التقى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بوزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، أمس الجمعة، في محادثات على أعلى مستوى منذ التصالح بين البلدين في مارس الماضي، وتتخذ العلاقات السعودية الإيرانية مسارها الصحيح منذ استئناف العلاقات بين القوتين الإقليميتين .
يأتي الاجتماع غير المقرر، في جدة، بعد يوم من وصول حسين أمير عبد اللهيان إلى المملكة، وإعلان أن العلاقات بين البلدين على المسار الصحيح، بعد محادثات مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان.
مناقشات صريحة ومثمرة للسعودية وإيران
وفي أول زيارة له منذ استئناف العلاقات بين القوتين الإقليميتين، أكد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان من العاصمة السعودية الرياض على “العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية”.
واستغل أمير عبد اللهيان الفرصة لتأكيد دعم الجمهورية الإسلامية للقضية الفلسطينية فيما تخوض الرياض محادثات مع الولايات المتحدة حول تطبيع مرتقب مع إسرائيل، عدو إيران اللدود.
وقال الوزير الإيراني في مؤتمر صحافي بجوار نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان إن العلاقات بين البلدين “تتخذ مسارا صحيحا”.
ورغم حديثه عن مناقشة التعاون الاقتصادي والأمني، إلا أنّه لم يتم إعلان أي اتفاقيات مشتركة جديدة.
وقال أمير عبد اللهيان في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي بعد لقائه بولي العهد: “المناقشات كانت صريحة ومفيدة ومثمرة”، مضيفا أن الدول “متفقة على الأمن والتنمية في المنطقة”.
تحت عنوان “الدبلوماسية الفاعلة”
سعى الأمير محمد بن سلمان، إلى إعادة توجيه السياسة الخارجية السعودية في السنوات الأخيرة وسط مشاكل في علاقته الوثيقة تاريخياً مع الولايات المتحدة، أظهرت لقطات للاجتماع على وسائل إعلام رسمية إيرانية محمد بن سلمان وعبد اللهيان وهما يبتسمان أثناء حديثهما، بينما كان الأمير فيصل والوفد الإيراني يراقبون. وقالت وكالة الأنباء السعودية الرسمية إنهما ناقشا التطورات الدولية والإقليمية.
وفي هذا الصدد، أكدت صحيفة “الرياض” السعودية أن عودة العلاقات بين المملكة وإيران سيكون له مردود إيجابي على البلدين والإقليم، مشيرة إلى أن العديد من الملفات مرشحة للإغلاق أو التسوية على أقل تقدير، وهو أمر مهم كونه يمهد الأرضية لمستقبل أكثر استقرارا ونموا، في صالح دول المنطقة وشعوبها.
وأضافت الصحيفة – في افتتاحية عددها الصادر، اليوم السبت، تحت عنوان “الدبلوماسية الفاعلة” – أن عودة العلاقات السعودية الإيرانية تأتي في إطار سياسة سعودية منطقية واقعية لإغلاق ملف كان له تداعيات على الإقليم بأسره، وجعله يعيش أجواء متوترة أثرت على تقدمه ونمائه واستقراره، واستنفد موارد كانت من الممكن أن يتم تسخيرها من أجل النمو والتقدم، لافتة إلى أن إعادة العلاقات يؤسس لمرحلة جديدة من التعاون البناء.
أول زيارة لمسئول إيراني منذ 2015
وفي هذا الصدد، قال الدكتور محمد محسن أبوالنور، خبير في الشئون الإيرانية، أن تمديد زيارة وزير الخارجية الإيراني في جدة إلى يوم إضافي، هو أمر كبير ويحمل العديد من الجدل ويدل على أنه سوف يتخذ قرار كبير في مسار العلاقات بين السعودية وإيران.
وأضاف أبوالنور- خلال تصريحات له: “توقعي الشخصي أن هذا القرار سيكون على مستوى الترتيبات الأمنية في الإقليم، لا سيما أن هذه الزيارة تزامنت مع اتصال هاتفي من رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك إلى ولي العهد السعودي، وأيضًا اتصال آخر بالغ الأهمية من وزير الخارجية الأمريكي إلى نظيره السعودي، كل ذلك يدل على أن هناك اهتمامًا دوليًا بهذه الزيارة”.
ومن جانبها، رحبت الكويت، أمس الجمعة، بنتائج زيارة وزير الخارجية الإيراني للسعودية.
واعتبرت الكويت في بيان أنها “تعكس حرص البلدين على عودة العلاقات الثنائية إلى طبيعتها وتمسكهما بالمحافظة على أمن واستقرار المنطقة”.
ومن جانبه قال رخا أحمد حسن، عضو المجلس المصري للشئون الخارجية، إن لقد أصبح واضحا حرص الجانبين السعودى والإيرانى على الإسراع باتخاذ جميع الخطوات الكفيلة باستعادة ليس فقط العلاقات الدبلوماسية، وإنما على جميع المستويات فى أقرب وقت ممكن، وذلك بعد أن كانت المباحثات بينهما سواء بوساطة عراقية أو عمانية، تسير ببطء إلى أن فوجئ العالم كله بأن الصين دخلت على خط الوساطة وتم بأسرع من كل التوقعات الإعلان عن الاتفاق الثلاثى بين السعودية وإيران والصين على استئناف العلاقات السعودية الإيرانية خلال شهرين من إعلان الاتفاق، وهو ما اعتبر نقطة تحول بالغة الأهمية ليس فقط فى العلاقات الثنائية بين طهران والرياض، وإنما لما سيكون لذلك من آثار على منطقة الخليج والشرق الأوسط، والتوازنات الإقليمية والدولية وحدوث عملية إعادة ترتيب كبيرة فيها.
استعادة العلاقات الإيرانية السعودية
وأضاف حسن- خلال تصريحات له: “وقد كانت المفاوضات فى بكين قصيرة ما بين 6ــ10 مارس 2023 وتضمن البيان الذى صدر فى ختامها خطوطا عامة للاتفاق بين السعودية وإيران، منها أن يتم تنفيذ الاتفاق خلال 60 يوما من تاريخ إعلانه، واحترام سيادة الدول وعدم التدخل فى شئونها الداخلية، وتفعيل جميع الاتفاقيات المشتركة بين البلدين ومنها اتفاقية التعاون الأمنى، واتفاقية التعاون فى مجال الاقتصاد، والتجارة، والاستثمار، والتكنولوجيا، والعلوم، والثقافة، والرياضة والشباب”.
وتابع: “أعقب ذلك إجراء ثلاثة اتصالات هاتفية بين وزير خارجية السعودية الأمير فيصل بن فرحان، ووزير خارجية إيران حسين أمير عبداللهيان، تشاورا خلالها بشأن خطوات تنفيذ اتفاق تطبيع العلاقات وإجراءات إعادة افتتاح السفارات فى الرياض وطهران، والقنصليات فى مشهد وجدة، وتفعيل الاتفاقات السابقة بينهما، وقد التقى الوزيران فى 6 أبريل 2023 فى بكين لاستكمال ما تناولاه تليفونيا، وكان اختيارهما بكين مكانا لأول لقاء بينهما تقديرا لدور الصين فى الوساطة والتوصل للاتفاق، وتأكيدا لدورها فى الحاضر والمستقبل باعتبارها ضامنا لالتزام كلا الطرفين بما تم الاتفاق عليه نصا ومضمونا، وهو نفس السبب الذى جعلهما يفضلان أن تكلل وساطة الصين بالنجاح، مع تقدير ما سبقها من وساطة عراقية وعمانية”.
والجدير بالذكر، أن كانت آخر وزير خارجية إيراني يزور المملكة العربية السعودية في رحلة علنية هو محمد جواد ظريف، الذي سافر إلى المملكة في عام 2015 لتقديم التعازي في وفاة الملك عبد الله.
وفي يونيو، التقى فيصل بمسؤولين إيرانيين في طهران في أول رحلة له إلى إيران منذ اتفاق بوساطة الصين لاستئناف العلاقات بين الخصمين الإقليميين في مارس.