وقّعت الحكومة الأوكرانية في 8 مايو/أيار الجاري اتفاقية مع شركة “بلاك روك” الأميركية لإدارة الاستثمار من أجل إنشاء “صندوق تنمية أوكرانيا”، والهدف منه جذب الاستثمارات في مجالات الطاقة والبنية التحتية والزراعة، بحسب ما أوردته صحيفة إزفيستيا الروسية.
وذكر تقرير نشرته إزفيستيا أن هذه الخطوة تعني إتمام بيع إجمالي الأصول الرئيسية للدولة الأوكرانية، مبرزا أن شركة “بلاك روك” تعد أكبر صندوق لإدارة الأصول في العالم بقيمة سوقية بلغت نحو 8 تريليونات دولار في الأول من يناير/كانون الثاني 2023، وهو ما يعادل تقريبا الناتج المحلي الإجمالي لألمانيا وفرنسا مجتمعتين.
وبحسب الصحيفة الروسية، تمارس شركة بلاك روك نفوذا سياسيا هائلا في العالم، كونها مشاركا مساهما في جميع الشركات المالية والصيدلانية الكبرى، وكذلك في المؤسسات الصناعية العسكرية العملاقة، والمؤسسات الإعلامية، فضلا عن أنها أيضا راعية للبنك الدولي، وتدير جميع برامج نظام الاحتياطي الفدرالي الأميركي لشراء سندات الشركات.
مناصب بارزة
وأشار التقرير إلى أن موظفي بلاك روك السابقين رفيعي المستوى يشغلون مناصب في البيت الأبيض مثل نائب وزير الخزانة والي أديمو، والقائم بأعمال مساعد الوزيرة لسياسة الاقتصاد إريك فان نوستراند، ومايك بايل كبير المستشارين الاقتصاديين لنائبة الرئيس كامالا هاريس، مع العلم أن رئيس مركز أبحاث بلاك روك توماس دونيلون تقلد منصب مستشار للأمن القومي في إدارة باراك أوباما لفترة طويلة، وشغل شقيقه مايك منصب كبير الإستراتيجيين خلال حملة جو بايدن الرئاسية ليعين بعد ذلك مستشارًا كبيرًا في إدارته.
وأوضحت إزفيستيا أن تعاون حكومة الرئيس فولوديمير زيلينسكي مع شركة بلاك روك بات جليا للعيان في سبتمبر/أيلول من العام الماضي بعد نشر صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرًا عن المفاوضات بين الرئيس الأوكراني ورئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة “بلاك روك” لاري فينك بشأن إنشاء صندوق إعادة الإعمار.
وفي ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، عقد الطرفان مؤتمرا مشتركا عبر الفيديو كُشف خلاله للرأي العام عن إبرام صفقة لتنسيق “جهود الاستثمار”، أضفي عليها الطابع الرسمي في مايو/أيار الجاري.
شروط الصفقة
وأكد التقرير أنه بموجب شروط الصفقة، ستتولى شركة “بلاك روك” إدارة الأصول الأوكرانية، بما في ذلك الأموال من حجم “المساعدات الدولية”. وستخضع المؤسسات الإستراتيجية الأوكرانية بما في ذلك التي تم “تأميمها” إلى السيطرة الأجنبية.
وفي إطار هذا المخطط -تتابع الصحيفة الروسية- ستدير الشركة الدَّين العام الأوكراني الذي ناهزت قيمته وفقا لوزارة المالية الأوكرانية 119.9 مليار دولار في نهاية مارس/آذار الماضي، أي ما يعادل 78% من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2022.
في المقابل، ستقتطع “بلاك روك” جزءا من الأموال التي يرسلها الغرب كمساعدة مقابل الخدمات التي تقدمها، مما يحرم كييف من جميع الموارد.
ونقل التقرير عن كبير الباحثين في المعهد الروسي للدراسات حول الولايات المتحدة وكندا فلاديمير فاسيليف قوله إن ظهور بلاك روك في الواجهة ربما يرجع إلى استعداد الولايات المتحدة لتخلف أوكرانيا عن سداد ديونها، مشيرا إلى أن “الاسترقاق بالدَّين وسيلة أكثر فعالية للإدارة الخارجية من أي وسيلة أخرى”، على حد تعبيره.
وأوضح التقرير أن قائمة الأصول الأوكرانية التي أصبحت تحت سيطرة بلاك روك تشمل أكبر شركة لتوليد الطاقة في أوكرانيا، وشركة النفط والغاز الوطنية الأوكرانية “نافتوغاز”، والوكالة الحكومية للطرق السريعة في أوكرانيا.