كم يجب أن نصلي على سيدنا النبي في يوم الجمعة وليلته؟ من الأسئلة التي أجاب عنها الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء، موضحًا أنه الواقع أنه لا حد للصلاة على النبي ﷺ فينبغي على المسلم أن يجتهد في الصلاة عليه قدر المستطاع، وإن استطاع أن يجعل ذكره كله في الصلاة على النبي فهو خير له.
كم يجب أن نصلي على سيدنا النبي في يوم الجمعة وليلته؟
واستدل علي جمعة بما ذكره الصحابي الجليل أُبَىّ بن كعب رضي الله عنه يقول للنبي ﷺ: (قلت: يا رسول الله، إني أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال: ما شئت. قال: قلت الربع؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك. قلت: النصف؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك. قال: قلت فالثلثين؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك. قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: إذًا تُكْفَى هَمَّك ويُغْفَر لك ذنبُك) (الترمذي).
وتابع: إنفاق كل مجلس الذكر في الصلاة على النبي ﷺ خير عظيم، حث عليه النبي ﷺ ، ويؤكد هذا المعنى ما رواه أُبَيّ بن كعب كذلك قال: (قال رجل: يا رسول الله، أرأيت إن جعلت صلاتي كلها عليك؟ قال: إذاً يكفيك الله تبارك وتعالى ما أهمك من دنياك وآخرتك) (أحمد).
وبين من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: تجوز الصلاة على النبي ﷺ بأي صيغة، المهم أن تشتمل على لفظ الصلاة على النبي أو صلِّ اللهم على النبي، حتى وإن كانت هذه الصيغة لم تَرِد، وإن كانت الصلاة الإبراهيمية أو الصيغة الإبراهيمية في الصلاة على النبي ﷺ هي أفضلها، فقد اهتم الصحابة رضوان الله عليهم بأن يعرفوا صيغة الصلاة عليه فقالوا: (يا رسول الله، أما السلام عليك فقد عرفناه، فكيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: اللهم صلِّ على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد) (البخاري).
وشدد أنه لا ينبغي للمسلم أن يُعرض عن الصلاة على النبي ﷺ ويتركها فإن في تركها الشر الكثير؛ حيث إن تركها علامة على البخل والشح، قال النبي ﷺ: (كفى به شُحاً أن أُذكر عنده ثم لا يصلي علي) [ابن أبى شيبة في مصنفه]، وقال ﷺ: (البخيل من ذُكرت عنده ولم يُصلِّ على) (أخرجه الحاكم وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه).
وبين أنه قد اشتد الوعيد على من ترك الصلاة على النبي ﷺ إذا ذكر اسمه، فعن كعب بن عجرة أن النبي ﷺ قال: (احضروا المنبر، فحضرنا، فلما ارتقى درجة قال آمين، فلما ارتقى الدرجة الثانية قال آمين، فلما ارتقى الدرجة الثالثة قال آمين، فلما نزل قلنا: يا رسول الله، لقد سمعنا منك اليوم شيئًا ما كنا نسمعه، قال: إن جبريل عرض لي، فقال : بعدا لمن أدرك رمضان فلم يغفر له، قلت: آمين. فلما رقيت الثانية، قال: بعدًا لمن ذُكرتَ عنده فلم يُصلِّ عليك، قلت: آمين. فلما رقيت الثالثة قال: بعدًا لمن أدرك أبواه الكبر عنده أو أحدهما فلم يُدخلاه الجنة، قلت آمين) (سنن ابن خزيمة ، وابن حبان ، والحاكم في المستدرك)، فلنتأمل ذلك الحديث ونلاحظ شدة الوعيد، إذ يدعو أمين السماء جبريل عليه السلام، ويؤمِّن على الدعاء أمين الأرض سيدنا محمد ﷺ ، ويكون الدعاء بالإبعاد عن رحمة الله والخسران.
كم يجب أن نصلي على سيدنا النبي في يوم الجمعة وليلته؟
وأشار إلى أن الإكثار من الصلاة على النبي – ﷺ – من أقرب القربات وأعظم الطاعات، وهو أمر مشروع بنص الكتاب والسنة وإجماع الأمة.
فأما الكتاب: فقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} .
وأما السنة: فالأحاديث في ذلك كثيرة منها: حديث أبي بن كعب رضي الله عنه قال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -ﷺ- إِذَا ذَهَبَ ثُلُثَا اللَّيْلِ قَامَ فَقَالَ « يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا اللَّهَ اذْكُرُوا اللَّهَ جَاءَتِ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ ». قَالَ أُبَىٌّ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى أُكْثِرُ الصَّلاَةَ عَلَيْكَ فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلاَتِى فَقَالَ « مَا شِئْتَ ». قَالَ قُلْتُ الرُّبُعَ. قَالَ « مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ ». قُلْتُ النِّصْفَ. قَالَ « مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ ». قَالَ قُلْتُ فَالثُّلُثَيْنِ. قَالَ « مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ ». قُلْتُ أَجْعَلُ لَكَ صَلاَتِى كُلَّهَا. قَالَ « إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ ». [سنن الترمذى] .
وعن أوس بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله – ﷺ – ” إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم عليه السلام، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة، فأكثروا علىَّ من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة عليَّ” قالوا: يا رسول الله وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟ قال: ” إن الله عز وجل قد حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء – عليه السلام – ” (أحمد ، وأبو داود) إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة في ذلك.
قال العلماء: أقل الإكثار ألف مرة، وقيل: أقله ثلاثمائة، وألف في ذلك العلامة المتقي الهندي كتابه (هداية ربي عند فقد المربي) تعرض فيه للأوقات التي يفتقد فيها الشيخ المربي والمرشد إلى الله تعالى، وأن ” واجب الوقت” حينئذ يكون هو الإكثار من الصلاة على النبي – ﷺ – بحيث يصلي المسلم عليه ألف مرة كل يوم على الأقل.
وقد ورد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله – ﷺ – ” من صلي علي في يوم ألف مرة لم يمت حتى يري مقعده من الجنة” (المنذري في الترغيب والترهيب ، وابن حجر لسان الميزان).
وبالجملة: فكل إكثار في الصلاة على النبي – ﷺ – هو قليل بالنسبة إلى عظيم حقه ورفيع مقامه عند ربه، وقد قال النبي – ﷺ – ” من صلى علىَّ صلاة لم تزل الملائكة تصلي عليه ما صلي على، فليقل عبد من ذلك أو ليكثر” (أحمد ، وابن ماجه).
واختتم: لم يزل الإكثار من الصلاة على النبي – ﷺ – علامة مميزة لأهل السنة والجماعة على مر القرون كما يقول الإمام على زين العابدين بن الإمام الحسين عليهما السلام: ” علامة أهل السنة كثرة الصلاة على رسول الله – ﷺ – “.