أصبحت إفريقيا مؤخراً محل اهتمام الكثير من دول العالم من بينها إيران، حيث بدأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، الأربعاء زيارة نادرة لإفريقيا، تسعى طهران من خلالها لتنويع العلاقات الاقتصادية في مواجهة العقوبات الأميركية الصارمة على إيران.
زيارة هي الأولى من 11 عاماً
وتعد زيارة الرئيس إبراهيم رئيسي إلى كينيا الأربعاء هي الأولى من نوعها إلى القارة الأفريقية من قبل زعيم إيراني منذ 11 عاماً، ومن المتوقع أن يزور أوغندا وزيمبابوي ويلتقي برؤساء الدول الثلاث.
وأظهر مقطع فيديو نشرته الرئاسة الكينية على وسائل التواصل الاجتماعي حرس الشرف وهم يستقبلون رئيسي في القصر الرئاسي قبل أن ينضم لاجتماع مع روتو.
وقالت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان فور وصوله إن زيارة رئيسي تهدف إلى “تعزيز الدبلوماسية الاقتصادية وتقوية العلاقات السياسية مع الدول الصديقة والمتحالفة وتنويع وجهات التصدير”.
وجدير بالذكر أن كينيا هي المركز الاقتصادي لشرق إفريقيا وحليف للولايات المتحدة، حيث زارت زوجة الرئيس جو بايدن البلاد في وقت مبكر من هذا العام.
وأفادت وكالة الأنباء الإيرانية “إرنا” بأنه يرتقب أن يتم التوقيع على وثائق مهمة للتعاون الثنائي بين إيران وكينيا في وقت لاحق الأربعاء، بحضور زعيمي البلدين.
ووصف رئيسي زيارة لكينيا بأنها “منعطف في تنمية العلاقات بين البلدين”، وقال إن محادثاته مع روتو “تعكس عزم وتصميم البلدين على توسيع التعاون الاقتصادي والتجاري، والتعاون السياسي، والتعاون الثقافي”.
من جهته، وصف روتو إيران بأنّها “شريك استراتيجي مهمّ لكينيا” وقال إن حكومتي البلدين وقّعتا خمس مذكرات تفاهم تركّز على قطاعات من بينها تكنولوجيا المعلومات وتعزيز الاستثمار ومزارع تربية الأسماك.
وقال “هذه المذكّرات ستعزز وتعمّق بدرجة أكبر علاقاتنا الثنائية من أجل النمو المستدام والتنمية بين بلدينا”.
وصرح روتو أمام الصحفيين أنّ رئيسي قدّم أيضاً خططاً لإيران لإقامة منشأة في مدينة مومباسا الساحلية “لتصنيع عربة إيرانية أطلق عليها الآن بلغة كيسواهيلي اسم +كيفارو+ أي وحيد القرن”.
ماذا تريد إيران من إفريقيا؟
ومن المنتظر أن يتوجّه رئيسي إلى أوغندا لإجراء محادثات مع نظيره يويري موسيفيني، ثم يلتقي ورئيس زيمبابوي إيمرسون منانغاغوا، الخميس.
وقبل سفره إلى كينيا، قال إبراهيم رئيسي الثلاثاء، في تصريحات نقلتها وكالة “إرنا” إن حصة إيران في الاقتصاد الإفريقي “يجب أن تزيد”، مضيفا أن “حصتنا من الاقتصاد الإفريقي ضئيلة جدا، حجم الاقتصاد الإفريقي يبلغ 1200 مليار دولار، بينما حصتنا منها لا تتجاوز ملياراً و200 مليون دولار”.
وحدد مجالات التعاون المحتملة بين إيران وإفريقيا، قائلاً: “هناك مجالات جيدة جداً للتعاون في مجال الزراعة وتصدير الخدمات الفنية والهندسية”.
واعتبر أن الدول الإفريقية مستعدة ومهتمة للغاية بالعمل مع إيران، متهماً دولاً غربية دون تسميتها بـ”اعتماد نظرة استعمارية للدول الإفريقية”، فيما قال إن نظرة إيران لهذه القارة “مبنية على الكرامة الإنسانية والتكامل”.
وترغب السلطة في إيران تطوير العلاقات الاقتصادية مع إفريقيا، لتيسير استبدال بعض التجارة الخاضعة للعقوبات مع الاقتصادات الغربية.
وفي الشهر الماضي، قام الزعيم الإيراني بأول زيارة له إلى أمريكا اللاتينية، وتوقف في فنزويلا وكوبا ونيكاراجوا، وفي مارس، اتفقت إيران والمملكة العربية السعودية على إعادة العلاقات الدبلوماسية في اختراق دبلوماسي كبير.
وتخوض إيران مواجهة متنامية مع الدول الغربية بشأن برنامجها النووي، الذي أحرز تقدما كبيرا في السنوات الخمس التي أعقبت إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب انسحاب واشنطن من اتفاق دولي يقيدها.
واتهمت الولايات المتحدة إيران الشهر الماضي بتزويد روسيا بالمواد اللازمة لبناء مصنع للطائرات بدون طيار في الوقت الذي تسعى فيه موسكو للحصول على أسلحة لحربها المستمرة على أوكرانيا، بينما قالت إيران إنها زودت روسيا بطائرات مسيرة قبل بدء الحرب لكن ليس منذ ذلك الحين.
وانضمت إيران، مطلع يوليو الجاري، رسمياً إلى “منظمة شنغهاي للتعاون”، وسط آمال بأن تساعدها القوة الاقتصادية للتكتل الآخذ في التوسع بقيادة الصين وروسيا، في تخفيف العقوبات الغربية عليها.
عنصر في أفريقيا مهم لإيران
وفي هذا الصدد قال الدكتور أحمد السيد أحمد خبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن زيارة الرئيس الإيراني إلى 3 دول في إفريقيا تأتي في سياق الاهتمام الإيراني بالقارة الإفريقية، حيث إن هناك تواجد إيراني في القارة الإفريقية ضمن ما نسميه “التنافس الدولي على إفريقيا”.
ولفت خبير العلاقات الدولية: تتنافس القوى الكبرى على التواجد السياسي والاقتصادي والأمني في أفريقيا ، مشيراً إلى التواجد الروسي والياباني والصيني والأوروبي، وتنافس القوى الإقليمية مثل تركيا وإيران وإسرائيل وغيرها من الدول التي تسعى لأن يكون لها موطئ قوة في إفريقيا لاعتبارات سياسية واستراتيجية واقتصادية.
وأضاف خبير العلاقات الدولية خلال تصريحات لـ”صدى البلد”، أن إيران تسعى لبناء شراكات مع الدول الافريقية والبحث عن أسواق افريقية للسلع لبيع المنتجات الإيرانية، لافتاً إلى أن إيران فرض عليها عقوبات غربية كثيرة طوال السنوات الماضية وكانت تعتبر أن العلاقات مع دول أفريقيا تمثل خروجاً من هذه العقوبات، كما أن هناك ايضاً حجم استثمارات إيرانية كبير في الدول الأفريقية، كما أن إيران مثلها مثل تركيا تسعى لاستثمارات لإقامة علاقات مع الدول الأفريقية لتعزيز نفوذها في القارة الأفريقية.
ولفت: تسعى إيران أيضاً على المستوى السياسي لكسب دعم الدول الأفريقية في الأمم المتحدة؛ لأنها تمثل قوة كبيرة لدعم إيران لمواجهة إمريكا والعقوبات المفروضة عليها، كما أن التواجد الإيراني في أفريقيا هو جزء من التنسيق بين المحور الثلاثي الإيراني الصيني الروسي، باعتبار أن أفريقيا هي القاطرة الاقتصادية للعالم وهناك موارد هائلة في أفريقيا تسعى إيران للحصول عليها مثل “اليورانيوم” لبرنامجها النووي لتخصيب اليورانيوم.
وتابع: توجه إيران نحو أفريقيا ليس محصورا فقط على الجانب الاقتصادي أو السياسي وإنما إيضاً في الجانب الأمني، حيث إن إيران تسعى لأن يكون لديها تواجد عسكري بأفريقيا، فضلاً عن البعد الديني في السياسية الإيرانية داخل القارة، فهناك كثير من الغالبية الإسلامية الإيرانية بالقارة السمراء خاصة في السنغال ونيجيريا.
واختتم: إيران تسعى لتعزيز التواجد الشيعي الديني في القارة الإفريقية، وبالتالي هناك أبعاد سياسية ودينية وعسكرية واقتصادية وأمنية وهذا ما يقف وراء هذه الجولة.