يعد الانضمام إلى تكتل بريكس خطوة كبرى تعول عليها كثير من الدول النامية خاصة مصر في إحداث حالة من الانفتاح الاقتصادي على دول المجموعة، التي تمثل رقما مهما في الاقتصاد العالمي، قد يصل إلى 40% من حجم التجارة العالمية بحلول عام 2040.
عضوية مجموعة بريكس
وتضم مجموعة بريكس كلا من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، والتي تشكل اقتصاداتها مجتمعة أكثر من 26% من الاقتصاد العالمي، فيما يشكل عدد سكان هذه الدول 40% من سكان العالم.
وأعلن رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، الذي تستضيف بلاده قمة قادة بريكس، اليوم الخميس، أنه سيتم قبول المرشحين الجدد كأعضاء في الأول من يناير عام 2024.
ودعا زعماء مجموعة بريكس: مصر والسعودية وإيران وإثيوبيا والأرجنتين والإمارات العربية المتحدة للانضمام، في خطوة تهدف إلى تعزيز نفوذ الكتلة التي تعهدت بمناصرة الجنوب العالمي.
ووفقًا لما نقلته رويترز، يمهد التوسع في مجموعة بريكس الطريق أمام عشرات الدول المهتمة التي تسعى للانضمام إلى مجموعة بريكس والتي تضم حاليًا البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، حيث يؤدي الاستقطاب الجيوسياسي إلى تحفيز الجهود التي تبذلها بكين وموسكو لتحويلها إلى ثقل موازن قابل للحياة في مواجهة الغرب.
وتصدر النقاش حول التوسيع جدول أعمال القمة التي انطلقت قبل يومين في مدينة جوهانسبرج، بينما أعرب جميع أعضاء البريكس علنًا عن دعمهم لتنمية الكتلة، “كانت هناك انقسامات بين القادة حول مدى السرعة”.
على الرغم من أنها موطن لنحو 40% من سكان العالم وربع الناتج المحلي الإجمالي العالمي، فإن فشل أعضاء البريكس في التوصل إلى رؤية متماسكة للكتلة جعلها منذ فترة طويلة أقل من وزنها كلاعب سياسي واقتصادي عالمي، وفقاً لرويترز.
وأعربت أكثر من 40 دولة عن اهتمامها بالانضمام إلى مجموعة البريكس، كما يقول مسؤولون من جنوب إفريقيا، وطلبت 22 دولة رسميًا قبولها.
وأصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي – بيانا تعقيبا على دعوة مصر إلى المشاركة في تحالف دول بريكس، قائلا: “أثمن إعلان تجمع بريكس عن دعوة مصر للانضمام لعضويته اعتبارا من يناير 2024، ونعتز بثقة دول التجمع كافة التي تربطنا بها جميعا علاقات وثيقة”.
وأعرب الرئيس عن تطلعه للتعاون والتنسيق معها خلال الفترة المقبلة، ومع الدول المدعوة للانضمام لتحقيق أهداف التجمع نحو تدعيم التعاون الاقتصادي والعمل على إعلاء صوت دول الجنوب إزاء مختلف القضايا والتحديات التنموية التي تواجهها، بما يدعم حقوق ومصالح الدول النامية.
فيما أثنى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات، اليوم الخميس، على موافقة قادة مجموعة بريكس على ضم دولة الإمارات العربية المتحدة.
وقال بن زايد عبر حسابه الرسمي في منصة “إكس”: “نقدر موافقة قادة مجموعة بريكس على ضم دولة الإمارات العربية المتحدة إلى هذه المجموعة المهمة، ونتطلع إلى العمل معاً من أجل رخاء ومنفعة جميع دول وشعوب العالم”.
مكاسب الأعضاء الجدد
من جانبه، قال الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا: أرحب بانضمام الأرجنتين ومصر وإثيوبيا وإيران والسعودية والإمارات لبريكس، و أن إجمالي الناتج المحلي ارتفع الآن ليصل إلى 7.2 في المئة من إجمالي الناتج المحلي العالمي.
كما أن مجموعة بريكس أصبحت تشمل 46 في المئة من سكان العالم، مؤكداً أن “بريكس ستكون محركا لنظام عالمي جديد”.
بدوره قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عبر الفيديو، أنه يرحب بانضمام الأعضاء الجدد لمجموعة بريكس وسيستمر في توسيع العضوية.
وذكر “أود التشديد على قضايا التعامل بعملة مشتركة بالإضافة إلى العملات المحلية.. و نريد ضمان التعاون البناء والفعال مع الأعضاء الجدد، كما سنعمل مع كل من يريدون العمل معنا من خلال برامجنا المختلفة”.
كما قال رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي، إن هذه القمة التي امتدت على 3 أيام كانت لها نتائج إيجابية جدا، وأن توسيع مجموعة بريكس هو قرار مهم، ولطالما آمنت الهند بضرورة توسيع المجموعة.
كما أن إضافة أعضاء جدد سيقوي البريكس وسيعطي زخما جديدا لجهودنا المشتركة، مؤكداً أن للهند علاقات عميقة وطويلة الأمد مع كل الدول التي انضمت.
كذلك قال الرئيس الصيني شي جين بينج، إن دول البريكس برمتها تملك نفوذا كبيرا وتتحمل مسؤولية إحلال السلام، مؤكدا أن توسيع عضوية البريكس يعد حدثا تاريخيا.
كما أن هذا التوسع سيشكل نقطة بداية جديدة للتعاون بين دول مجموعة البريكس وسيكون المستقبل مزدهرا ومثمرا لدول البريكس، قائلاً: “علينا العمل معا لكتابة فصل جديد للاقتصادات النامية من أجل التنمية المشتركة”.
وقال الخبير الاقتصادي، أحمد معطي، إنه تم الإعلان اليوم خلال قمة البريكس انضمام عدد من الدول من ضمنها مصر وإيران وإثيوبيا والسعودية والإمارات والأرجنتين، مشيراً إلى أهمية تلك الخطوة لتكتل البريكس حيث إن الــ 6 دول الجدد المنضمة للمجموعة هي دول قوية وستضيف الكثير.
وأضاف معطي – خلال تصريحات لـ”صدى البلد”، أن هناك ميزة وهي وجود اتفاقية الاحتياطي الطارئ، والتي بدورها تفيد الدول التي تعاني من نقص الحصيلة الدولارية، وبالتالي تستطيع هذه الدول إبداء رغبتها في الحصول على المزيد من الدولارات من الدول الأعضاء مقابل العملة المحلية، مشيراً إلى أن دولة مثل الصين لديها احتياطي كبير للغاية من الدولارات وهذا ما نحتاجه.
وأكمل الخبير الاقتصادي: هناك اتفاقية أخرى هامة أيضاً لحل عجز الموازنة في الدول، وبالتالي تستطيع أي دولة عضو بالمجوعة طلب الدعم لخفض العجز في الموازنة، فضلاً عن تسهيل المشروعات بين الدول الأعضاء وبعضها البعض، وتسهيل الأمور للمستثمرين، وبالتالي سيكون ذلك بمثابة تشجيع للقطاع الخاص والاقتصاد بالكامل.
واختتم الخبير الاقتصادي، قائلا إن هناك ميزة أخرى وهي إنضمام الامارات والسعودية لمجموعة البريكسـ مشيراً إلى “أنهم لاعبين مهمين في منظمة أوبك”.
أزمة بالولايات المتحدة
من جانبه قال الدكتور كريم رضوان الباحث والمحلل الاقتصادي، إن الأرقام الأخيرة كشفت عن تفوق مجموعة “بريكس” لأول مرة على دول مجموعة السبع الأكثر تقدما في العالم، وذلك بعد أن وصل مساهمة “بريكس” إلى 31.5 بالمئة في الاقتصاد العالمي، مقابل 30.7 بالمئة للقوى السبع الصناعية، وهو ما يؤكد أن الاتجاه الصعودي الذي حققته “بريكس” سيستمر خاصة في أسواق الصين والهند.
وأضاف المحلل الاقتصادي خلال تصريحات لـ”صدى البلد”، أنه فيما يتعلق بالبريكس وهيمنة الدولار، فبعد سنوات من إساءة استخدام وضع الدولار الأمريكي كعملة احتياط، تواجه الولايات المتحدة الآن موجة متزايدة من عمليات إزالة الدولرة العالمية.
ولفت: تتحد العديد من أكبر الدول اقتصاديًا وأكثرها اكتظاظًا بالسكان على هذا الكوكب لإطلاق بديل بالدولار الأمريكي لاستخدامه في التجارة العالمية، وهو ما يؤكد أن دول البريكس – البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا – قد وضعوا أنفسهم كبديل للغرب من حيث الأمور المالية والسياسية العالمية، وذلك من خلال تحدي هيمنة الدولار بعملة جديدة، إذ تحاول المنظمة إنشاء نظام مالي عالمي جديد يهدف إلى استبدال الدولار في المعاملات الدولية، سواء بينهم داخل دول المنظمة، أو حتى بين دول المنظمة والدول الأخرى خارج المنظمة.
وتابع رضوان: مجموعة بريكس تعد أكثر تطورا صناعيا من مجموعة السبع الكبار، وهو ما يؤكد على أن قوة أخرى غير الولايات المتحدة الأميركية تسيطر على كتلة اقتصادية عالمية مهمة وبالتالي نفوذ عالمي جديد.
وأردف: بدأت بريكس في تقديم نفسها كبديل للكيانات المالية والسياسية الدولية الحالية، بعدما بدأت كرمز للاقتصادات الأسرع نموا حول العالم، ويبدو أن الأمر قد يصبح حقيقة قريبا، ليس فقط من خلال الناتج الإجمالي للمجموعة والذي تفوقت فيه على “السبع الصناعية”.
واختتم: من ضمن ما تقدمه “بريكس” كبديل لمؤسسات دولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد، أنشأت المجموعة “بنك التنمية الجديد” برأس مالي أولي قدره 50 مليار دولار، مع وضع احتياطات نقدية طارئة تدعم الدول التي تعمل على سداد ديونها، ويعتبر خبراء أن هذه الخطوة قد تزيد نفوذ “بريكس” عالميا، حيث تلجأ إليها الدول التي تعاني من سياسات المؤسسات المالية الدولية، وهو ما اتضح حين بدأت دول مثل مصر وبنجلاديش في الاكتتاب في البنك بمليارات الدولارات.