تتواصل أزمة حرائق الغابات بسبب درجات الحرارة القياسية في عدة دول، وتستمر عمليات الإجلاء وإطفاء الحرائق التي تسببت في تدمير مساحات شاسعة من الغابات منذ اندلاعها.
ففي اليونان، بذلت فرق الإطفاء جهودا مضنية لإخماد حرائق الغابات المشتعلة لليوم العاشر على التوالي بجزيرة رودس، فيما اندلعت حرائق جديدة بالبر الرئيسي ودمرت مزارع ومصانع الليلة الماضية ودفعت المزارعين إلى الإسراع لإنقاذ حيوانات مزارعهم.
وأسفرت الحرائق المندلعة في أنحاء البلاد، التي أججها هبوب الرياح العاتية وتجاوز الحرارة 40 درجة مئوية، عن مقتل شخصين آخرين في منطقة وسط اليونان أمس الأربعاء، ما يرفع عدد الوفيات جراء الحرائق إلى 5 أشخاص.
وأمر مسؤولون بإجلاء السكان من عدة أماكن بمنطقة ماغنيسيا الساحلية المنكوبة الواقعة شمالي العاصمة أثينا.
وأفادت إدارة الإطفاء بالعثور على جثمان راع للغنم (45 عاما) في منطقة ريفية مساء أمس الأربعاء. وفي وقت سابق، ذكرت هيئة الإذاعة والتلفزيون الرسمية اليونانية “إي.آر.تي” أن السلطات عثرت على جثة امرأة، وأرجعت السلطات سبب وفاتهما إلى الحرائق.
كما اشتعل حريق غابات منفصل في مدينة لاميا جنوبي فولوس، حيث أمرت السلطات القاطنين في عدة تجمعات سكنية هناك بمغادرة منازلهم.
وتكافح فرق الإطفاء حريقا جديدا بالقرب من بلدة كيمي الواقعة في جزيرة إيفيا، حيث لقي طياران حتفهما يوم الثلاثاء، حين تحطمت طائرتهما بأحد التلال أثناء رش المياه لإخماد ألسنة النيران.
وتفيد السلطات اليونانية بأن حوالي 600 حريق اندلعت في أرجاء البلاد منذ 13 يوليو/تموز الجاري أخمدت غالبيتها.
وفي بلغاريا، حيث وصلت درجات الحرارة إلى 42 درجة، تم إعلان حالة الطوارئ الأربعاء في منطقة هاسكوفو قرب الحدود الشمالية الشرقية لليونان، بسبب تزايد حرائق الغابات في جبال رودوبي.
تونس والجزائر
وفي تونس، أكد المتحدث باسم الحماية المدنية العميد معز تريعة، اليوم الخميس، أنه تمّت السيطرة على 14 حريقا اندلعت منذ الاثنين الماضي في 7 ولايات.
وأضاف في تصريحات إذاعية، أنه تم تسجيل خسائر كبيرة على مستوى الغطاء النباتي، وأن المساحة التي أتت عليها الحرائق لم تحدد بعد، إلا أنها مساحات شاسعة تتجاوز ما تم تسجيله السنة الماضية، الذي قدر بـ1480 هكتارا.
وأوضح تريعة أنه تم إبقاء بعض الوحدات التابعة للحماية المدنية في المكان، من أجل المراقبة والحراسة، تحسبا لأي تأجج للنيران بفعل الرياح، مشيرا إلى أن عمليات الإطفاء تمت أيضا بمساعدة 25 رجل إطفاء من إسبانيا وطائرتين.
وأعلنت السلطات التونسية، اندلاع 16 حريقا منذ يوم الاثنين إلى صباح أمس الأربعاء، بشكل متزامن في مناطق الغابات بعدة محافظات على غرار بنزرت وجندوبة سليانة وباجة (شمال) والقصرين (وسط غرب).
والأربعاء، أكد وزير الداخلية التونسي كمال الفقي في جلسة مخصصة لمساءلته في البرلمان، أنه لم يتم تسجيل خسائر في الأرواح، في حين تعرض 12 شخصا للاختناق بسبب الدخان وقد تلقوا العلاج اللازم وغادروا المستشفيات.
وتشهد تونس منذ 5 يوليو/تموز الجاري موجة حر تجاوزت فيها درجات الحرارة 50 درجة في بعض المحافظات. وتتواتر الحرائق في تونس خلال فصل الصيف مع ارتفاع درجات الحرارة في الغابات ومزارع الحبوب.
وفي الجزائر خمدت الحرائق العنيفة التي اجتاحت شمال شرق البلاد وأودت بحياة 34 شخصًا وقضت على عائلات، ولاسيما قرب بلدة توجة، حيث احترق 16 شخصًا وهم أحياء خلال فرارهم.
وكانت بجاية إحدى أكثر المناطق تضررًا من الحرائق، التي انتشرت تحت تأثير الجفاف وموجة الحر وارتفاع درجات الحرارة في بعض الأماكن إلى 48 مئوية.
وأعلن وزير الداخلية إبراهيم مراد، أمس الأربعاء، تشكيل اللجنة المتعددة القطاعات لدراسة ملفات تعويض المتضررين من حرائق الغابات، مؤكدا أن “كل الحرائق تم إخمادها” وأنه “لم يعد هناك أي بؤر”.
وتشهد مناطق شاسعة بالبحر المتوسط موجة حرارة شديدة، وتكافح فرق الإطفاء لإخماد حرائق بالمنطقة الممتدة من البرتغال وصولا إلى جزيرة صقلية والجزائر.
ورأت شبكة “وورلد ويذر أتريبيوشن” أن موجات الحر الشديد التي تشهدها أوروبا والولايات المتحدة الشهر الجاري، ناجمة عن التغير المناخي جراء الأنشطة البشرية.
وخلص باحثون إلى أن “موجات الحرّ الأخيرة لم تعد أحداثا استثنائية” وتلك التي ستحدث “ستكون أكثر كثافة وأكثر شيوعًا إذا لم يتم الحدّ من الانبعاثات بسرعة”.