يُظهر التحقيق في حادث إطلاق النار المميت الذي ذهب ضحيته الشاب محمد بن إدريس (27 عاما) في مارسيليا كيف وضعت هذه الوحدة الاستثنائية في الخدمة رغم أنها لم تكن لديها المعدات ولا المهارات المناسبة لهذا النوع من العمليات.
ولقي بن إدريس حتفه يوم الثاني من يوليو/تموز الماضي، وعلى إثر ذلك أوقف بموجبه 3 ضباط شرطة بتهمة إطلاق النار والقيام “بعنف متعمد أدى إلى الوفاة دون نية القتل”، في حين امتدت التحقيقات وجمع الأدلة لأكثر من شهر.
وذكر موقع ميديابارت الفرنسي في تقرير أن أقوال المتهمين ونحو 30 شاهدا من الشرطة وغيرها، تكشف مع العديد من مقاطع الفيديو، أن هذه الوحدة الاستثنائية داخل الشرطة غير المجهزة بشكل جيد لتنفيذ أوامر مهام حفظ النظام، كانت تخضع لمنطق مختلف، وأنها كانت على علم باحتمال تورطها في وفاة محمد بن إدريس.
ويقول أرييه أليمي، محامي أرملة بن إدريس إن “محمدا قُتل برصاص أطلق من سلاح غير مناسب وغير قانوني، على يد وحدة خاصة غير مناسبة لحفظ النظام، محمية بتسلسل هرمي أخفى الجريمة عن علم”.
وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها استخدام وحدة النخبة هذه لمواجهة العنف الحضري في فرنسا، علما أنها متخصصة في عمليات احتجاز الرهائن ومكافحة الإرهاب.
قنابل ورصاص
وبحسب الموقع، أطلق رجال الشرطة في المجموعة 107 مقذوفات وذخائر وقنابل مدمعة، وقنابل يدوية، ولم تملأ “نموذج” معالجة ومراقبة استخدام الأسلحة، الذي يعد إلزاميا بالنسبة لضباط الشرطة بعد كل استخدام للطلقات، لضمان استخدامه بالطريقة الصحيحة.
كما أن هذه المجموعة لم تكن مجهزة بكاميرات مثبتة على الجسم، ولم تخضع اتصالاتها اللاسلكية لأي تسجيل.
وذكر ميديا بارت أن رجال الشرطة طولبوا بأخذ الحذر من الأشخاص الذين يستقلون دراجات، وفي هذا السياق صرح أحد رجال الشرطة المحتجزين “لقد شعرنا أن الدراجين كانوا قادة حرب عصابات في المناطق الحضرية، كنا خائفين من تلقي قنابل المولوتوف مثل زملائنا في ستراسبورغ، أو من بنادق كلاشينكوف”.
وفي هذا السياق، أطلقت النيران على المشاة، ثم على محمد بن إدريس الذي “استمر في التقدم (على دراجته) رغم أنه طلب منه التوقف”، على حد زعم أحد رجال الشرطة المشتبه بهم.
أما أحد السكان فقد شهد بأن الشرطي الذي كان على سطح الشاحنة هو من أطلق النار أولا على بن إدريس، ثم ما لبث أن بدأ زملاؤه يطلقون النار هم كذلك.
وبفضل مقاطع الفيديو التي تم جمعها أثناء التحقيق، أثبتت الشرطة أن 6 انفجارات وعددا من الطلقات تمت خلال ثوان قليلة.
تهديد؟
وتساءل الموقع كيف رأى فريق الشرطة في محمد بن إدريس تهديدا، وذكر أن أحدهم قال إن “أي شيء يقترب منا يعتبر خطرا”.
وأوضح ميديا بارت أن قضاة التحقيق قاموا بعمل ضخم لجمع المعلومات والتحقق من القرائن لمدة شهر كامل، قبل أن يحضروا فرقة الشرطة بأكملها للتحقيق، واحتجاز 5 ضباط مشتبه بهم، وتوجيه الاتهام إلى 3 منهم.
وقد تبين –كما يقول الموقع- أن مقطع فيديو مدته 25 ثانية، التقطته سيدة تسكن بشارع روما من نافذتها، كان بالغ الأهمية، ويظهر التفاعل بين الشرطة وراكب الدراجة، ولم يكن سوى محمد بن إدريس.
وتساءل الموقع لماذا لم تقم الفرقة من تلقاء نفسها ببث هذا الفيديو الذي شاهده أعضاؤها جماعيا، خاصة أن رئيس فرع مارسيليا ومنسقة المنطقة نفسها، كانوا يخشون منذ عدة أسابيع أن تكون الفرقة متورطة في مقتل بن إدريس، منذ أن أشارت أولى المقالات الصحفية إلى وفاة سائق دراجة نارية بعد إصابته برصاصة.
وكان ميديا بارت قد نقل -في تقرير سابق- عن السيدة نور -أرملة الضحية وأم ولده والحامل بمولود ثان- قولها إنها تنفست الصعداء أخيرا مع تحديد هوية “مرتكبي الجريمة”، وطالبت بإعادة تكييف التهم إلى القتل العمد، بدلا من القتل “من دون قصد إحداثه”.
وقال المحامي أليمي إن اتهامات الادعاء ورجال الشرطة لبن إدريس بخصوص محاولة المشاركة في سرقة والهروب من عين المكان عارية عن الصحة، مشددا على أن الضحية بن إدريس حاول منع ارتكاب جريمة سرقة. كما استنكر المحامي محاولات مستمرة لتجريم الضحية والإساءة إلى رجل قتله عناصر شرطة.
ووفق موقع فرانس أنفو فإن أسرة الضحية ستتقدم بشكوى ضد المدعي العام للجمهورية بمدينة مارسيليا بعد الحديث عن مشاركة الراحل بن إدريس في “محاولة سرقة”.