سلط مرصد الأزهر لمكافحة التطرف الضوء على ما نُشر مؤخرًا في بعض الصحف العالمية حول مظاهر تواجد تنظيم “داعش” في مناطق مختلفة من أمريكا اللاتينية، حيث نشرت وحدة رصد اللغة الإسبانية تقريراً أكدت فيه أن أمريكا اللاتينية شهدت خلال الأعوام الأخيرة، زيادةً في الأنشطة الإرهابية لـ”داعش”، وخاصة في البرازيل، والأرجنتين، وتشيلي، وكولومبيا.
وعلى الرغم من أن هذه الأنشطة لم تكن بنفس المستوى الذي شهدته بعض دول الشرق الأوسط، أو الأوروبية، فإنها تشكل تحديًا للحكومات في المنطقة، وتستدعي تحركات فعالة لمكافحتها. ومن خلال متابعته لتحركات التنظيمات المتطرفة التي تسيء للإسلام، وتتخذ من الدين شعارًا لها.
وتابع المرصد أن انتشار الفكر المتطرف في منطقة، أو مكان بعينه لا يستلزم وجود عناصر متطرفة على الأرض، لا سيما في ظل تطور استخدام الفضاء الإلكتروني للتواصل، والتنسيق في جميع أنحاء العالم. حيث أن أنشطة داعش وأنصاره تتركز بشكل رئيسي في البرازيل، ويُعد الحادث الأخير الذي وقع يوم الاثنين الموافق ١٢ يونيو ٢٠٢٣م دليلًا على ذلك؛ حيث قامت قوات الشرطة البرازيلية بإلقاء القبض على أحد المسافرين، وهو في طريقه للانضمام لتنظيم داعش الإرهابي؛ حيث كان يتبادل الرسائل مع أفراد التنظيم عبر تطبيقات المراسلة. كما أشارت صحيفة “إنفوباي” في الأول من مايو ٢٠٢٣م، إلى أن قوات الشرطة البرازيلية كشفت عن شبكة إرهابية لتجنيد الأطفال لصالح التنظيمات الإرهابية في البرازيل؛ حيث اختطفت (٥) أطفال من منطقة الأمازون، التي تقع شمال غرب البلاد، ونقلتهم إلى مدارس في تركيا للتدريب على القتال، والأعمال الإجرامية، في حين تمكنت الشرطة البرازيلية من إنقاذ (١٥) شابًّا أخرين، تم تلقينهم أفكارًا متطرفة؛ بغرض الانضمام لصفوف التنظيمات الإرهابية. وفي مايو ٢٠١٨م، تمكنت السلطات البرازيلية من تفكيك خلية إرهابية مكونة من (١١) برازيليًّا كانت تخطط لتنفيذ هجمات بالبلاد، وكذلك محاولة تجنيد متطرفين لإرسالهم إلى صفوف التنظيم بسوريا. كما تمكنت الشرطة، في يولية ٢٠١٦ من القبض على (١٠) أشخاص للاشتباه بانتمائهم لجماعة تدعم تنظيم ”داعش”، كانت تُعد لأعمال “إرهابية” خلال دورة الألعاب الأولمبية في “ريو دي جانيرو” أغسطس ٢٠١٦م. ويؤكد المرصد أن الاعتقالات المتتالية التي حدثت مؤخرًا تكشف عن محاولات التنظيمات المتطرفة، وبخاصة داعش، اختراق أمريكا اللاتينية، وإيجاد ملاذ آمن لهم هناك، حيث إن هذه القارة تمثل لهم أرضًا خصبة نوعًا ما، ويمكن لهم أن ينشطوا فيها بسهولة أكبر من أماكن أخرى يتم تضييق الخناق عليهم فيها، كقارة أوروبا. كما توضح تلك الاعتقالات للعناصر الإرهابية انعكاسات تهديداتها في أمريكا اللاتينية، وخطورتها، ويقظة السلطات الأمنية في تلك الدول. كما يؤكد مرصد الأزهر على قدرة هذه التنظيمات المتطرفة، خصوصًا داعش على التواصل والتأثير على أنصارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ومواقع الإنترنت، فضلًا عن سعيها الحثيث إلى استقطاب المزيد للانضمام إلى صفوفها.
ويدعو المرصد في هذا الصدد إلى ضرورة التعاون، ليس فقط بين الأجهزة الأمنية في مكافحة الإرهاب، بل أيضًا بين المؤسسات الدينية المختلفة؛ بغرض تكثيف عملية التوعية بمخاطر الإرهاب والتطرف، ومكافحته بالفكر، وعدم الاقتصار على المكافحة الأمنية فقط، وأن مجابهة الأفكار المغلوطة بنشر الأفكار الصحيحة هو السبيل للحد من انتشار ظاهرة التطرف والقضاء عليها