في صور تم التقاطها من طائرة تحلق في السماء، رُصد أربعة أشخاص يبحرون في قارب حديدي عبر مساحة من البحر الأبيض المتوسط يلوحون بأذرعهم حيث يبدون في محنة، لكن اتضح لاحقًا أن المجموعة ما هم إلا صبي يبلغ من العمر 13 عامًا ورجلان وامرأة، فهم الناجون الوحيدون من غرق قارب أسفر عن مقتل 41 شخصًا آخرين كانوا مسافرين معهم.
نجا الأربعة عن طريق الطفو عبر سترات النجاة حتى عثروا على قارب آخر فارغ، من المحتمل أن يكون لمهاجرين سابقين، حيث صعدوا إلى الداخل، وأمضوا عدة أيام وهم ينجرفون قبل أن يتم إنقاذهم.
وبعد يوم من ظهور أنباء المأساة، استعد المهاجرون في مدينة صفاقس التونسية لعبور نفس المعبر.
قوارب سيئة وثغرات
وقال رجل فر من القتال في منطقة دارفور بغرب السودان لـ”بي بي سي” إنه يعتزم طلب اللجوء في تونس، لكنه كان مستعدًا لركوب قارب إذا لم ينجح ذلك.
وأضاف: “لقد نجوت للتو من حرب، وليس لدي ما أخسره”.
كما كان هناك رجل آخر من كينيا كان يحلم بحياة أفضل لعائلته في أوروبا، أكد أنه سينضم إلى آلاف الآخرين الذين خاطروا بحياتهم هذا العام فيما يُطلق عليه أخطر طريق للهجرة في العالم.
وقال الخبراء لهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، إن القوارب سيئة التصميم والمكتظة، والطقس العاصف، والثغرات في الجهود الدولية كلها عوامل الخطر، ووصفت إحدى المنظمات غير الحكومية للبحث والإنقاذ وسط البحر الأبيض المتوسط بأنه “مقبرة”.
وأظهرت الإحصائيات زيادة في الوفيات جراء غرق القوارب، إذ تقول وكالة الحدود الأوروبية “فرونتكس” إن وسط البحر الأبيض المتوسط هو “الطريق الأكثر نشاطًا” إلى الاتحاد الأوروبي، حيث أبلغت السلطات الوطنية عن أكثر من 89000 حالة اكتشاف رحلات في الأشهر السبعة الأولى من عام 2023 – أكثر من الضعف العام الماضي ، والأعلى منذ عام 2017.
وأبحر الأشخاص الذين يقومون بالرحلة من شواطئ شمال إفريقيا إلى إيطاليا.
وسجلت المنظمة الدولية للهجرة أكثر من 1800 حالة وفاة لمهاجرين في وسط البحر الأبيض المتوسط حتى الآن هذا العام، مقارنة بـ 1400 لعام 2022 بأكمله.
ومن بين حطام سفن المهاجرين هذا العام كانت سفينة صيد مكتظة قبالة سواحل اليونان، ما أسفر عن مقتل المئات في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في البحر الأبيض المتوسط في السنوات الأخيرة.
وتقول المنظمة الدولية للهجرة إن هناك أدلة قوية على أن العديد من حطام السفن “غير مرئية”، حيث تختفي القوارب غير المسجلة ولا يوجد ناجون عنها، ما يعني أن العدد الحقيقي للقتلى من المرجح أن يكون أعلى من ذلك بكثير.
سبب الرحلات الخطرة
أولئك الذين يشرعون في رحلة محفوفة بالمخاطر يأتون من جميع أنحاء العالم ولديهم أسباب مختلفة للرغبة في الوصول إلى أوروبا، أبرزها الفرار من الحرب أو التعذيب إلى البحث عن وظائف.
ووفقًا لما ذكره صبي يبلغ من العمر 16 عامًا من جامبيا بعد أن تم إنقاذه من قارب مطاطي مكتظ هذا الصيف، أنه غادر المنزل قبل ثلاث سنوات “للعمل بجد ومساعدة عائلته”.
وكان يدرك مدى خطورة الرحلة، بعد أن فقد صديقه يبلغ من العمر 18 عامًا على المعبر، لكنه قال إن هذا لم يردعه – فقد “فقد حياته من أجل عائلته ومجتمعه وأمته”.
وهذا العام، تجاوزت تونس ليبيا كنقطة انطلاق رئيسية – وسط موجة من العنصرية ضد الأفارقة هناك.
ويرجع البعض السبب في ذلك أن المعبر الليبي لا يزال أكثر خطورة، لأسباب جغرافية وسياسية.
وبشأن طقس المعابر، فقال ريان شرودر، المتحدث باسم المنظمة الدولية للهجرة “إذا حدثت عواصف أو كانت البحار شديدة – والتي قد تصبح أكثر تواترا مع تغير المناخ – فهناك خطر أكبر بكثير على الحياة”.
وأضاف: “في بعض الأحيان، لا يمنع حتى سوء الأحوال الجوية المهربين من إرسال الناس إلى البحر”، مشيرًا إلى القوارب التي انقلبت مؤخرًا بالقرب من جزيرة لامبيدوزا، والتي تم إطلاقها على الرغم من أمواج البحر الهائجة.