قالت مصادر للجزيرة إن قادة الانقلاب في النيجر رفضوا دخول وفد ثلاثي من الاتحاد الأفريقي والمجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا (إيكواس) والأمم المتحدة إلى البلاد، وفي حين عرض تقرير لرويترز 4 سيناريوهات للتدخل العسكري لمجموعة إيكواس، حذر خبراء من أن يتحول ذلك إلى حرب إقليمية.
وأضافت المصادر أن قادة الانقلاب طلبوا من الاتحاد الأفريقي والإيكواس تأجيل زيارة الوفد الثلاثي. وتضمن الخطاب الصادر من وزارة خارجية النيجر الموجه لممثل إيكواس في نيامي، الذي اطلعت الجزيرة على نسخة منه، مبررات طلب تأجيل زيارة الوفد إلى نيامي.
وأشار الخطاب إلى أن إغلاق المجال الجوي، والترتيبات الأمنية اللازمة للقاء المسؤولين، والوضع المصاحب لتهديد إيكواس للنيجر، عوامل تمنع إتمام الزيارة في الوقت الحاضر. وأضاف أن الموقف الشعبي في النيجر يرفض موقف مجموعة إيكواس.
يأتي ذلك في وقت يواصل فيه قادة الانقلاب إحداث تغييرات في المناصب القيادية في الجيش ورئاسة الأركان، إذ أصدر الجنرال عبد الرحمن تياني مرسوما بتعيين المقدم حبيبو أسومان قائدا للحرس الرئاسي.
ونقلت شبكة “سي إن إن” عن مصدر عسكري قوله إن ما يطلق على نفسه اسم المجلس الوطني لحماية الوطن في النيجر بقيادة الجنرال عبد الرحمن تياني ينشر قوات إضافية في العاصمة نيامي استعدادا لتدخل أجنبي محتمل.
وأضاف المصدر أن قافلة تضم 40 شاحنة عسكرية وصلت العاصمة مساء الأحد، مشيرا إلى أن قادة الانقلاب جلبوا قوات من أجزاء أخرى من البلاد لطمأنة الجمهور والاستعداد لمعركة محتملة، وفق تعبيره.
قمة إيكواس
ومن المقرر أن تعقد مجموعة إيكواس -التي تضم 15 دولة- قمة استثنائية في أبوجا بعد غد الخميس، وهي القمة الثانية منذ الانقلاب الذي أطاح بالرئيس محمد بازوم يوم 26 يوليو/تموز الماضي.
وبعد أن وضع قادة أركان جيوش الدول الأعضاء في المجموعة مؤخرا خطة للتدخل العسكري، ينتظر أن يبحث قادة المنظمة الإقليمية في قمتهم المقبلة آليات تنفيذ العملية العسكرية المحتملة في النيجر، التي تثير انقساما فيما بين أعضاء المجموعة وفي المنطقة بين مؤيد ومعارض لها.
وكانت إيكواس أمهلت قادة الانقلاب حتى مساء الأحد الماضي لإعادة الرئيس بازوم للسلطة، بيد أنهم تحدوا تهديدات المجموعة، واتخذوا إجراءات تشمل إغلاق المجال الجوي، مؤكدين أنهم سيتصدون لأي قوات تدخل بلدهم.
4 سيناريوهات
وقد سلط تقرير لوكالة رويترز الضوء على الخيارات المتاحة أمام المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا وحلفائها من رافضي الانقلاب.
ويأتي في المقدمة سيناريو التدخل العسكري المباشر، لكن -حسب خبراء- ثمة عوائق أبرزها انقسام دول إيكواس، والمخاوف من التحول إلى صراع طويل الأمد ينعكس على استقرار المنطقة كلها، لا النيجر وحدها.
وفي المقابل، يُتوقع أن يؤثر عدم التدخل على مصداقية المنظمة الأفريقية التي أكدت في وقت سابق أنها وضعت خطة للتدخل في النيجر.
ويشير السيناريو الثاني إلى تدخل قوة برية محدودة تستولي على المواقع المهمة، وتحرر الرئيس المحتجز محمد بازوم بدعم استخباري غربي.
ووفقا لرويترز، يرى مراقبون هذا الخيار واقعيا، لكنه قد يصطدم برد شعبي غاضب بالنظر لحجم المظاهرات التي خرجت في النيجر تأييدا للانقلاب.
ويتوقع محللون مختصون أيضا اللجوء لانقلاب مضاد -بوصفه ثالث السيناريوهات- استغلالا للتنوع العرقي الواسع في النيجر، فضلا عن الانقسام الذي يلاحظه محللون أمنيون بين القوات المسلحة في النيجر.
ويتمثل الخيار الرابع في الإبقاء على العقوبات الاقتصادية مع استمرار المطالبة بعودة الحكم المدني بعد الانتخابات.
وتكمن مخاطر هذا السيناريو في التخوف من تزايد تراجع النيجر اقتصاديا، مما قد يرجح أكثر كفة قادة الانقلاب.
حرب إقليمية
في السياق، قالت شركة “فيريسك مابلكروفت” لاستشارات المخاطر إن من شأن استخدام إيكواس للقوة أن يؤدي لتفاقم الاضطرابات في واحدة من أفقر مناطق العالم، مما يجعل مثل هذا التدخل مستبعدا.
وفي مذكرة، قال محلل الشؤون الأفريقية لدى الشركة بن هانتر إن “التكتل (إيكواس) يدرك أن التدخل العسكري سيكون مكلفا للغاية، مع عدم وجود ضمان للنجاح على المدى البعيد، فضلا عن وجود احتمال كبير بتحول الموقف إلى حرب إقليمية”.
وأضاف هانتر “هذا ليس في مصلحة دول المنطقة على الإطلاق”.
الخيار الدبلوماسي
وأعلنت واشنطن وباريس -اللتان تحتفظان بقوات في النيجر- دعمهما مساعي إيكواس لإنهاء الانقلاب في النيجر، لكنهما لم تؤيدا علنا تدخلا عسكريا محتملا من قبل إيكواس.
وفي مقابلة خاصة بالجزيرة، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن عودة الرئيس المعزول محمد بازوم للسلطة أمر حتمي، حسب تعبيره.
وأضاف بلينكن أنه على اتصال وثيق مع بازوم ومع العديد من القادة الأفارقة لاستعادة النظام الدستوري في البلاد.
وكانت المبعوثة الأمريكية إلى النيجر فيكتوريا نولاند قالت إنها التقت الحكام الجدد في النيجر، من دون أن تلتقي قائد الانقلاب عبد الرحمن تياني أو الرئيس المحتجز محمد بازوم، مضيفة أنها أرادت أن توضح لقادة الانقلاب تأثير عدم استعادة الديمقراطية على العلاقة مع واشنطن.
وفي باريس، قال مصدر من الخارجية الفرنسية للجزيرة إن مجموعة فاغنر الروسية تهتم بالنيجر منذ فترة، ولكن لم يكن لها دور في الانقلاب.
وأضاف المصدر أن سلطات مالي تنسق الاتصالات بين انقلابيي النيجر وفاغنر، حسب قوله.
وكانت إيطاليا وألمانيا أكدتا -أمس الاثنين- ضرورة منح فرضة إضافية للحل الدبلوماسي في النيجر.