تتأثر جميع دول العالم بالتغيرات المناخية وما يرتبط بها من ارتفاع درجات الحرارة واحتباس الأمطار، الذي أدى إلى قلة الايرادات المائية.
ومن بين أكثر المتضررين من هذه التغيرات المناخ العراق وسوريا بما يعيشاه من أزمة كبيرة، تتعلق بتراجع منسوب المياه داخل نهر الفرات، الذي يربط بين تركيا وسوريا والعراق، وهو ما ظهر بوضوح خلال السنوات الأخيرة.
وتستمر الأزمة بين تركيا وسوريا والعراق، على حصة مياه الفرات، ولكن تسعى تركيا دائما لايجاد حلول مشتركة لحل مشكلة المياه والاعتداءات المتكررة.
وعانى العراق من شح المياه خلال العام الجاري، وهناك انخفاض في منسوب نهري دجلة والفرات بنسبة تصل لأكثر من 50%.
تعطيش سوريا والعراق من الفرات
وتواصل تركيا بناء السدود الضخمة على أراضيها وتعبئتها من مياه نهري دجلة والفرات قرب الحدود مع سوريا والعراق، ما يضع كلا البلدين الحدوديين معها في مواجهة مع مشاكل جديدة تتعلق بالتغيرات المناخية والزراعة.
وفي هذا الصدد، التقى الرئيس السوري بشار الأسد، اليوم الأحد، مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، وتم عقد مؤتمر صحفي مشترك في العاصمة دمشق.
وقال الرئيس السوري خلال كلمته في المؤتمر الصحفي، إن العراق وقف إلى جانب سوريا خلال الحرب، التي وصفها بالإرهابية.
وتابع الرئيس السوري:” بعض دول الجوار تورطت بشكل مباشر في دعم الإرهاب، إما لأسباب توسعية أو لأسباب عقائدية متخلفة، إضافة للتحدي الأكبر وهو سرقة حصة سوريا والعراق من مياه نهري دجلة والفرات وما يعنيه هذا الشيء من عطش وجوع”.
على الجانب الأخر قال رئيس الوزراء العراقي إن بغداد تعمل مع كل الدول الداعمة للاستقرار على تعافي سوريا اقتصاديًا وأن هذا من مصلحة العراق، ولا مجال لترك سوريا وحدها.
عدم لجوء تركيا للقانون الدولي
وأشار محمد شياع السوداني إلى أن التنسيق الدائم بين العراق وسوريا هو السبيل الأمثل لمواجهة التحديات المشتركة وخاصة الإرهاب ونقص المياه.
ويقول الدكتور رائد العزاوي، رئيس مركز الأمصار للدراسات الاستراتيجية، إن هناك مشكلة حقيقية تقوم تركيا بافتعالها في علاقتها مع العراق وسوريا، ومنها موضوع المياه، حيث تتخذ تركيا مواقف عدائية فيما يتعلق بحصة المياه، ولا تريد ان تلجأ إلي القانون الدولي فيما يتعلق بحصص المياه لدول المصب، ومنها سوريا والعراق.
وأضاف العزاوي- خلال تصريحات لـ “صدى البلد”، أن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يعرف جيدا أن هناك اجراءات تتخذ لتحديد حصص المياه، وحديثه أيضا عن سرقة حصة العراق من مياه الفرات يحتاج الكثير من العمل من قبل البلدان الثلاثة لإيجاد حل منطقى لهذه الأزمة، وذلك لأن سوريا والعراق دخلتا بالفعل في مسألة فقر مائي بسبب سياسات تركيا ببناء عدد من السدود دون التنسيق مع العراق وسوريا.
وأشار العزاوي، إلى أنه يجب على العراق وسوريا القيام بجهود مشتركة تجاه تركيا لإعادة حصصهما من مياه الفرات.
وسبق، وكشفت الحكومة العراقية، اليوم الأحد، أن المخزون المائي في البلاد بات على المحك، وأن واردات المياه من تركيا وسوريا وإيران أقل من 70% من الحصة السابقة.
الأزمة تتفاقم دون حلول جذرية
ووفقا لوسائل الإعلام العراقية، حذرت وزارة الموارد المائية بالعراق، من نقص المياه في المحافظات الجنوبية، لافتة إلى إطلاق كميات من الخزين المتاح في سد دوكان لتعزيز واردات نهر دجلة.
وذكرت الوزارة في بيان، أن” قلة الإيرادات المائية أدى إلى انخفاض حاد في الخزين المائي في البلاد تزامنا مع قلة الأمطار وزيادة الطلب على المياه لتأمين ري المحاصيل الزراعية للموسم الشتوي الحالي، والتي تجاوزت الخطة المقررة، وذلك بسبب عدم التزام المزارعين بالمساحات الزراعية المقررة وفق الخطة الزراعية التي أقرت على المياه السطحية وعدم الالتزام بتطبيق نظام المراشنة، كل ذلك أدى إلى تأثر بعض المناطق في المحافظات الجنوبية بقلة الإيرادات المائية”.
وأكدت الوزارة خلال البيان: “اتخاذها إجراءات بشأن اطلاق كميات من الخزين المتاح في سد دوكان لتعزيز واردات نهر دجلة، وقد وصلت بوادر الزيادة مؤخرا لسدة الكوت”، مبينة أن “كميات المياه المؤمنة في نهري دجلة والفرات تغطي الحاجة وجميع المتطلبات الزراعية ومياه الشرب وكل المتطلبات الأخرى”.
جدير بالذكر، أن السلطات العراقية، أكدت أن البلاد تعاني من أزمة مياه تتفاقم يومًا بعد يوم، وذلك بدءًا من عدم التزام كل من تركيا وإيران بالاتفاقيات الدولية الموقعة والضامنة لحق كل دولة في الحصص المائية وتعديهما على حصص العراق، مرورًا بظروف داخلية مثل الفساد وسوء الإدارة والمحسوبية، وصولاً إلى مشكلة التغير المناخي وتقلص كميات الأمطار.
وأصبح العراق أرض دجلة والفرات وبلاد الهلال الخصيب يُعاني العطش للموسم الثالث على التوالي، مما أدى إلى تفاقم أزمة المياه التي تعتبر من أشد المخاطر الأساسية في العراق، ويعتمد العراق بشكل أساسي في تأمين المياه على نهري دجلة والفرات وروافدهما التي تنبع جميعها من تركيا وإيران، وقد أدّت المشاريع التّي ينفذها البلدان إلى تقليص حصص العراق المائية.
وأدى تراجع منسوب المياه في نهر الفرات إلى خروج مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية عن الخدمة مما يهدد سبل معيشة نسبة كبيرة من أبناء العراق وشمالي وشرقي سوريا الذين يعتمدون على الزراعة، حيث توقف العديد من محطات ضخ المياه الخاصة بالشرب أو الري في العديد من المناطق بسبب ابتعاد مجرى النهر عنها.