أعلنت الجزائر -اليوم الخميس- أنها أوفدت الأمين العام لوزارة الخارجية لوناس مقرمان إلى النيجر، ضمن مساعيها للوساطة وإيجاد حل سياسي للأزمة، في حين قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن ما سمّاه “غزوًا” محتملًا للنيجر سيكون مدمرًا.
وذكرت الوزارة على منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، أن هذه الزيارة تأتي “في إطار المساعي الحثيثة والمتواصلة للجزائر بشأن الإسهام في إيجاد حل سياسي للأزمة التي يعيشها النيجر، بما يجنبه -وكذلك للمنطقة بأكملها- المزيد من المخاطر”.
وحسب إذاعة “صوت الساحل” الوطنية في النيجر، التقى مقرمان رئيس وزراء النيجر المعيّن من النظام العسكري علي محمد الأمين زين بحضور عدد من أعضاء حكومته؛ وهم: وزير الدفاع ساليفو مودي، ووزير الخارجية بكاري ياو سانغاري، ووزير العدل علي داودا.
وتأتي الزيارة بعدما بدأ وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف -أمس الأربعاء- جولة مباحثات في ثلاث من دول الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)؛ هي: نيجيريا وبنين وغانا، للتشاور بشأن أزمة النيجر وسبل حلها.
بتكليف من السيّد رئيس الجمهورية، يقوم الأمين العام للوزارة، لوناس مقرمان، بزيارة إلى النيجر الشقيقة 🇳🇪 ابتداء من اليوم.
تأتي هذه الزيارة في إطار المساعي الحثيثة والمتواصلة للجزائر قصد الإسهام في إيجاد حل سياسي للأزمة في النيجر من أجل تجنيبه والمنطقة بأكملها المزيد من المخاطر. pic.twitter.com/pKtPmtP4DP— وزارة الشؤون الخارجية| MFA-Algeria (@Algeria_MFA) August 24, 2023
وفي 6 أغسطس/آب الجاري، أكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أنه “يرفض رفضًا قاطعًا أيّ تدخل عسكري” من خارج النيجر، ما سيمثل وفق تعبيره “تهديدًا مباشرًا للجزائر” التي تشترك في حدود تمتد نحو 1000 كيلومتر مع النيجر. وأضاف خلال مقابلة بثها التلفزيون الرسمي، “لن يكون هناك حل دوننا، نحن أول المعنيين”.
وتيرة متصاعدة لخطاب الحرب
وتتزامن تحركات الدبلوماسية الجزائرية مع تصاعد وتيرة الخطاب الداعم للتدخل العسكري في النيجر، عقب إعلان “إيكواس”، الجمعة الماضية، أنها حددت موعدًا للتدخل العسكري دون أن تكشف عنه.
وتطالب دول “إيكواس” وفرنسا قادة انقلاب النيجر بإطلاق سراح الرئيس المحتجز محمد بازوم، وإعادته إلى منصبه وإعادة النظام الدستوري، وهو ما قوبل بالرفض حتى الآن.
ونفى الجيش الفرنسي قبل يومين أن يكون قد طلب من الجزائر استخدام مجالها الجوي لتنفيذ عملية عسكرية في النيجر، ردًا على تقرير إعلامية جزائرية قالت، إن الجزائر رفضت طلب باريس السماح لطائراتها العسكرية باستخدام الأجواء الجزائرية، في عملية عسكرية محتملة ضد نيامي.
وفي آخر التحركات الدبلوماسية، رفضت مجموعة إيكواس مقترحًا من المجلس العسكري الحاكم في النيجر بإجراء انتخابات في غضون 3 سنوات، مما يطيل أمد المأزق السياسي الذي قد يؤدي إلى تدخل عسكري، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق.
وجاء موقف إيكواس الرافض لخطة الفترة الانتقالية التي اقترحها قائد الانقلاب الجنرال عبد الرحمن تياني، بعد مغادرة وفد المجموعة عاصمة النيجر نيامي، حيث عُقدت لقاءات وُصفت بالمهمة، شملت الرئيس المحتجز محمد بازوم، وقائد الانقلاب عبد الرحمن تياني.
لافروف يحذر من عواقب “الغزو”
وفي السياق ذاته، حذّر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، اليوم الخميس، من تداعيات تدخل “إيكواس” العسكري المحتمل في النيجر، قائلًا إن ما سماه “الغزو” سيكون “مدمرًا لآلاف البشر”.
وقال لافروف، في مؤتمر صحفي في ختام أعمال قمة تجمع “بريكس” في جنوب أفريقيا اليوم، “لا أعتقد أن الغزو سيفيد أحدًا، وبالفعل يتم إنشاء قوة من الجانب الآخر لمواجهة الغزو، لا أتمنى حقًا للأفارقة هذا السيناريو، الذي سيكون مدمرًا لعدد كبير من الدول ولآلاف البشر”.
ودعا الوزير الروسي إلى دراسة الأسباب الحقيقية، التي تقف وراء الانقلابات في أفريقيا، كما حدث في النيجر، لافتًا إلى أن الغرب يستهلك موارد أفريقيا خلافًا لروسيا والاتحاد السوفياتي السابق التي تصرفت بشكل مختلف، في قطاعات الصناعة والتعليم والطب في القارة السمراء.
وكانت وكالة أسوشيتد برس قد قالت مؤخرًا، إن أحد أعضاء مجموعة الانقلاب في النيجر لجأ إلى مجموعة “فاغنر” الروسية لطلب المساعدة، حيث يفترض أن تكون ضمانة لاحتفاظ السلطات الجديدة في النيجر بالحكم بين أيديها.
وتتمتع فاغنر بحضور عسكري قوي في دول أفريقية عدة، أبرزها -حاليًا- جمهورية أفريقيا الوسطى. ووفقًا لتقديرات وسائل الإعلام الأجنبية، فإن عدد مقاتلي فاغنر بهذه الدولة يصل إلى نحو 2000 مقاتل.
في المقابل، ذكرت تقارير إعلامية روسية أن قادة الانقلاب في النيجر بدؤوا ينأون بأنفسهم عن روسيا وعن الوحدات العسكرية التابعة لفاغنر، مؤكدين استعدادهم لإقامة تعاون سياسي واقتصادي مع الغرب، وذلك في محاولة منهم للتهدئة.