تصدرت أزمة انقطاع الكهرباء اهتمامات المصريين خلال الفترة الماضية، خاصة رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الذين تساءلوا عن موعد انتهاء الأزمة في ظل الارتفاع الشديد وغير المسبوق في درجات الحرارة، إذ “سجلت عدد من المحافظات 46 درجة مئوية في ساعات الذروة”.
إجراءات الحكومة لترشيد الاستهلاك
وتحتاج مصر يوميًا إلى نحو 135 مليون متر مكعب من الغاز، و10 آلاف طن من المازوت، من أجل التخلص من انقطاعات الكهرباء المتكررة والتوقف عن تخفيف الأحمال الكهربائية في أنحاء البلاد كافّة.
وتوفر الإمدادات التي تصل لمحطات الكهرباء من وزارة البترول المصرية ما يكفي لإنتاج 32 ألف ميجاواط فقط، في وقت تجاوز فيه الاستهلاك المحلي حاجز الـ35 ألف ميجاوات، فضلًا عن التزامات خاصة بالتصدير إلى الأردن والسودان، ما أدى إلى التوسع في عمليات تخفيف الأحمال.
ومن جانبه، أعلن رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، عن إجراءات جديدة بشأن أزمة الكهرباء، بينها العمل من المنزل خلال شهر أغسطس2023.
وقال مدبولي، خلال مؤتمر صحفي في مدينة العلمين الجديدة، بحضور وزير الكهرباء الدكتور محمد شاكر ووزير البترول المهندس طارق الملا، إن أزمة انقطاع التيار الكهربائي بدأت اعتبارا من 17 يوليو 2023 نتيجة الارتفاع الشديد في درجات الحرارة الذي واجهته مصر، في ظل ظاهرة غير مسبوقة يواجهها العالم.
وأشار الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، إلى أن أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، أن شهر يوليو الحالي الأكثر سخونة على الإطلاق، حيث دخلنا عصر «الغليان العالمي»، وأن تغير المناخ أمر مرعب وما يحدث هو مجرد البداية، وهي ببساطة تلخص الأزمة المفاجئة التي واجهتها كل دول العالم خلال العشر أيام الماضية.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي إن “كل إمكانيات الدولة وضعناها للتعامل مع أزمة الكهرباء ورفعنا الإنتاج لأعلى ما يمكن، كما وصلنا لإنتاج 36 جيجا وات”، مضيفاً أنه “طبقًا للأرقام نحتاج ونستهلك في وقت الذروة يوميا 129 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي والمازوت”.
وقال إنه نتيجة لاستمرار ارتفاع درجات الحرارة لمدة أكثر من 10 أيام، فقد وصل حد الاستهلاك الفعلي من الغاز الطبيعي والمازوت بمتوسط حوالي 144 إلى 146 مليون متر مكعب في اليوم، وبلغ الاستهلاك أمس فقط إلى 152 مليون متر مكعب وذلك مع تخفيف الأحمال وقطع الكهرباء.
وأوضح رئيس الوزراء أنه بصورة نظرية إن لم يتم قطع الكهرباء فإننا سنكون بحاجة إلى استهلاك أكثر من 165 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي والمازوت يوميا، وتلك الكميات لم تكن متاحة، وتم استخدام كل ما يمكن من المازوت وزيادة استهلاك الغاز والسحب من المحطات كميات أكبر وهو ما ينتج عنه تخفيف الضغوط بالشبكات وهو ما يؤدي بدوره إلى تخفيف الأحمال إلى منتصف الأسبوع الحالي على اعتبار استعادة الضغوط وإمكانية العمل بالمعدلات الطبيعية.
التنسيق بين الكهرباء والبترول
وأوضح أن هناك تنسيقاً كاملاً ويومياً بين وزيري الكهرباء والبترول، فيما يخص تشغل محطات الكهرباء ومواجهة أزمة انقطاع الكهرباء، مضيفا أن تشغيل الجزء الأكبر من محطات الكهرباء في مصر يتم من خلال الاعتماد على الوقود الأحفوري، وهو مزيج بين الغاز الطبيعي والمازوت.
وأضاف أن حجم الطاقة المستهلكة يوميا من الكهرباء وصل لـ33 جيجا في وقت الذروة في يوم من الأيام. متابعاً أن الغاز الطبيعي موجود ومتاح، حيث تنتج مصر كمية من المازوت وتستورد كمية إضافية، مضيفا أن الحكومة اتخذت قرارا سابقا بإيقاف استيراد أي شحنات إضافية من المازوت والاعتماد على ما ينتج محلياً.
أزمة انقطاع الكهرباء
وتابع: “مصر تنتج كمية من المازوت وتستورد كمية أخرى، وتم استخدام كميات كبيرة منها وكذلك الغاز الطبيعي مع الارتفاع الشديد في درجات الحرارة وتشغيل المحطات بأقصى طاقة”.
وأكد أن “هناك تنسيق متواصل بين وزرات الدولة للتعامل مع أزمة انقطاع التيار الكهربائي”، مشيرا أنه “تم التوافق على استيراد شحنات إضافية من المازوت خلال الأيام المقبلة”، وذلك ضمن محاولات الحكومة لتوفير الوقود اللازم لمحطات توليد الكهرباء، مشددا على أن انقطاعات الكهرباء الحالية لا علاقة لها بمستويات إنتاج الغاز الطبيعي، وأنه لا توجد مشاكل في الإنتاج من حقل غاز ظهر.
وتابع، “الحكومة ستستورد ما قيمته 250 إلى 300 مليون دولار من المازوت للتغلب على انقطاع الكهرباء المتكرر”.
العمل من المنزل لموظفي الحكومة
كما أكد مدبولي أنه “تم التوافق أن يكون العمل من المنزل خلال يوم الأحد من كل أسبوع خلال شهر أغسطس المقبل في المنشآت والجهات الحكومية التي لا تتعامل مع المواطنين بشكل مباشر، فرصة للعمل من المنزل، لتخفيف الأحمال على الشبكة الكهرباء”.
ودعا مدبولي إلى تطبيق ذلك في القطاع الخاص أيضا، وذلك ضمن خطة الدولة لترشيد الكهرباء في هذه الفترة من العام نظرا لارتفاع درجات الحرارة بشكل غير معتاد. كما تم توجيه اتحاد الجهات المسئولة لتحديد مواعيد المباريات لإقامتها في ساعات النهار.
موعد الإعلان عن جدول انقطاع الكهرباء
وكشف رئيس الوزراء المصري أن “تخفيف الأحمال سيكون من ساعة إلى ساعتين يوميا”، لافتا إلى أنه “سيتم الإعلان يوم الاثنين المقبل عن ساعات انقطاع التيار الكهربائي في كل منطقة”.
وأكد مدبولي أن “الحكومة لا تقوم بتخفيف الأحمال في الأماكن السياحية والساحلية لأنها مصدر للدخل القومي”، معربا عن أمله أن تنحسر أزمة انقطاع التيار الكهربائي بحلول شهر سبتمبر المقبل.
وكان الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، أكد أن موجة الحر الشديدة تسببت في زيادة الضغط على الكهرباء، معلنا أن أزمة انقطاع التيار الكهربائي بسبب تخفيف الأحمال ستنتهي خلال يومين أو ثلاثة أيام على الأكثر.
وقال شاكر – إنه يتم التنسيق مع قطاع البترول، لتحديد مقدار تخفيف الأحمال، ليتوافق مع قدراتهم في إمداد الغاز اللازم لتوليد الكهرباء.
وأشار إلى أن الضغوط على الغاز تسببت في انخفاض بشبكات الغاز التي تغذي محطات الكهرباء، شارحا أن القدرة اليومية من الكهرباء 32 ألف كيلو وات، ومن المفترض أن تكون 35 ألفاً وتم تخفيف الأحمال بنسبة 10% فقط .
وأكمل أن هناك 33 مليون مشترك وشركات توزيع مختلفة، علما بأن بعض عمليات تخفيف الأحمال تتم بشكل يدوي وهناك ضغط كبير على محطات الطاقة الكهربائية.
ورغم هذه الانقطاعات التي تأتي لظروف مؤقته، شهدت الدولة المصرية تحولًا ملحوظا في قطاع الكهرباء، إذ حققت الدولة إنجازات استثنائية تعززت بتوفير الكهرباء بشكل مستدام وموثوق به للمواطنين.
وضخت الحكومة استثمارات تجاوزت 189 مليار جنيه لتحسين البنية التحتية وزيادة القدرة التوليدية بهدف مواكبة الطلب المتزايد على الكهرباء في البلاد.
وفي هذا الإطار، يستعرض موقع “صدى البلد”، أبرز الأرقام عن قطاع الكهرباء في مصر وكذلك الغاز.
- حيث تظهر بيانات معهد الطاقة البريطاني، أن إجمالي توليد الكهرباء في مصر تراجع خلال العام الماضي إلى 200.8 تيراواط/ساعة، مقابل 209.7 تيراواط/ساعة في عام 2021، أي بنسبة هبوط سنوية 4.2%.
- ورغم تراجع حصته العام الماضي، ما يزال الغاز هو أكبر مصدر لتوليد الكهرباء في مصر بنسبة تجاوزت 79%، ولكنها أقل من العام السابق له والبالغة 82.9%.
- وانخفضت الكهرباء المولدة بالغاز الطبيعي خلال العام الماضي إلى 159.3 تيراواط/ساعة، مقابل 174 تيراواط/ساعة في عام 2021، بنسبة هبوط 8.5%.
- وفي المقابل، قفزت حصة النفط في توليد الكهرباء خلال العام الماضي، وهو ما يرجع إلى اتباع مصر خطة تستهدف ترشيد استهلاك الغاز، بهدف زيادة الكمية المصدرة منه واستبداله بالمازوت في توليد التيار الكهربائي، ولكنها قررت مؤخرًا التوقف عن استعماله لارتفاع سعره.
- وارتفعت كمية الكهرباء المولدة بالنفط خلال العام الماضي إلى 17.6 تيراواط/ساعة، مقابل 10.9 تيراواط/ساعة في عام 2021، بنسبة نمو 61.2%.
- بينما انخفضت الكهرباء المولدة من الطاقة المائية خلال العام الماضي إلى 13.8 تيراواط/ساعة، مقابل 14.3 تيراواط/ساعة في عام 2021، أي بنسبة تراجع 3.4%.
- وتراجعت بوتيرة طفيفة الكهرباء المولدة من الطاقة المتجددة خلال العام الماضي إلى 10.2 تيراواط/ساعة، مقابل 10.5 تيراواط/ساعة في عام 2022، بنسبة هبوط 2.8%.
- وعند حساب حصة الطاقة المتجددة والمائية كونها مصادر نظيفة من إجمالي الكهرباء المولدة خلال العام الماضي بحسب بيانات معهد الطاقة نجد أن النسبة بلغت 12%.
- ووفقًا لبيانات هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة المصرية، ارتفع إجمالي توليد الكهرباء في مصر من الطاقة المتجددة تشمل المصدر المائي إلى 25.59 تيراواط/ساعة، مقابل 23.97 تيراواط/ساعة في 2021.