ربط بول مرقص، أستاذ القانون الدولي ورئيس منظمة “جوستيسيا” الحقوقية، تحقيق المحكمة الجنائية الدولية في الجرائم والفظائع التي ارتُكبت في إقليم دارفور بالأجواء داخل مجلس الأمن الدولي، لكنه أضاف أن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان أطلق صرخة مدوية بهذا الخصوص.
وقال إن توثيق المحكمة الجنائية للجرائم والفظاعات التي ترتكب ضد المدنيين في دارفور (غربي السودان) وكل ما ينتهك اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 يمكن أن يؤدي إلى محاكمة مرتكبي تلك الجرائم، إذا استمرت الأجواء إيجابية داخل مجلس الأمن الدولي.
وقال إن مجلس الأمن هو الممر السياسي الإلزامي للعدالة الجنائية الدولية، معربا عن أسفه لكون المحاسبة القانونية يجب أن تمر بهذا الباب السياسي.
وكان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان أعلن -أمس الخميس- أن المحكمة فتحت تحقيقا جديدا بشأن “جرائم حرب” في دارفور. وجاء ذلك بعد أن كشفت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان عن أن 87 جثة دُفنت في مقبرة جماعية بمدينة الجنينة مركز ولاية غرب دارفور، تنفيذا لأوامر قوات الدعم السريع.
وحسب الكاتب والباحث السياسي السوداني محمد تورشين، فإن قرار المحكمة الجنائية بفتح تحقيق هو تطور مهم للغاية، يؤكد رغبة المحكمة في إحقاق العدالة في الإقليم السوداني، معربا عن أمله في أن تستجيب السلطات السودانية وتتعاون بشكل جاد مع المحكمة الجنائية.
وتوقع أن الاتهامات الخطيرة التي وجهت لقوات الدعم السريع بشأن فظائع دارفور ستدفع قوى إقليمية ودولية إلى مراجعة موقفها من الدعم السريع التي قال إن الانتهاكات من صميم تركيبتها البنيوية.
وبشأن موقف واشنطن من خطوة المحكمة الجنائية الدولية، أوضحت السفيرة سوزان بيج -نائبة مساعد وزير الخارجية الأميركية السابق- أن الولايات المتحدة الأميركية قدمت الدعم للمحكمة الجنائية.
وأبدت واشنطن في وقت سابق ترحيبها بإعلان المحكمة الجنائية الدولية أن ما شهده غرب دارفور من فظاعات بحق المدنيين سيكون محل تحقيقات ومساءلات قضائية، وحمّلت واشنطن قوات الدعم المسؤولية عن تلك الانتهاكات.
المسؤولة الفردية
وأشارت سوزان إلى أن كل ما يحال إلى المحكمة الجنائية الدولية له علاقة بالمسؤولية الفردية، ومن ثم يكون الحديث عن الأفراد والأشخاص الذين ارتكبوا الفظائع، وأقرت في السياق نفسه بأن بيان وزارة الخارجية الأميركية وجه الاتهام لقوات الدعم السريع بوصفها كيانا وليس أفرادا مسؤولين.
وأضافت أن الجنائية الدولية مبنية على أساس المسؤولية الجنائية الفردية بموجب النظام التأسيسي لها، وعليه لو استمرت التحقيقات والمحاكمة، فستكون الإدانة لأفراد ارتكبوا الجرائم في دارفور وليس لقوات الدعم.
من جهته، يرى مرقص أن ما قالته سوزان صحيح من ناحية المبدأ، لأن نظام روما لعام 1998 الذي أنشئت على أساسه المحكمة الجنائية الدولية الدائمة يلقي المسؤولية الفردية على الأشخاص الطبيعيين وليس على الكيانات، لكن إذا أُدين مسؤولون أو جنود أو قادة، فإن هذه الإدانة تنسحب على الكيان أو المنظمة أو الدولة التي يمثلها هؤلاء.
وعن العوائق التي يمكن أن تعرقل عمل المحكمة الجنائية، قال مرقص إنها تتعلق بتغير المصالح السياسية الدولية المتمثلة في الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، مرجحا أن خطوة المدعي العام للمحكمة قد تحفز المسار السياسي لحل أزمة السودان.