نشرت صحيفة “فزغلياد” الروسية تقريرا سلطت فيه الضوء على ما أسمتها “الصفعة السياسية” التي وجهتها الهند لأوكرانيا وداعميها الغربيين بعدم دعوة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى قمة مجموعة الـ20 القادمة.
وقالت الصحيفة إن الهند رفضت دعوة أوكرانيا إلى قمة مجموعة الـ20 المقامة في سبتمبر/أيلول المقبل في نيودلهي، مبررة ذلك على لسان وزير خارجيتها الهندي سوبرامانيام جايشانكار بأن كييف ليست عضوا في المجموعة على عكس روسيا.
وأوضحت أنه وفقا لخبيرة السياسة الدولية إلينا سوبونينا، فإن الهند لا تخفي حقيقة دعوتها 9 دول غير أعضاء إلى القمة، لكن تلك البلدان تربطها بنيودلهي علاقات تجارية واقتصادية وسياسية قوية.
كما أكد الخبير بالمعهد الروسي للاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية أليكسي كوبريانوف أن الهند ليس لديها مصالح خاصة في أوكرانيا.
الهند وأوكرانيا
ووفق فزغلياد، فقد أضافت سوبونينا أن علاقات أوكرانيا مع الهند ليست على هذا المستوى الرفيع، حيث انخفض حجم التجارة الثنائية بين البلدين بنحو 30% في عام 2022، كما أن الدبلوماسية الأوكرانية لا تولي الكثير من الاهتمام للاتصالات مع الهند، في حين أنها تتمتع بعلاقات جيدة مع باكستان.
وبحسب الصحيفة الروسية، فإن من الواضح أن كل هذا لا يهم، إذ أصبح من المعتاد دعوة زيلينسكي إلى جميع الفعاليات الدولية التي يشارك فيها الغرب، أو السماح له بالتحدث فيها عبر الإنترنت كما حدث في قمة مجموعة الـ20 العام الماضي في إندونيسيا.
وأفادت بأن الدولة التي تقول إنها واحدة من رواد العالم تحاول الآن نزع الطابع السياسي عن قمة مجموعة الـ20 المقبلة قدر الإمكان، حتى لا تتحول إلى مواجهة بشأن القضية الأوكرانية.
وأضافت فزغلياد أنه وفقا لوزير الخارجية الهندي، فإن الصراع الروسي الأوكراني خارج مسؤولية مجموعة الـ20، وهذا هو بالتحديد سبب عدم دعوة زيلينسكي، فالمجموعة ليست مجلس الأمن ولا تتعامل مع قضايا الأمن العالمي.
وبيّنت أن نيودلهي تدرك أن هذا البيان ليس مجرد إقرار بالحقيقة، ولكنه خطاب ضد واحدة من أهم الروايات الغربية، حيث يحاول الأميركيون إشراك دول الجنوب في الحملة المناهضة لروسيا عبر الاحتجاج بالحرب في أوكرانيا كواحد من الأسباب الرئيسية للمشاكل الاقتصادية العالمية.
استفادة
لكن المفارقة -كما تقول فزغلياد- هي أن العقوبات على روسيا هي التي تسبب المشاكل الاقتصادية العالمية، فحسب الخبير في الصندوق الوطني لأمن الطاقة إيغور يوشكوف، فهذه فرصة بالنسبة للهند لكسب أموال جيدة من شراء النفط الروسي وبيع المنتجات النفطية المعالجة.
ونقلت الصحيفة عن سوبونينا قولها إن هذا هو السبب الذي تحاول من أجله السلطات الهندية أن تنأى بنفسها عن المشاركة في التفسير الأميركي للأحداث الأوكرانية.
وتابعت سوبونينا أنه على عكس جنوب أفريقيا “التي فشلت في حماية سيادتها بوصفها دولة مضيفة لمجموعة البريكس وتوفير ظروف لائقة لمشاركة الزعيم الروسي (فلاديمير) بوتين، فإن الهنود يولون اهتماما أقل للضغوط الغربية”.
وأوضح كوبريانوف -من جانبه- أن الهنود لديهم خط واضح يلتزمون فيه بأن الصراع في أوروبا ليس له أهمية كبيرة بالنسبة لهم، فهم لا يشتركون مع الغرب في موقفهم فيما يتعلق بتقديم المساعدة لأوكرانيا، كما أنهم لا يخشون العقوبات لأنهم يدركون أن الغرب يحتاج إلى الهند كقوة موازنة للصين.
وذكرت الصحيفة أن الولايات المتحدة حاولت في عدة مناسبات الضغط على نيودلهي، وكان الرد على هذا الضغط بالمثل، حيث شنت وسائل الإعلام الهندية -وكذلك السياسيون- حملة تصريحات قوية مناهضة لواشنطن، مما جعل القيادة الأميركية تحرص على عدم تعريض العلاقات الهندية الأميركية للخطر، وهذا أمر مهم لمزيد من احتواء الصين.