نشرت مجلة “فورين أفيرز” (Foreign Affairs) مقالا لباحث إسرائيلي، تضمن نصائح للإدارة الأميركية بشأن الطريقة المثلى لاستخدام نفوذها في التعامل مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.
وأشار مدير مركز سياسات الشرق الأوسط في معهد بروكينغز، ناتان ساكس، في مستهل مقاله، إلى أن الصراع حول مستقبل “الديمقراطية” الإسرائيلية دخل مرحلة جديدة مثيرة هذا الأسبوع، عندما أقر الائتلاف اليميني الحاكم بقيادة نتنياهو قانونا اشتمل على عنصر واحد من عناصر خطته الشاملة للحد من صلاحيات المحكمة العليا في مراقبة أداء الحكومة والعمل التشريعي.
ويوم الاثنين تصاعدت حدة الأزمة الدستورية، التي دخلت شهرها السابع، بعد أن أقر الكنيست (البرلمان) أول التعديلات القضائية التي يتبناها نتنياهو، ومن شأنها الحد من سلطات المحكمة العليا على الائتلاف الديني القومي الحاكم.
قطع علاقات؟
ووفقا للمقال، فإن تلك الخطط ترمي إلى إضعاف القضاء الإسرائيلي بشكل كبير، لكن الاحتجاجات أجبرت نتنياهو على تعليقها مؤقتا. ولجأ -بدلا من ذلك- إلى اتباع نهج مجزأ مجددا محاولاته التشريعية أوائل يوليو/تموز مما أدى إلى اندلاع احتجاجات أكبر في كل أنحاء إسرائيل.
ويؤكد الباحث أن انزلاق إسرائيل إلى أتون الاضطرابات، إلى جانب النزعة المتطرفة لتحالف نتنياهو، و”التآكل المحتمل للديمقراطية” في إسرائيل، كلها عوامل وفرت مناخا غير مواتٍ للحوارات الممتدة بشأن السياسة الأميركية تجاه “دولة إسرائيل”.
وبينما يدفع نتنياهو إسرائيل نحو عدم ليبرالية الدولة، يعتقد البعض أن على واشنطن قطع علاقاتها الوثيقة مع تل أبيب بما في ذلك إعادة النظر في تقديم مساعدات عسكرية لها، وهو الرأي الذي صرح به كاتب العمود بصحيفة نيويورك تايمز نيكولاس كريستوف الأسبوع المنصرم، ونقله عنه ساكس بمقاله في فورين أفيرز.
ومع ذلك -يضيف ساكس- ثمة دافع قوي داخل الإدارة الأميركية للبحث عن طريقة للمضي قدما في العلاقة مع إسرائيل. غير أن الكاتب يرى أن هذا الدافع لا ينسجم مع أفكار الرئيس جو بايدن فحسب، بل يتوافق أيضا مع الأهداف العريضة لإدارته تجاه الشرق الأوسط.
تعاون مستمر
على أن هذه الأفكار والخطط لا ترتكز على دعم ما تسمى الديمقراطية في الشرق الأوسط، إنما تنبع من مخاوف متعلقة بوضعية الولايات المتحدة في المستقبل بالمنطقة، طبقا للمقال.
ويرى الكاتب أن هذه رؤية تقوم على تشجيع الاستقرار والتكامل الإقليميين، ويحكمها التنافس بين الولايات المتحدة والصين وروسيا. ويعتقد ساكس أن دافع واشنطن للتعاون مع إسرائيل ورئيس وزرائها ما يزال قويا.
ويشدد المقال على ضرورة أن ينبثق موقف واشنطن تجاه إسرائيل من أهداف السياسة الأميركية، التي تشتمل على القيم بالإضافة للمصالح الأمنية والاقتصادية.
ولعل الضغوط الجادة تستحق كل هذا العناء من أجل بلوغ الغاية المثلى، ليس لأن توتر العلاقة مع إسرائيل مفيد بحد ذاته، بل لأن القضايا المطروحة تكتسب أهمية كبيرة.
وللولايات المتحدة -حسب الكاتب- مصالح مشروعة في 3 مجالات مختلفة، وينبغي على إدارة بايدن السعي لتحقيقها رغم التناقضات -على ما يبدو- في موجهات سياساتها. أما تلك المجالات فهي دعم الديمقراطية داخل إسرائيل، والتي تقتضي الضغط على نتنياهو.
شرق أوسط مستقر
وهناك مصلحة أميركية كذلك في صون كرامة الفلسطينيين، ومنحهم الحرية الحقيقية التي تتطلب ممارسة ضغوط منسقة وتعاونا مستداما مع الإسرائيليين والفلسطينيين لدرء احتمال اندلاع أعمال عنف على نطاق واسع، على حد تعبير الكاتب.
وحسب تعبير الباحث الإسرائيلي، فإن من مصلحة الولايات المتحدة الترويج لشرق أوسط مستقر ومندمج، الأمر الذي يستدعي تعاونا بين الحكومة الإسرائيلية والدول العربية.
ويمضي المقال إلى أن تقويض الديمقراطية في إسرائيل سيؤدي أيضا إلى النيل من القيم المشتركة التي يروج لها كل من الولايات المتحدة وإسرائيل كأساس لعلاقاتهما الثنائية.
كما أن وجود سلطة تنفيذية غير خاضعة للرقابة في إسرائيل -حسب تعبير المقال- من شأنه مفاقمة المخاطر المحدقة بالجانب الفلسطيني، لا سيما إذا ما اقترنت بالطموحات التوسعية للحكومة الإسرائيلية الحالية.
إن موقف نتنياهو حتى الآن يكمن في محاولته إيجاد تناغم بين الضغوط الداخلية التي يتعرض لها ومحاولة استعادة علاقة جيدة مع إدارة بايدن. وكثيرا ما حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي “بطريقته المميزة” درء الغضب الأميركي من التوسع الاستيطاني بينما يسعى في الوقت نفسه لاسترضاء شركائه بالائتلاف الحاكم عبر الإذن بشن أعمال عدائية في الضفة الغربية والحرم القدسي.