“أغنى دول العالم” يشير إلى أن لدى هذه الدول مستوى عالٍ من الازدهار الاقتصادي وموارد طبيعية أو قطاعات اقتصادية مزدهرة تدعمها. إلا أن هذا التصنيف لا يعني بالضرورة أن تكون هذه الدول هي الأكبر من حيث المساحة الجغرافية أو عدد السكان. قد تكون بلدًا صغيرًا جغرافيًا ولكنها تتمتع بنظام اقتصادي متطور يجعلها غنية ومزدهرة. لنتعرف في هذا المقال على أغنى دول العالم الصغيرة ومن ضمنهم أغنى دولة عربية.
الدول الصغيرة ومصادر الثراء في 2023
في التصنيف الصادر لأغنى البلدان في 2023، نجد بلدان صغيرة مثل إيرلندا ولوكسمبورغ وسنغافورة، وهذه الدول تستفيد من قطاعات مالية متطورة وأنظمة ضريبية جاذبة تجذب الاستثمارات الأجنبية وتدعم تدفق الودائع المصرفية الكبيرة.
بالإضافة إلى ذلك، هناك دول أخرى تمتلك احتياطيات كبيرة من الموارد الطبيعية المربحة مثل قطر والإمارات، مما يعزز من دخلها ويساهم في رفع مستوى الثراء.
وبجانب الاقتصاد، تعتبر السياحة والقطاع الترفيهي مصدرًا آخر للثراء في بعض الدول. ماكاو، المعروفة بكازينوهاتها المتلألئة، تعتبر واحدة من أكثر الدول ثراء في العالم رغم التحديات التي واجهتها نتيجة القيود المفروضة بسبب الوباء. السياحة والقطاع الترفيهي يمثلان مصدرًا هامًا للدخل والازدهار في تلك الدول.
تفاوت الثراء وأهمية مقاييس القوة الشرائية في قياس المعيشة
ومع زيادة التفاوت في الدخل بين فاحشي الثراء وبقية الدول في عصرنا الحالي، يعد مفهوم الثراء نسبيًا ويختلف بين الدول والشعوب. إلا أن استخدام مقياس “تعادل القوة الشرائية” يعطينا فهمًا أكثر دقة حول مستوى المعيشة ورفاهية السكان في الدولة المعينة، ويعكس حجم اقتصادها ومدى قدرتها على توفير الخدمات والفرص العامة والتنمية المستدامة لشعبها.
مقياس الناتج المحلي الإجمالي (GDP) هو أحد أهم الطرق التي تُستخدم لقياس الثراء الاقتصادي لدولة ما، حيث يُحسب عن طريق جمع قيمة جميع السلع والخدمات التي تُنتج داخل الدولة خلال فترة زمنية محددة. وعلى الرغم من أن هذا المؤشر يُعتبر مهمًا في فهم النمو الاقتصادي للدولة، إلا أنه لا يمكنه توضيح الاختلافات الكامنة في مستويات المعيشة بين سكان الدول المختلفة.
للحصول على صورة أكثر دقة لمتوسط مستوى المعيشة، يجب أخذ عوامل أخرى في الاعتبار مثل معدلات التضخم وتكلفة السلع والخدمات المحلية. تعادل القوة الشرائية (PPP) هو مؤشر يستخدم لتقدير القوة الشرائية للعملة في كل دولة عن طريق مقارنة تكاليف السلع والخدمات المماثلة بين الدول. وعادة ما يتم التعبير عن هذا المؤشر بالدولار للسماح بمقارنة مستويات المعيشة بين البلدان.
تفاقم الفجوة الاقتصادية بجائحة كورونا
جائحة كورونا أظهرت تفاقم عدم المساواة الاقتصادية والاجتماعية بين الطبقات الاقتصادية في الدول، حيث عانى العمال ذوي الأجور المنخفضة بشكل كبير بسبب فقدان وظائفهم، بينما استمرت الوظائف العالية الأجر في الازدهار. كما كشفت الجائحة عن ثغرات في أنظمة الرعاية الاجتماعية، وتأثرت الأسر ذات الدخل المنخفض بتزايد الأسعار وتقلبها. الفجوة الكبيرة في القوة الشرائية بين الدول الفقيرة والدول الغنية يتطلب تعزيز التنمية المستدامة وتقديم الدعم للفئات الأكثر ضعفًا. هذا يتطلب تعاون دولي وجهودًا جذرية لتحقيق توازن أكثر بين الطبقات الاقتصادية وتقليل الفجوة بين فاحشي الثراء والفقراء في جميع أنحاء العالم.
أغنى خمس دول في العالم
إليك قائمة في أغنى خمس دول في العالم:
1 – أيرلندا
أيرلندا من أغنى دول العالم، اقتصادها لا يمكن إيقافه. في عام 2019، نما اقتصاد أيرلندا بأكثر من 5.4%، مما جعلها أسرع الاقتصادات نموًا في منطقة اليورو. وحتى خلال فترة الوباء العالمي، لم تشهد أيرلندا انكماشًا اقتصاديًا بل عرفت مزيدًا من النمو، حيث بلغ 6.1% في عام 2020، ثم نما بنسبة 13.5% في عام 2021، و11% في عام 2022. بالرغم من هذا الانتعاش الاقتصادي، فإن هناك فجوة اقتصادية بين الأغنياء والفقراء في البلاد.
2 – لوكسمبورغ
لوكسمبورغ، الدولة الجزيرة من أغنى دول العالم، تعتبر واحدة من أكثر الملاذات الضريبية للشركات في العالم. تستخدم البلاد حصة كبيرة من ثروتها لتقديم رعاية صحية وتعليم متميز لشعبها، مما يجعلها تتمتع بأعلى مستوى من المعيشة في منطقة اليورو. وعلى الرغم من الاقتصاد الازدهاري الذي عاشته لوكسمبورغ، فقد تأثرت بالتباطؤ الاقتصادي العالمي بسبب الوباء، حيث انكمش اقتصادها 3.9% في عام 2020، لكنه انتعش بنمو 8.8% في عام 2021، ومن المتوقع أن يبلغ 1.5% في عام 2023.
3 – سنغافورة
سنغافورة هي واحدة من أكثر الأماكن الصديقة للأعمال في العالم وأغنى دول العالم وتعد مركزًا تجاريًا وتصنيعيًا وماليًا مزدهرًا. تجذب سنغافورة الأثرياء وذوي الملاءة المالية العالية بفضل مكاسب رأس المال والأرباح المعفاة من الضرائب. رغم أن اقتصاد سنغافورة نما بنسبة 8.8% في عام 2021، فإن التباطؤ في الصين، الشريك التجاري الرئيسي، سيؤثر عليها ويجعل اقتصادها ينمو بنسبة 1.5% في عام 2023.
4 – قطر
قطر تعد واحدة من أغنى دول العالم بفضل احتياطياتها الكبيرة من النفط والغاز والبتروكيماويات. وعلى الرغم من أن الاقتصاد القطري نما بنسبة 4.2% في عام 2022، إلا أن الأزمة الصحية تسببت في انكماشه بنسبة 3.5% في عام 2020. ورغم التحديات، يظل الاقتصاد القطري قويًا ومزدهرًا، ويتوقع صندوق النقد الدولي نموًا بنسبة 2.4% في عام 2023.
5- ماكاو
منطقة ماكاو الإدارية الخاصة كانت تُعرف في الماضي باسم “لاس فيغاس آسيا” وكانت مستعمرة للإمبراطورية البرتغالية. في عام 2001، تم تحرير صناعة الألعاب في المنطقة، وشهدت تنمية ثروتها بوتيرة مذهلة. تتألف المنطقة من أكثر من 40 كازينو يُنشر في مساحة حوالي 30 كيلومتر مربع، وهي تقع جنوب هونغ كونغ.
قبل تفشي جائحة كورونا، كانت ماكاو تعد واحدة من أغنى دول العالم من حيث الناتج المحلي للفرد. ولكن مع توقف السفر العالمي، تأثرت المنطقة بشدة وخسرت بعضًا من ثروتها. وبعد مرور أكثر من 3 سنوات على بدء الجائحة، بدأت ماكاو تعود ببطء إلى العمل الاعتيادي، لكن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي أصبح أقل بكثير من مستواه قبل الجائحة، حيث انخفض من حوالي 125 ألف دولار في عام 2019 إلى أقل من 90 ألف دولار حاليًا.
الخاتمة
في ختام التصنيف الصادر لأغنى دول العالم في عام 2023، نجد دولًا صغيرة مثل إيرلندا ولوكسمبورغ وسنغافورة وقطر تتصدر القائمة بفضل قطاعاتها المالية المتطورة واحتياطياتها الكبيرة من الموارد الطبيعية. يعكس مقياس “تعادل القوة الشرائية” بدقة مستوى المعيشة في تلك الدول وأهمية توفير الفرص والخدمات لشعوبها. لكن يظل تحقيق توازن أكثر بين الطبقات الاقتصادية وتقليل الفجوة الاقتصادية التي ظهرت خلال جائحة كورونا تحديًا يتطلب التعاون الدولي وجهودًا جادة لتحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية.