تشهد مصر، كغيرها من الدول، تزايدًا ملحوظًا في استهلاك البن خلال السنوات الأخيرة، حيث تستورد قرابة 70 طنا سنويا وهو الأمر الذي أدى إلى اعتماد البلاد بشكل كبير على واردات البن من الخارج.
ولكن هذا الاعتماد قد يتسبب في تأثر أسعار البن بسبب التقلبات العالمية والعوامل الاقتصادية والسياسية.
تحدي الاستدامة وانخفاض الأسعار
من هنا يأتي تجربة المهندس أحمد الحجاوي، الذي نجح في زراعة البن بنجاح في مركز الضبعية بالإسماعيلية. هذه التجربة لها أهمية كبيرة في تحقيق استدامة إنتاج البن وتخفيض الاعتماد على الواردات، مما يسهم في استقرار أسعار البن في السوق المحلي, وتوفير ملايين الدولارات التي تنفقها مصر على استيراد النبات المستخدم في صناعة القهوة.
تنوع الإنتاج وتجربة الحجاوي
وتجربة الحجاوي لم تقتصر على زراعة البن فقط، بل شملت أيضًا زراعة عدة أنواع من النباتات الاستوائية ذات القيمة الاقتصادية والتغذوية. وهذا يعزز من تنوع الإنتاج الزراعي ويقلل من التبعية لنوع واحد من المحاصيل.
الجودة والاستدامة: هما الهدف
وأكد الحجاوي أهمية تحقيق جودة عالية في إنتاج البن المحلي. إذ يعتبر أن أنواع البن المستوردة تعاني من جودة منخفضة، بينما يمكن للبن المنتج محلياً أن يكون أفضل جودة وأكثر تنافسية من حيث الأسعار.
تحديات وحلول
وتجاوز الحجاوي العديد من التحديات التي واجهت زراعة البن في مصر، مثل صعوبة الحصول على بذور عالية الجودة وتوفير مناخ استوائي ملائم لنمو النباتات, وصعوبة الحصول على بذور البن وحاجة أشجار البن لعدم التعرض لضوء الشمس المباشر ،وحاجة البن لتربة حامضية.
واستطاعت جهود المهندس أحمد الحجاوي في تجاوز تحديات زراعة البن أن تلقي الضوء على الإبداع والتفاني في مجال الزراعة في مصر. فقد تمكن الحجاوي من التغلب على الصعوبات والمعوقات التي واجهته من خلال خطوات استراتيجية ومحكمة:
. اختيار بذور متميزة: انتقاء الحجاوي لنوعين من بذور البن، إندونيسي ويمني، والذي يُعد من بين أجود الأنواع في العالم، ساهم في بناء أساس قوي لنجاح تجربته.
. توسيع نطاق الزراعة: بعد تأمين مصدر للبذور، قام الحجاوي بإنتاج شتلات وتوزيعها على المزارعين، مما أدى إلى زيادة المساحات المزروعة وتحسين الإنتاج المحلي.
. توفير الظروف المثلى: عرف الحجاوي أهمية توفير مناخ استوائي ملائم لنمو البن بجودة عالية، حيث عمل على إعداد ظروف مناسبة في مزرعته تسهم في تحقيق هذا الهدف.
. زراعة البن تحت الظل: تميزت تجربة الحجاوي بزراعة البن تحت ظل الأشجار، مما يسمح للنبات بالحصول على ضوء الشمس غير المباشر والمعتدل، مما يعزز من نموه وجودته.
. تنظيم درجة الحموضة: من خلال إضافة مواد حمضية مثل ملح الليمون والأسمدة، نجح الحجاوي في توفير التربة الحامضية الضرورية لنمو البن بفعالية.
وتمكن الحجاوي من تحقيق إنتاجية ملحوظة من شجرة البن، حيث يمكن لشجرة واحدة أن تنتج ما بين 5 إلى 8 كيلوغرامات مرتين في العام، في فصلي الشتاء والصيف.
مستقبل زراعة البن في مصر
وتشير تجربة الحجاوي إلى أن هناك إمكانية كبيرة لزراعة البن في مصر وتحقيق استدامة إنتاجها. وبالإضافة إلى ذلك، فإن تنويع الإنتاج بزراعة نباتات استوائية أخرى يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على الاقتصاد المحلي وتوفير فرص عمل جديدة.
ويؤكد الحجاوي بقوة على أن نجاحه ليس مقتصرًا على زراعة البن فحسب، بل يمتد إلى مجموعة متنوعة من النباتات الاستوائية. يسلط الضوء على أن أرض مصر الخصبة تتيح الفرصة لزراعة مجموعة متنوعة من الأصناف، وهذا ليس مقتصرًا على زراعة البن وحده.
وتمكّن من زراعة الليمون الكافيار، والذي يعرف أيضًا باسم “أصابع الليمون” أو “الأصابع الأسترالية”. هذه الأصابع مليئة بلآلئ الليمون وتشبه في مظهرها الكافيار، وهي غنية بنكهتها المميزة. وتم تحقيق نجاح ملحوظ من خلال إنتاج 5 ألوان مثمرة من هذا النوع.
ويتميز الليمون الكافيار بأنه يُباع بأسعار مرتفعة نظرًا لاحتوائه على عناصر غذائية هامة ولدوره في صناعة الأدوية. كما يُستخدم في تحضير الأطعمة المقدمة في المطاعم الفاخرة، مما يعزز من قيمته واستخداماته المتعددة.
تجدر الإشارة أيضًا إلى جهودهم في إنتاج البطيخ الإفريقي، وهو نوع من البطيخ يحمل خصائص خاصة تجعله ذو قيمة زراعية واقتصادية.
كما يتم تنفيذ تجارب ناجحة لزراعة الفانيليا في مصر، مما يبرهن على تنوع وتعددية المجهودات الزراعية التي يقومون بها.
هذه الجهود تجسد التطلعات نحو تحقيق استدامة زراعية متعددة المجالات ، حيث يُظهر الحجاوي وفريقه استعدادهم لاستكشاف وتطوير فرص جديدة ومبتكرة في مجال الزراعة وتوسيع نطاق الإنتاج المحلي.
تجربة الحجاوي تمثل نموذجًا يحتذى به في تحقيق استقلالية الإنتاج وتنويع الزراعة في مصر. وهي توضح أهمية التفكير المبتكر وتجربة الأفكار الجديدة في تحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز الاقتصاد المحلي.