تجددت الاشتباكات في العاصمة السودانية الخرطوم، اليوم الاثنين، بين الجيش وقوات الدعم السريع مع دخول المواجهات بين الجانبين شهرها الثاني، في حين شهدت مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور اشتباكات بين الدعم السريع ومسلحين سقط على إثرها نحو 200 قتيل خلال يومين.
يأتي هذا في وقت واصل فيه عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش إعفاء العديد من المسؤولين، في المقابل اتهمه قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” بتدمير السودان داعيا قواته للتماسك.
وتجددت الاشتباكات في مناطق جنوب الخرطوم وفي أم درمان، باستخدام الأسلحة الثقيلة والقصف بالطائرات الحربية. وردّت المضادات الأرضية لقوات الدعم السريع على تلك الهجمات، وتبادل الطرفان الاتهامات بخرق اتفاق جدة الرامي لحماية المدنيين.
وقال الجيش السوداني إنه تعامل مع إمداد لوجيستي كبير من الأسلحة والذخائر لقوات الدعم السريع، في عملية استهدفت بعض المناطق بمحلية شرق النيل وارتكازات حول مستشفى شرق النيل.
وأضاف الجيش أنه لا يوجد ضحايا من المدنيين الذين ابتعدوا عن منطقة المستشفى عقب انتهاكات عناصر الدعم السريع.
وكانت قوات الدعم السريع قد قالت إن مقاتلات تابعة للجيش السوداني قصفت مناطق مأهولة بالسكان في الخرطوم.
وأكدت هذه القوات، في بيان لها، أن إحدى الغارات استهدفت مستشفى شرق النيل ما تسبب في مقتل وإصابة عشرات من المدنيين وتدمير جزء كبير من المستشفى.
معارك الجنينة
وفي ولاية غرب دارفور، قالت نقابة أطباء السودان إن نحو 200 شخص قتلوا وأصيب 160 آخرون في اشتباكات بمدينة الجنينة يومي الجمعة والسبت، إثر هجوم مليشيا مسلحة ترتدي زي قوات الدعم السريع.
وقالت النقابة الطبية، في بيان، إن الجنينة تمر بأحداث هي الأسوأ والأعنف منذ بداية الاشتباكات بالمدينة في 23 أبريل/نيسان الماضي.
وقال شهود عيان للجزيرة إن معارك شرسة دارت في الجنينة بين قوات الدعم السريع ومجموعات مسلحة من مواطني المدينة مما أدى لسقوط مئات من الضحايا وسط المدنيين ومن الجانبين.
وفي ولاية شمال كردفان، قالت مصادر محلية للجزيرة إن قوة من قوات الدعم السريع اقتحمت الاثنين مدينة الرهد وأسرت اثنين من قوات الشرطة كما أحرقت عددا من المبان الحكومية من بينها مبنى لجهاز المخابرات وآخر للشرطة بجانب مبنى رئاسة الحكومة المحلية بالمدينة.
وأضافت المصادر أن سوق المدينة شهد عمليات نهب متفرقة خلال الاشتباكات، مؤكدين أن قوات الدعم السريع قامت بالانسحاب لخارج المدينة مساء اليوم الاثنين.
تسجيل حميدتي
في الأثناء، اتهم حميدتي من أسماهم فلول النظام السابق بترويج شائعة مقتله، داعيا قواته إلى التماسك.
وأوضح حميدتي، في تسجيل صوتي، أنه موجود وسط جنوده في مناطق بحري وأم درمان والخرطوم وشرق النيل، وتوعد بتقديم قائد الجيش عبد الفتاح البرهان لمحاكمة عاجلة، متهما إياه بتدمير السودان.
وفي وقت سابق الأحد، تداول ناشطون سودانيون على مواقع التواصل الاجتماعي خبرا عن مقتل حميدتي جراء إصابته في الاشتباكات مع الجيش.
قرارات البرهان
سياسيا، أصدر البرهان قرارا بإعفاء الفريق عنان حامد محمد عمر من منصبه مديرا عاما لقوات الشرطة ووزيرَ داخلية مكلفا، وكلف الفريق خالد حسان محيي الدين بمهام مدير عام قوات الشرطة.
ومنذ اندلاع الاشتباكات بين الجيش و”الدعم السريع” منتصف أبريل/نيسان الماضي شكا مواطنو العاصمة الخرطوم من “غياب لافت” للشرطة وعدم تدخُّلها لحسم الانفلات الأمني والنشاط الإجرامي وحماية المدنيين بالأسواق والأحياء السكنية.
وشملت قرارات البرهان إحالة 4 ضباط من الجيش برتبتي لواء وعميد للمعاش انتدبوا في وقت سابق للعمل بقوات الدعم السريع أبرزهم قائد العمليات بالدعم السريع اللواء عثمان حامد ورئيس وفد الدعم للتفاوض بجدة عمر حمدان ومدير مكتب حميدتي اللواء حسن محجوب، وذلك لعدم استجابتهم لقرار قائد الجيش الذي صدر في وقت سابق بإنهاء كل انتدابات القوات النظامية بالدعم السريع.
كما أصدر البرهان قرارا بإنهاء خدمة كل من سفير السودان السابق ببرلين عبد المنعم البيتي، والمتحدث السابق باسم الخارجية السودانية السفير حيدر بدوي.
وكان البرهان قد أصدر قرارا قضى بإعفاء محافظ البنك السودان المركزي حسين يحيى جنقول من منصبه، وتعيين برعي الصديق علي أحمد بدلا منه.
كما أصدر البرهان قرارا قضى بتجميد حسابات قوات الدعم السريع وشركاتها في جميع البنوك بالسودان وفروعها في الخارج. ونص القرار على منع صرف أي استحقاقات أو ميزانيات مرصودة لها.
مظاهرات مؤيدة للجيش
وفي سياق متصل، خرجت تظاهرات جماهيرية مؤيدة للجيش السوداني بعدد من المدن السودانية، اليوم الإثنين، حيث خرجت أعداد جماهيرية في مدينة (قندتو) شمال السودان وهي ترفع شعارات تؤيد الجيش وتدعمه في الحرب الجارية مع قوات الدعم السريع.
وفي ولاية القضارف خرجت جماهير غفيرة من منطقة (ابايو) وتوجهت صوب قيادة الفرقة الثانية مشاة بمدينة القضارف لتقديم مواد غذائية لقوات الجيش.
كما خرجت مجموعة من مكون الهوسا الاجتماعي بولاية كسلا شرقي السودان في موكب جماهيري دعما وتأييدا للجيش.
في الأثناء، خرجت تظاهرات مؤيدة وداعمة للجيش في مدينة الدويم قادها رجال الإدارة الأهلية من مكون (دويح) القبلي حملت معها مواد غذائية لدعم الجيش.
وطاف المتظاهرون أنحاء مدينة الدويم وهم يرددون شعارات “جيش واحد شعب واحد” ثم توجهوا لقيادة الفرقة العسكرية بالدويم.
السفارة الأردنية؟
وفي السياق، استنكرت وزارة الخارجية الأردنية ما وصفته اقتحام وتخريب مبنى السفارة الأردنية بالعاصمة السودانية الخرطوم، دون أن تحدد الجهة التي قامت باقتحام السفارة.
وأعربت الوزارة عن إدانتها واستنكارها لهذا الاعتداء وكل أشكال العنف والتخريب التي تستهدف المنشآت الدبلوماسية وتنتهك حرمتها.
أعلنت #وزارة_الخارجية_وشؤون_المغتربين تعرض مبنى السفارة الأردنية في #الخرطوم، اليوم، للاقتحام والتخريب. وأعربت الوزارة عن إدانتها واستنكارها للاعتداء الذي تعرض له مبنى السفارة الأردنية في الخرطوم، ولكافة أشكال العنف والتخريب، وخاصة تلك التي تستهدف المباني الدبلوماسية وتنتهك… pic.twitter.com/syWCRRAYtG
— وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية (@ForeignMinistry) May 15, 2023
وأوقعت المعارك أكثر من 750 قتيلا وآلاف الجرحى، إضافة إلى قرابة مليون نازح ولاجئ من جميع أنحاء السودان.
وقبل الحرب كان ثلث سكان البلاد يعتمدون على المساعدة الغذائية الدولية، واليوم أصبحوا محرومين منها، فمخازن المنظمات الإنسانية نهبت كما علقت الكثير من هذه المنظمات عملها بعد مقتل 18 من موظفيها.
وسجلت الأسعار ارتفاعا حادا وصل إلى 4 أضعاف بالنسبة للمواد الغذائية و20 ضعفا بالنسبة للوقود. فيما أصبحت السيولة نادرة بسبب إغلاق البنوك -والتي تعرض بعضها للنهب- منذ 15 من أبريل/نيسان الماضي، فيما يعيش 5 ملايين هم سكان الخرطوم مختبئين في منازلهم بانتظار وقف لإطلاق نار لم يتحقق حتى الآن.
وفي جدة بالسعودية، يجري الطرفان محادثات حول وقف إطلاق نار “إنساني” للسماح للمدنيين بالخروج وإتاحة المجال لدخول المساعدات، لكنهما لم يتفقا حتى الآن سوى على قواعد إنسانية بشأن إجلاء المدنيين من مناطق القتال وتوفير ممرات آمنة لنقل المساعدات.