نشرت مجلة فورين أفيرز مقالا تضمن نصائح للإدارة الأميركية بشأن الدروس المستخلصة من الحرب الكورية (1950-1953)، ولماذا نسيتها الولايات المتحدة في الوقت الذي تعدّها الصين مصدر إلهام.
وأوضح المقال أنه في ضوء تحركات الصين حاليا، يجب على الولايات المتحدة أن تفهم كيف تستخدم بكين إرث الحرب الكورية على أنه شكل من أشكال الاستعداد للحروب القادمة. وأضاف أنه لا يعقل أن تبقى الحرب الكورية محصورة -بالنسبة للأميركيين- بين ذكريات النصر في الحرب العالمية الثانية وتصورات المأساة في فيتنام.
الاستعداد
وأكد المقال أن تصريحات الرئيس الصيني شي جين بينغ لقادته العسكريين بالاستعداد للقتال، ووجود أدلة تدل على بدء معارك إلكترونية على خلفية قضية تايوان؛ أمران يؤشران على ما سيحدث إذا لم تكن واشنطن استفادت من دروس الحرب الكورية.
وقال رغم أن الرئيس الأميركي آنذاك هاري ترومان (1945-1953) ومستشاريه كانوا في الغالب يرغبون في ألا تحدث الحرب على الإطلاق، فإن الرئيس المنتخب دوايت أيزنهاور (1953-1961) سافر إلى شبه الجزيرة الكورية وناقش إمكانية التصعيد، حتى أنه وافق على تطوير خطط الحرب التي تنطوي على استخدام الأسلحة النووية.
وذكر المقال أن واشنطن لم تكن مستعدة للقتال في ذلك الوقت، حيث تفاقم “قصر النظر الدبلوماسي المأساوي” لإدارة ترومان بسبب تدهور قدرات الجيش الأميركي، إذ انخفض عدد القوات الأميركية النشطة بنحو 90% بعدما كان تعداده 12 مليونا عام 1945، كما تلاشى الإنفاق الدفاعي وانخفض من 40% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 1945 إلى ما يقرب من 5% عام 1950.
دروس
وأوضحت فورين أفيرز أن الدرس الأول الذي يجيب على الولايات المتحدة تأمله يتمثل في ضرورة عدم إهمال منظومة الردع والاستعداد، حيث إنها كادت أن تخسر الحرب الكورية نتيجة إخفاقات إدارة الرئيس ترومان، على حد تعبيرها.
وأضافت أن أوجه الشبه بين الخمسينيات واليوم واضحة، وتتمثل في عدم قدرة الغرب على قبول أن معارضي الولايات المتحدة لا يفكرون بالطريقة التي يتصرف بها الأميركيون، لا سيما أن الحزب الشيوعي الصيني لا يرى عيبا في تحريف الحقيقة لتعزيز طموحه، على حد تعبير مقال فورين أفيرز.
وحسب المقال، فإن واشنطن فشلت في ردع خصومها خلال الحرب الكورية؛ مما أطال أمد القتال إلى 1953 بدل 1951، وعليه -كما يتابع التقرير- يجب على واشنطن أن تتصرف بشكل أفضل مستقبلا.
السياسة والقتال
وأوضح أن استمرار الحرب عامين آخرين يكشف عن درس قيم ثان لا بد من الاستفادة منه، ومضمونه أن السياسة والقتال متشابكان بشكل عميق، وغير منفصلين أبدا.
وتابع أن خصوم الولايات المتحدة يتمتعون اليوم -كما في الماضي- بإدراك أكثر تعقيدا للتفاعل بين المناورات في ساحة المعركة والحرب السياسية أكثر من نظرائهم الأميركيين.
وأكد أنه بالنسبة للحزب الشيوعي الصيني تحديدا لا يوجد فصل بين السلام والحرب.
وطبقا لمقال فورين أفيرز، فإن الدرس الثالث المستفاد من الحرب الكورية هو أنه بمجرد اندلاع القتال فإن ضبط النفس المفرط يمكن أن يؤدي إلى مزيد من العدوان.
في المقابل، فإن إظهار الاستعداد الجاد للتصعيد والهيمنة إذا لزم الأمر يمكن أن يعزز السلام.
ويؤكد الكاتب أن هذا التناقض لا يعني التعبير عن الرغبة في اندلاع حرب عالمية ثالثة، بقدر ما يعني تحديد مسار لمنعها.