يقف أوليغ مرتديا زيا عسكريا مموها وحاملا بندقية كلاشنيكوف عند معبر حدودي مغلق بين أوكرانيا وبيلاروسيا، ويؤكد أنه يلتزم اليقظة رغم أنه لم يرَ حتى الآن أي إشارة لوجود مقاتلي شركة فاغنر الروسية على الطرف المقابل من الحدود.
وأعلن الجيش الأوكراني تعزيز حماية الحدود مع بيلاروسيا بحفر خنادق وزرع ألغام، بعد الأخبار عن انتقال عدد من مقاتلي فاغنر إلى البلد المجاور إثر تمردهم الفاشل في روسيا.
وكانت وزارة الدفاع الأوكرانية قد أعلنت أن قافلة كبيرة تضمّ 60 شاحنة وحافلة ومركبات كبيرة نقلت في ساعة مبكرة من صباح السبت مقاتلين من فاغنر إلى قاعدة عسكرية في بيلاروسيا.
ويقوم أوليغ (26 عاما) بدورية في معبر سلافوتيش الحدودي المغلق منذ 24 فبراير/شباط من العام الماضي، عندما دخلت القوات الروسية منطقة تشيرنيغيف (شمال) من بيلاروسيا في بداية الحرب، ويقول إن أوكرانيا مستعدة “لصد” القوات الروسية بما في ذلك فاغنر.
ويضيف العسكري متحدثا للفرنسية منذ تعرضنا “للطعن في الظهر من أراضي بيلاروسيا”، لا نستبعد احتمال وجود بعض التحركات أو نشر مقاتلين من فاغنر على الأراضي البيلاروسية.
ولا يزال الغموض يحيط بمصير قوات المجموعة العسكرية الروسية منذ إبرام اتفاق بين موسكو ومينسك ينص على انتقال عناصر من فاغنر إلى بيلاروسيا.
وأكدت وزارة الدفاع البيلاروسية الجمعة أن بعض عناصر فاغنر على الأقل وصلوا وباتوا يعملون “مدربين” لجيشها.
لكن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قلل من أهمية هذه الخطوة، قائلا إن أوكرانيا “تراقب من كثب التطورات هناك من منظور أمني، وفي الوقت الحالي، لا توجد تهديدات كبيرة”.
نشاط في الغابة
وأثناء القيادة جنوبًا إلى قرية دنيبروفسكي القريبة، يمكن ملاحظة علامات نشاط في الغابة لرجال يرتدون ملابس مموهة وتحصينات، إضافة إلى دمى بشرية موضوعة على جانب الطريق.
ويضمّ الشارع الرئيسي في القرية متجرين ونصبا تذكاريا للحرب وكنيسة.
صادفنا فيكتور كورين (76 عاما) أثناء ذهابه إلى المتجر لشراء أغراض، وأوضح برسم خطوط على الأرض بعصاه مدى قرب منزله من نهر دنيبر الذي يشكل الحدود.
ويقول “بالطبع أنا متوتر. لأنه قريب جدا. هناك نهر بالقرب منا، وحدود، وهؤلاء الملاعين يقاتلون على الجانب الآخر من الحدود”، في إشارة إلى الروس.
وينتقد قائد فاغنر يفغيني بريغوجين لإنهائه تمرده على موسكو وتحالفه مع الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو.
ويتساءل الشيخ “كان ذاهبا إلى موسكو ولم ينجح.. لماذا لم يهزمهم؟”.
من جانبه، يقول إيليا بوبوك (20 عاما) وهو يرتب رفوفا في محل بقالة، إنه واثق بقدرة أوكرانيا على الصمود أمام أي هجوم جديد.
ويضيف “في المرة الأولى استفادوا (الروس) من عنصر المفاجأة. الآن أعتقد أن ذلك لن ينجح. لدينا أناس مدربون على القتال. رجال شجعان. أعتقد أن ليس هناك ما نخشاه”.
ويتابع بنبرة واثقة “قد يحاولون لكنهم سيخرجون من هنا بسرعة كبيرة”.
وتبدي صاحبة المحل كاترينا بوبوك (37 عاما) ثقة مماثلة بقوات أوكرانيا، وتقول “كيف يمكن أن نكون متوترين وقد رأيتم الرجال الذين يحموننا؟”.
وتؤكد المرأة أنها سمعت في الأخبار عن احتمال وجود قوات فاغنر في بيلاروسيا، لكنها لم تر “مؤشرات إلى أن أي شيء قد تغير، بل إن الوضع أهدأ قليلا، وهو أمر مثير للقلق بعض الشيء”.
تحت السيطرة
على الحدود، تنمو حشائش على الطريق الإسفلتي وبدأت تظهر علامات صدأ في مباني الجمارك.
وقبل الحرب، كانت تمر حوالي 500 مركبة يوميا عبر نقطة العبور.
وصباح أول أيام الغزو في 24 فبراير/شباط، فجّر حرس الحدود الأوكرانيون جسرا على الطريق فوق نهر دنيبر الذي يشكل الحدود مع بيلاروسيا.
رغم ذلك، تمكّنت القوات الروسية من دخول منطقة تشيرنيغيف في ذلك اليوم، ودار قتال عنيف حتى انسحبت في أبريل/نيسان 2022، ولا تزال المنطقة تتعرض للقصف بين الفينة والأخرى.
ويقول الجندي أوليغ إن القوات الأوكرانية تقدر وجود زهاء ألفي عسكري من الجيش الروسي على الأراضي البيلاروسية، بالإضافة إلى طائرات ومروحيات.
لكنه يشدّد على أن الوضع على الحدود “تحت السيطرة وهادئ، لا نسجل أي استفزازات من الجانب البيلاروسي”.