القصائد بدءا من الإهداء الذي يصف فيه الغربة بأنها “ابتسامته التي لا تفارقه”، وفي القصائد حيث يقول في “وحيد بما فيه الكفاية”.
لم أعانِ بما يكفي في طفولتي
كل ما في الأمر
أن القسوةَ صَنعت من جلدي حذاء
وأنّ البيوتَ القديمة طبعت خشونتَها في الحلْق
وأنّ الشياطين التي عاشت على سقف غرفتي
لا زالت تزورني في الغربة.
ويبدأ الديوان بقصيدة عن الموت بعنوان “عين لا تنام” كما يختتم الشاعر ديوانه بقصيدة أخرى عن الموت “كأن الموت يسكنني”، وتقدم عناوين القصائد الأخرى دلالات على التجربة مثل “البيت يضيق عليك” و”عابر سبيل” “المهاجر” “مرضي لا يعرفه غيري”، “وحيد بما فيه الكفاية”، “ماذا ينقصني”، “قلقي”، “مرضي لا يعرفه غيري”.
الانتقال للولايات المتحدة
وقال الشاعر محمد البديوي: كتبت معظم هذه القصائد في السنوات الثلاثة الأخيرة، كانت الكتابة هي طوق النجاة الوحيد، بدأت كتابة الشعر عندما كنت في السابعة عشر من عمري، انتقلت من قرية شطورة بسوهاج إلى القاهرة من أجل الشعر، فنسيت الكتابة ونسيت الشعر لأكثر من 10 سنوات، ثم انتقلت إلى الولايات المتحدة في 2018، فكانت قصائد هذا الديوان.
وفيما يلي قصائد قصيرة من الديوان
الخفيّ
رجلٌ خفي
يجوب شوارعَ هذي البلادِ البعيدة
يلبس أحلامَه والهزائم
يقبض على الضحكة بإصبعٍ
وعلى الطريق بملقاط
يهتف للجحيم
للشياطين
ولا يَذكر القتلةَ إلا بكل خير.
رجلٌ خفي
يستوي على مَهَل
على نارٍ هادئة
يركض في خلفيات الموسيقى
يدوس على أحذية العابرين
يغيّر محطةَ الإذاعة بإيماءةٍ
وعقاربَ الساعة بنظرةٍ
يقلب النهارَ إلى الليل
والليلَ إلى بحيرةٍ
والبحيرةَ إلى سمكٍ
ويغسل الشوارعَ بأوراق الجرائد
والمكتباتِ بثوبه القديم
ويكنس الزحامَ بمكنسةٍ كهربائية
“في منتصف الليل”
ماذا يفعل رجلٌ في منتصف الليل
“يطوّح” ساعته.. والبذلة
يخلع وجهًا كان وسيمًا وذكيًا- في أيام العمل الأسبوعي-
ويجري في منتصف الشارع في واشنطن
لا فرقَ إذا دهسته العرباتُ فمات
أو انفجر مِن الضحك فمات
أو إنْ كانت خُطبته في “البار” عن الدينِ
عن القهوةِ
والخونةِ
والأزياء
عن المستقبل
“كذبت على ضميري”
ولد
ينام على السرير
فلا يرى غير النبوة،
يشكر الأيام إن لعبت به..
ويروح خلف صغيرة
ضحكت عليه
فعلمته الحزن
حتى ما رأى شيئا سواها
يا صغيرة
كيف نخرج في المساء لظل شارعنا
ونكذب في الصباح
أنا كذبت على ضميري ذات يوم
وانتظرتك
محمد البديوي شاعر وصحفي مصري من مواليد قرية شطورة محافظة سوهاج عام 1986، ويقيم في العاصمة الأمريكية واشنطن بالولايات المتحدة منذ 2018، ونشرت له قصائد بعدد من المجلات المصرية والعربية.