من المنتظر أن تبدأ خلال الصيف الحالي “لجنة حرب أفغانستان”، التي أقرها الكونغرس الأميركي، تحقيقا مدته 4 أعوام يتعلق بالأسس التي بموجبها شنت أميركا الحرب على أفغانستان، وسير الحرب وإنهائها.
ويرى خبير العلاقات الدولية أندريو بيكر -في تقرير نشرته مجلة “ناشونال إنترست” (National Interest) الأميركية- أنه يتعين الاهتمام بهذه اللجنة، وبالتقرير الذي سوف تصدره، مشيرا إلى أنه إذا أصدرت اللجنة تقريرا جيدا – بأن يكون نزيها وشاملا وقائما على أساس الأدلة- فإنه سيكون دليلا وتوعية للجيل القادم بالنسبة للسياسة الخارجية والأمنية للولايات المتحدة.
ويعتبر بيكر أن اللجنة تمثل فرصة نادرة لتعزيز المؤسسات الأميركية وديمقراطيتها، فقد وجدت المؤسسات لطرح أسئلة محددة على المسؤولين عن الأمن القومي الأميركي، على حد قوله، مضيفا أن الأميركيين وافقوا على حرب أفغانستان وعلى دفع تكاليفها من دون أن يفكروا كثيرا في حقيقتها أو سببها. ولذلك، فإن تقرير لجنة حرب أفغانستان قد يكون لحظة أساسية بالنسبة للولايات المتحدة.
وسوف يكون التقرير مهما إذا ما كان جيدا، وإذا أتيح للشعب الأميركي قراءته والبحث في مغزاه وتداعياته بالنسبة للأمة كلها. وإذا ما دعا التقرير إلى إصلاحات حقيقية، فسيكون فرصة لمعرفة إذا ما كانت الديمقراطية لا تزال سائدة في أميركا، على حد قول الكاتب.
من وافق على الحرب؟
يؤكد التقرير أنه بعد عقدين من الزمن على الحرب عينت الحكومة الأميركية أشخاصا قادرين ذوي روح عامة للتحقيق في ما حدث في أفغانستان وتقديم تفسير واضح وصريح لذلك. غير أن استكشاف وتحديد ما حدث بالضبط سوف يتطلب من أعضاء لجنة حرب أفغانستان أسئلة محددة تشمل كل فترة من فترات أطول حرب أميركية.
ويرى بيكر أن السؤال الأول الذي سوف يتعين على لجنة حرب أفغانستان الإجابة عنه هو كيف تمت الموافقة على الحرب؟ فالسلطات هي أوتار الأمن القومي الأميركي. وهي الخيط غير المرئي الذي يصل بين المقاتلين على الأرض وبين الشعب الأميركي، لذلك فإن السلطات هي المهمة وهناك أنواع مختلفة من السلطات.
وهناك سؤال رئيسي بالنسبة إلى الحرب في أفغانستان، وهو ما الذي حدث وفقا للسلطات العسكرية والمدنية وسلطات المخابرات؟
البحث عن السلام
وأوضح التقرير أن الأميركيين هم السبب في أن القادة الأميركيين وجدوا من الصعب للغاية تحديد أهدافهم من الحرب، فإنه ينبغي لهم أن يسألوا عن السبب في أن الولايات المتحدة وجدت من الصعب للغاية إيجاد مسار للتوصل إلى تسوية سلمية ناجحة ومستدامة في أفغانستان.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة تحتاج إلى أن تكون قادرة على التحدث مع أعدائها، وتحتاج إلى أن تكون قادرة على تحديد أهداف محدودة يمكن تحقيقها وسط أي صراع. وهذه الإمكانية مهمة بالنسبة لقدرة أميركا على تقييد أي صراع، والتحكم فيه ووقفه.
ويقول بيكر إن هناك اتفاقا عاما بين كثير من المراقبين على أن طالبان حاولت التواصل مع الولايات المتحدة في الفترة بين 2002 و2005، لكن المسؤولين الأميركيين لم يفكروا جديا في التحدث مع طالبان أو بدء جهود تواصل جدية حتى 2010، وكانت زيادة عدد الجنود جارية، وكان يمكن أن توفر ورقة مساومة مهمة في المفاوضات، لكن زيادة عدد الجنود كانت انعكاسا لسنوات قتال تضحية أميركا في أفغانستان. وبحلول عام 2010 كانت المصالح والشكوك قد ترسخت لدى الجانبين بشكل عميق.
فرصة نادرة
وفي ختام تقريره، يرى بيكر أنه بعد آلاف الضحايا وتريليونات الدولارات التي تم إنفاقها من حق الشعب الأميركي أن يفهم لماذا كانت إطالة أمد حرب عقيمة أمرا أسهل كثيرا من السعي للتوصل إلى سلام ناجح.
ومن بين كل الأسئلة التي يمكن أن تحاول اللجنة الإجابة عنها يعد هذا السؤال الأكثر عمقا، فتفهُّم كيفية وسبب وموعد بدء أي قتال أو التحكم فيه أو وقفه هي المهمة الأساسية لفن الحكم.
وتساءل الكاتب إذا ما كان بوسع الولايات المتحدة القيام بمهمة أفضل في أفغانستان وإذا ما كان بوسعها القيام بمهمة أفضل في مستقبل الإبحار في مخاطر العالم الخطير للغاية الذي تتم مواجهته.
تشكيل اللجنة
يذكر أن الكونغرس الأميركي وافق عام 2021 على تشكيل لجنة لتقييم إخفاقات حرب أفغانستان، وهي جزء من قانون ميزانية للدفاع الوطني.
وستضمّ اللجنة 16 عضوا يعيّنهم الحزبان الجمهوري والديمقراطي، وأمامها 4 أعوام لإنجاز التقرير.
وجاء في القانون الذي أقر عملها أن “على اللجنة إجراء تقييم شامل للحرب في أفغانستان ووضع توصيات لاطلاع العمليات المستقبلية على الدروس التكتيكية والإستراتيجية المستخلصة، بما في ذلك تأثير زيادة القوات وخفضها”.