تواجه إسرائيل أزمة كبيرة توقفها على أعتاب الحرب الأهلية، بدأت مع تولي رئيس الوزراء بنيامن نتنياهو، وائتلافه اليميني المتطرف الحكم، وتستمر اجتجاجات الإسرائيليين في شوارع تل أبيب للأسبع الـ 33 ضد خطة التعديلات القضائية المثيرة للجدل التي بدأها نتنياهو والتي يرى معارضيها أنها ستعمل على انهيار القضاء الإسرائيلي وأن الغرض منها هو تهرب نتنياهو وحكومته الفاشية من القضايا الفساد المدان فيها وتجددت التظاهرات التي خرج فيها آلاف الإسرائيليين، يوم السبت 19 أغسطس.
الاحتجاجات في إسرائيل
وقالت صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية، إنّ آلاف الإسرائيليين يتوافدون للمشاركة بالتظاهرة المركزية في شارع كابلان وسط مدينة تل أبيب، ضد خطة التعديلات القضائية. وأغلقت الشرطة الإسرائيلية عدداً من الطرقات الرئيسية في تل أبيب عقب انطلاق التظاهرة.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ آلاف الإسرائيليين شاركوا أيضاً في تظاهرات بمناطق أخرى، من بينها حيفا ومفترق كركور، ورحوفوت.
وصوّت الكنيست في 24 يوليو الماضي، بالقراءتين الثانية والثالثة على مشروع قانون “الحد من المعقولية” ليصبح قانوناً نافذاً رغم الاعتراضات المحلية الواسعة. وقانون “الحد من المعقولية” واحد من 8 مشاريع قوانين طرحتها الحكومة في إطار “إحداث التوازن بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية”، ضمن خطة “إصلاح القضاء” التي تصفها المعارضة بـ”الانقلاب”، وتتظاهر ضدها منذ 33 أسبوعاً.
ولا يتوقف الحديث في إسرائيل عن تراجع كفاءة الجيش بفعل التعديلات القانونية التي أقرها الكنيست، والتي أدت إلى موجة غضب واسعة في صفوف الجيش، خاصة سلاح الطيران. وخلال مداولات سرية في لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، أقر ضباط كبار بتراجع قدرات الجيش بسبب توقف جنود وضباط عن أداء الخدمة التطوعية وتراجع الحماس لدى العاملين في الجيش، وفقاً لما ذكرته القناة 11.
وتشير تقديرات نقلتها القناة إلى أن استمرار أزمة التعديلات القضائية سيؤدي إلى تراجع كفاءة سلاح الجو وشعبة الاستخبارات العسكرية في غضون أسابيع قليلة أو بضعة أشهر، بالإضافة إلى الضرر الذي وقع على جاهزية الجيش وسط توقع مزيد من الأضرار مستقبلاً.
وذكرت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، أن ضباطاً حذروا خلال الاجتماع من تضرر كفاءة القوات البحرية ووحدات الأنظمة التكنولوجية التابعة للجيش، بالإضافة إلى التشكيلات الطبية. وقال مسؤولون شاركوا في الاجتماع إن جنود الاحتياط ربما يختارون عدم الامتثال للأوامر أو المشاركة في حرب تنتج عن تصرفات الحكومة غير المسؤولة أو استفزازات أي من أعضائها، بحسب الصحيفة.
وأضافت أن الأمر وصل إلى بحث إمكانية تشكيل لجنة تحقيق من قبل المجلس الوزاري الأمني المصغر لمعرفة سبب تراجع كفاءة الجيش.
انهيار الجيش الإسرائيلي
ومن جانبه، قال جمال زحالقة عضو الكنيست الإسرائيلي لوكالة أنباء العالم العربي إن الانقسام وصل إلى الجيش، مشيراً إلى أن هناك عشرات الآلاف من ضباط وجنود الاحتياط أعلنوا عدم الاستمرار في الخدمة العسكرية إذا تمت دعوتهم.
واعتبر زحالقة أن هذه ضربة قوية وكبيرة للجيش، خاصة القوات الجوية التي تعتمد بنسبة 70 في المائة على قوات الاحتياط التي تضم ضباطاً طيارين، معتبراً جنود وضباط الاحتياط عصب الطيران الإسرائيلي. وأضاف أن إسرائيل تواجه مشكلة كبيرة جداً وحساسة، وكل فرق النخب بالجيش الإسرائيلي تعاني من مشكلة كبيرة، مشيراً إلى أن الأزمة وصلت إلى القوات النظامية، وليس قوات الاحتياط فقط.
ولفت إلى أن إسرائيل أمام مشكلة كبيرة ومرشحة للتفاقم إذا تم سن مزيد من قوانين التعديلات القضائية، لأن هذا سيدفع مزيداً من النخب العسكرية للابتعاد عن الخدمة، مضيفاً أن الجيش يعاني من أزمة كبيرة ولا أحد يعرف إلى أين ستؤدي هذه الأزمة، قائلاً إن هناك مشكلات أخرى فيما يتعلق بالعلاقة مع الولايات المتحدة والوضع الاقتصادي، وهذا يؤثر على قدرة إسرائيل على شراء الأسلحة.
ومن جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، والقيادي بحركة فتح، الدكتور جهاد الحرازين، إن ما يحدث في دولة الاحتلال الإسرائيلي من مظاهرات وانقسامات داخلية واحتجاجات واضرابات يأتي في سياق محاولات اليمين الإسرائيلي المتطرف للسيطرة على كافة مناحي الدولة وسلطاتها.
وأضاف الحرازين في تصريحات لـ “صدى البلد”، أن الحكومة الإسرائيلية المتطرفة في سباق مع الزمن لمحاولة تمرير المشاريع والقوانين التي تضمن استئثارهم بالسلطة وذلك بعد إلغاء حجة المعقولية وسلب صلاحيات المحكمة العليا وسيطرة الحكومة بعد فشل المفاوضات، مما أدخل دولة الاحتلال في حالة من التوتر وهو ما بدأت ملامحه تتحول إلى حالة من الاضرابات الكاملة بداخل إسرائيل.
واختتم أستاذ العلوم السياسية قائلاً إن الوجه الحقيقي للاحتلال الإسرائيلي ومساراته العنصرية الرافضة لأي حلول سياسية بدأ ينكشف ولذلك فإن الأحداث ستستمر إذا لم تتدخل الولايات المتحدة بثقل كبير وقوي لوقف هذا التطرف الذي يجتاح الشارع الإسرائيلي ووقف رعايتها لنتنياهو وحكومته.