تواصلت موجة الغضب في ليبيا بعد الكشف عن لقاء وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش نظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين في روما، وسط مطالبات بفتح تحقيق قضائي لمحاسبة المسؤولين عن ترتيب اللقاء.
في غضون ذلك، قالت المتحدثة باسم المجلس الرئاسي الليبي إنه لم يصدر أي قرار حتى الآن بإقالة وزيرة الخارجية التي أوقفتها الحكومة عن العمل بعدما كشفت تل أبيب عن هذا اللقاء الذي عقد الأسبوع الماضي.
وكانت تقارير صحفية قد نقلت عن مصادر رسمية أنباء عن إقالة المنقوش، لكن الحكومة لم تصدر إعلانا رسميا.
وتضاربت الأنباء حول مغادرة الوزيرة ليبيا، إذ أوردت تقارير صحفية محلية أنها سافرت إلى تركيا ومنها إلى بريطانيا، في غياب تأكيدات رسمية.
في تلك الأثناء، طالب مجلس النواب الليبي النائب العام بالتحقيق مع حكومة الوحدة الوطنية فيما وصفها بجريمة التواصل مع الكيان الصهيوني.
وعقب جلسة طارئة في بنغازي أمس الاثنين، دعا المجلس إلى تشكيل لجنة من مجلسي النواب والأعلى للدولة للعمل على تشكيل حكومة مصغرة بالتعاون مع بعثة الأمم المتحدة.
وأوصى بيان المجلس لجنة “6+6” المشتركة بمنع من ثبت تورطه بالتعامل مع إسرائيل من الترشح، وتضمين ذلك في شروط الانتخابات.
وقالت وكالة رويترز إن الجدل بشأن لقاء المنقوش وكوهين أجج الأزمة السياسية في ليبيا، وأعطى معارضي رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة فرصة لانتقاده في وقت تثار فيه التساؤلات حول مستقبل حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة.
شخصيات عامة تستنكر
من جهة أخرى، طالب 26 من الشخصيات العامة -في بيان مشترك- بفتح تحقيق قضائي لمحاسبة المسؤولين عن ترتيب هذا اللقاء.
وأدان الموقعون على البيان، اللقاء الذي عقد الأسبوع الماضي “بأشد العبارات، استنادا للدين والقيم والأخلاق والقوانين الوطنية”.
وأضافوا أن هذه اللقاءات “تمنعها التشريعات والقوانين التي تعتبر أن التواصل مع الكيان الصهيوني السري والعلني مجرّم أخلاقيا وقانونيا بموجب القانون رقم 57 لسنة 1962”.
ومن بين الموقعين على البيان أعضاء بمجلس الدولة الليبي، بينهم نزار كعوان وهناء العرفي وعادل كرموس وآمنة مطير.
كما وقع البيان أعضاء بمجلس النواب بينهم سلطة المسماري ومحمود محمد، ومرشحون رئاسيون بينهم أسعد زهو وإسماعيل اشتيوي.
وطالب الموقعون برفع دعوى لدى النائب العام ضد “كل من رتب ونسق ونفذ هذا اللقاء المشؤوم كونه يعتبر انتهاكا لمواد القانون الليبي”.
احتجاجات لليلة الثانية
وعلى المستوى الشعبي، خرجت احتجاجات لليلة الثانية على التوالي في مدن ليبية تنديدا بلقاء المنقوش وكوهين.
وأظهرت صور ومقاطع فيديو على منصات التواصل الاجتماعي محتجين يقطعون الطريق قرب جسر 27 على الطريق الساحلي الواصل بين طرابلس والزاوية.
كما أشعل محتجون النار في إطارات السيارات بإحدى طرق منطقة قرجي في طرابلس. ورُفع العلم الفلسطيني في وسط بنغازي.
وكان محتجون قد تظاهروا أمام مقر وزارة الخارجية الليبية ليل الأحد، مما سبب بعض الأضرار خارج المبنى.
وقد أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية أول أمس الأحد أن الوزير إيلي كوهين التقى في العاصمة الإيطالية روما نظيرته الليبية نجلاء المنقوش.
وقالت المنقوش إن اجتماعها مع كوهين غير رسمي ولم يكن معدا له مسبقا، لكن مسؤولا إسرائيليا قال لوكالة رويترز إن اللقاء استمر ساعتين وتمت الموافقة عليه من “أعلى المستويات في ليبيا”.
إسرائيل تتنصل
ومع تصاعد ردود الفعل عن اللقاء، تنصلت الخارجية الإسرائيلية من مسؤوليتها أو الوزير شخصيا عن الكشف عن لقاء كوهين والمنقوش، وقالت في بيان مقتضب “خلافا لما تم نشره، فإن التسريب المتعلق باللقاء مع وزيرة الخارجية الليبية لم يصدر عن وزارة الخارجية أو مكتب الوزير”، من دون تقديم مزيد من التفاصيل.
وعن هذا الجدل، قالت “هآرتس” الإسرائيلية إن وزارة الخارجية شطبت من على منصاتها في شبكات التواصل البيانات التي نشرتها عن اللقاء. وقالت إنه تم نشر الإعلان الرسمي عن لقاء كوهين المنقوش بعد ظهر أمس على الحسابين الرسميين لكوهين بالعربية والإنجليزية.
وأشارت الصحيفة الإسرائيلية إلى أن الخارجية اضطرت بعد ساعة لحذف البيان العربي بعد طلب عاجل من الجانب الليبي، موضحة أنه تمت إزالة المنشور بعد فوات الأوان.
من جهة أخرى، كشف موقع “أكسيوس” -نقلا عن مسؤولين أميركيين- أن واشنطن بعثت إلى كوهين ومسؤولين آخرين بالخارجية الإسرائيلية رسالة احتجاج شديدة اللهجة في أعقاب الكشف عن لقاء المنقوش وكوهين.
وذكر الموقع الأميركي أن الكشف عن اللقاء من وجهة نظر الإدارة الأميركية قد أضر بمساعيها للدفع بتطبيع العلاقات بين تل أبيب وطرابلس وعواصم عربية أخرى، كما تسبب بزعزعة الاستقرار في ليبيا والإضرار بالمصالح الأمنية الأميركية.
ونقلت القناة 13 الإسرائيلية أن السفير الأميركي لدى إسرائيل استدعى وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين وسلمه احتجاج الإدارة الأميركية على تسريب اجتماعه مع نظيرته الليبية.
المصدر : الجزيرة + وكالات + الصحافة الإسرائيلية