منذ أيام قليلة انتهيت من قراءة كتاب يحمل نفس العنوان وهو ( إمبراطورية الفناء) وعلى مدى رحلة طويلة أخذنا فيها الكاتب عبر تاريخ الإمبراطوريات العظمى ، كان يهدف من خلال رحلته الى جانب التشويق بالطبع ، كان يريد أن يخرج لنا بحقيقة ماستصل اليه ماأطلق عليها “الامبراطورية الامريكية” والتى وصفها بامبراطورية الفناء .
ورصد الكاتب الامريكى الجنسية الانجليزى المسكن والمنشأ رصد عبر اكثر من ٣٠٠ صفحة ، عظات ومواقف كانت فشة النهاية أو كما يقال القشة التى قصمت ظهر البعير . كان سرده مستندا لأدلة وبراهين ، وكل كلمة ذكرها كانت مقننة وملحقة بمستندات واسانيد .
الامبراطوريات التى ولى عهدها وانتهت كانت تسير كما تفعل الولايات المتحدة حاليا ومنذ نشأتها وقيامها منذ مايقرب الثلاثة قرون . فسياسة القطب الأعظم واحدة رغم اختلاف الرؤساء واختلاف لونهم ، لأن محركهم الاعظم هو الكونجرس الامريكى واللوبى اليهودى.
فواشنطن تنتهج سياسة “أنا ومن بعدى الطوفان” ، وذلك يتضح فى كل معاملاتها الخارجية ، وايضا برهن الكاتب على انتهاج الولايات المتحدة سياسة” العصا والجزرة” فى كل تعاملاتها مع كافة الدولة ؛ ؛ حتى بريطانيا فقد عاملتها واشنطن بنفس الاسلوب حتى لاتخرج عن حظيرتها وتظل دوما تابعا مطيعا فى كل الاوقات والازمات .
وبرهن الكاتب على سياسة الولايات المتحدة المتواصلة فى التأجيج واثارة الفتن والقلاقل فى الدول ذات الاهمية الاقتصادية الكبرى، وللاسف ذات النمو السكاني المرتفع والجهل والبطالة . وأعطى فى كتابه الشيق أدلة كثيرة على نجاح واشنطن فى قلب اوضاع دول كثيرة واعادتها الى عصور ماقبل الثورة الصناعية؛ كالعراق ، وليبيا ، وأعادنا بالتاريخ الى حرب فيتنام ،والحرب الامريكية اليابانية ، واستخدام واشنطن للسلاح النووى لارغام اليابان على الاستسلام ، وردا ايضا على قصف اليابانيين لميناء بيرل هاربر الامريكى ، ووصف الكاتب القاء القنبلتين الامريكيتين على جزيرتي نجازاكي وهيروشيما اليابانيتين بقمة تعدى المبادىء الانسانية ، مستشهدا بذلك على أن العقلية الامريكية عقلية انتقامية بالدرجة الأولى.
امتد حديثه عن إلقاء الولايات المتحدة الأمريكية او استخدامها قنابل عنقودية ضد كمبوديا والتى لاتزال تحصد آثارها السيئة على البشر والحجر والشجر حتى الان وربما لأجيال قادمة . ومن بين صفحات الكتاب الشيق كان جزءا كبيرا عن الحرب الروسية الاوكرانية والدور الامريكى المستمر لتأجيجها واستمرارها أمدًا طويلا وأجلا غير معلوم .
وتوقف الكاتب عن امداد واشنطن لكييف بقنابل عنقودية ويذكر ويتذكر معه ايضا رئيس كمبوديا عبر رسالة حزينة الى الرئيس الاوكرانى فولوديمير زيلينسكى بعواقب هذا النوع من الاسلحة المحرمة انسانيا ، ويرسل اليه بصور لبشر مشوهين ، واراضى جرداء ؛ وايضا اماكن ملغومة بهذه القنابل جعلت من الاعمار والحياة امورا مستحيلة . يتساءل الكاتب فى خواتيم مؤلفه عن اسباب هذه السياسات ، ليبرهن بما رصده لاحقا بأن الامبراطوريات تنهى نفسها بنفسها ، وقمة التوسع هى بداية الفناء ، وأن الاستقطاب الأوحد هو بداية الانزلاق الى الهاوية .
ويخلص الكاتب إلى نتيجة مؤكدة وهى ان الامبراطوريات غير الحضارية او التى لم تقم على أسس وقيم حضارية هى امبراطوريات وقتية وليست دائمة ، ويقول أيضا أن سعى هذه الامبراطوريات لافناء دول والقضاء على شعوب يعد هدفا رئيسيا لاستمرارها؛؟ كما أنه يكون عنصرا رئيسيا فى زيادة حجم الكراهية لهذه الامبراطوريات ، لتصل لمرحلة التآكل المجتمعى والفناء والتحلل .