صراع تلو آخر، ومؤامرة بعد أخرى، شهدتها القارة الأفريقية في السنوات القليلة بمواجهات عسكرية وقتالات مسلحة عمقت جراح جسدها المنهك.
آخرها تلك الصراعات ما حدث في النيجر، ومع انغلاق نافذة المساعي والحلول السلمية للأزمة التي تشهدها البلاد منذ إطاحة العسكريين هناك بالرئيس المنتخب محمد بازوم، وانتهاء مهلة الأسبوع التي حددتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “إيكواس” للإفراج عنه وعودته إلى منصبه اليوم الأحد، يفتح الباب على مصراعيه أمام عمل عسكري جديد بأراضي إفريقيا.
كشفت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “إيكواس”، إن مسؤولي الدفاع فيها وضعوا خطة لعمل عسكري، إذا لم يتم إسقاط انقلاب النيجر بحلول يوم الأحد.https://t.co/G8sZrlogX1#اليوم pic.twitter.com/ACPEi30kTJ
— صحيفة اليوم (@alyaum) August 5, 2023
فاجنر تتربص..تدخل عسكري محتمل
ترى صحيفة واشنطن بوسطن أن المجلس العسكري الذي استولى على السلطة في النيجر، لا ينوي التجاوب مع مطالب إيكواس، ونقلت عن مصدر لم تسمه أن المجلس طلب مساعدة مجموعة فاجنر العسكرية الخاصة الروسية في التصدي لتدخل عسكري محتمل من قبل إيكواس.
وأعلن وزراء دفاع دول المجموعة، الجمعة الماضية، انتهائهم من وضع اللمسات الأخيرة على خطة التدخل العسكري، بانتظار ساعة الصفر التي يحددها زعماء الدول الأعضاء في الإيكواس.
وجاءت هذه التطورات غداة فشل مهمة فريق وساطة أرسل إلى النيجر، الخميس الماضي، والذي لم يسمح له بدخول العاصمة، نيامي، للقاء قائد المجلس العسكري عبد الرحمن تشياني.
بؤرة صراع جديدة؟
نصح مجلس الشيوخ النيجيري، أمس السبت، الرئيس الحالي لمجموعة إيكواس، بولا أحمد تينوبو، بالبحث عن خيارات أخرى غير استخدام القوة لاستعادة الديمقراطية في النيجر.
ويحذر مراقبون من أن غرب القارة الأفريقية، سيتحول حال اندلاع مواجهة عسكرية على أرضه، إلى بؤرة صراع جديدة تضاف إلى نزاعات تثقل كاهل القارة المنهكة بالفعل جراء أزمات عدة بينها الإرهاب وأزمات الغذاء.
وبينما أبدت دول مثل نيجيريا والسنغال الاستعداد لإرسال قوات تحت مظلة الإيكواس، اعتبرت دول أخرى ، كمالي وبوركينافاسو ، تدخل الإيكواس في النيجر بمثابة “إعلان حرب” عليها ، متوعدة بالرد.
القوات المسلحة الألمانية تجلي نحو 30 شخصا من #النيجر#اليومhttps://t.co/7ElqqhfbDL
— صحيفة اليوم (@alyaum) August 4, 2023
صراع القوى الكبرى في إفريقيا
يرى محللون أن هذه التحركات تجاه النيجر وداخلها، لا يمكن النظر إليها بمعزل عما يشهده العالم من صراع أشمل بين القوى الكبرى.
واعتبروا أن تلك الأحداث حلقة في سلسلة المواجهات الدائرة بين روسيا وحلفائها من جهة والولايات المتحدة ومعسكرها من جهة أخرى، وأن هذه المنطقة من العالم ربما تضاف لأوكرانيا كساحة جديدة للنزال بين المعسكرين.
وأرجع المحللون ذلك إلى تعاظم نفوذ روسيا في إفريقيا مع تراجع ملحوظ للدور الفرنسي الذي طالما كان حاضرا في هذا الجزء من القارة.
الأمر الذي يعرض القارة المليئة بالثروات لخطر حقيقي، مع تنامي التنظيمات الإرهابية المتربصة، ورغبة كل قوى في السيطرة على ما أمكنها من ثروات، في وقت تعاني فيه بلدان إفريقيا من مشكلات معقدة.
ماذا بعد؟
من جهتها وصفت مجلة، فورين بوليسي، الأمريكية انقلاب النيجر بأنه “أكبر تحد لإفريقيا حتى الآن”، محذرة من أن “إعادة فرض رئيس النيجر، بازوم، يمكن أن يكون طلقة بداية الحرب في أنحاء غرب أفريقيا”.
ونقلت المجلة عن كاميرون هادسون ، الخبير في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، قوله أن النيجر لديها جيش كبير “ولا سبيل لتدخل عسكري دون خسائر مدنية هائلة ودون مخاوف من صراع إقليمي متنام”.
ويحبس مواطنو النيجر أنفاسهم ترقبا لما تحمله الأيام المقبلة من سيناريوهات لبلدهم في ظل واقع يزداد تأزما يوما يعد يوم، مع فرض العديد من العقوبات الدولية على بلد من أفقر دول العالم يعتمد بصورة كبيرة على المساعدات الخارجية.