أعلنت سلطات الانقلاب في النيجر -اليوم الاثنين- إعادة فتح المجال الجوي أمام حركة الطائرات بعد نحو شهر من إغلاقه، في حين كثف الجيش انتشاره بمحيط القاعدة العسكرية الفرنسية في العاصمة نيامي وسط تصاعد حدة التوتر بين البلدين.
وقال متحدث باسم وزارة النقل في النيجر إن القادة العسكريين للبلاد أعادوا فتح المجال الجوي أمام جميع الرحلات، بعد إغلاقه في السادس من أغسطس/آب لدى استيلائهم على السلطة في انقلاب على الرئيس المنتخب محمد بازوم في 26 يوليو/تموز الماضي.
وكان المجلس العسكري قد أغلق المجال الجوي في محاولة لمنع المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) من تنفيذ تهديدها بالتدخل العسكري.
وكانت “إيكواس” قد هددت مرارا باستخدام القوة لاستعادة النظام الدستوري في حال لم يتم إعادة تنصيب الرئيس المحتجز محمد بازوم، الذي يخضع للإقامة الجبرية منذ الإطاحة به.
انتشار مكثف للجيش
في غضون ذلك، قال مصدر عسكري للجزيرة إن قوات تابعة للجيش كثفت وجودها حول القاعدة العسكرية الفرنسية في نيامي، وسط تصاعد نبرة الاتهامات بين البلدين.
وتزامن ذلك مع انتهاء سريان الاتفاق الذي ينظم الوجودَ العسكري الفرنسي في البلاد، بعدما ألغى قادة الانقلاب حزمة من الاتفاقات العسكرية المبرمة مع باريس.
في الأثناء قال مصدر عسكري للجزيرة إن القوات الفرنسية التزمت بمواقعها داخل قاعدتها منذ انتهاء سريان الاتفاقية.
وأضاف أن قوات الدفاع والأمن النيجرية عززت حضورها داخل القاعدة وفي محيطها، وقد صدرت لها أوامر بمراقبة أي تحرك للقوات الفرنسية من القاعدة.
وكان مصدر عسكري في النيجر قال للجزيرة إن المجلس العسكري وجّه بتسليح الشرطة في العاصمة والمناطق المتاخمة لها، وأبقى على حالة التأهب في صفوف الجيش.
كما أقرت باريس بأن قواتها في نيامي باتت غير قادرة على القيام بمهامها وحذرت من عواقب تراجع حضور فرنسا في أفريقيا.
تصريحات الخارجية الفرنسية
في السياق ذاته، قالت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا إن قوات بلادها موجودة في أفريقيا لدعم مكافحة من سمتها جماعات إرهابية ولتنفيذ أنشطة تدريبية.
وأضافت الوزيرة الفرنسية أنه لم يعد من الممكن ضمان هذه المهمة كونها تنفذ مع القوات المسلحة في النيجر، وهو ما بات غير ممكن بحكم الأمر الواقع.
كما قالت إن التدخل الفرنسي في أفريقيا كان دائما بطلب من السلطات المحلية، وكلما قل الحضور الفرنسي هناك زاد انعدام الأمن.
وأكدت كولونا أيضا أن باريس ليست مضطرة إلى الانصياع لسلطات غير شرعية بخصوص سفيرها، وهو باق في نيامي.
وبينما قالت الوزيرة إن قادة الانقلاب في النيجر لم يتحركوا بتوجيه من فاغنر أو روسيا، قال وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان لوكورنو -في حوار مع صحيفة “لوفيغارو”- إن المناخ المعادي لفرنسا في أفريقيا وقفت وراءه روسيا بصورة كبيرة.
في الأثناء، قال حَسّومي مسعودو وزير الخارجية في حكومة الرئيس المحتجز محمد بازوم إن استعدادات مجموعة “إيكواس” للتدخل العسكري في النيجر دخلت مرحلة متقدمة.
طوق على السفارة الفرنسية
وتوازيا مع هذه التطورات، تواصل شرطة النيجر فرض طوق على السفارة الفرنسية ومقر إقامة السفير سيلفان إيت وسط العاصمة نيامي.
ونقل مراسل الجزيرة أن شرطة النيجر تفتش المركبات الداخلة والخارجة من المبنيين، قبل السماح لها بالعبور.
وكانت الداخلية المعينة من المجلس العسكري قد طالبت المصالح المعنية باتخاذ ما يلزم من إجراءات لترحيل السفير الفرنسي خارج النيجر، بعد انقضاء مهلة منحتها إياه وزارة الخارجية، وهو القرار الذي أكدته المحكمة العليا.
وتظاهر آلاف المحتجين من أنصار الانقلاب لليوم الثالث على التوالي، وواصل بعضهم اعتصاما يستمر أياما أمام القاعدة الفرنسية في العاصمة نيامي، وذلك تلبية لدعوة وجهتها جمعيات مساندة للمجلس العسكري بهدف التنديد بمواقف فرنسا ومطالبتها بسحب قواتها من البلاد.
كما طالب المتظاهرون باريس بسحب سفيرها، واحترام سيادة النيجر، علما بأن المجلس العسكري كان اتهم باريس بالتدخل الصارخ في شؤون بلاده عبر دعم الرئيس المخلوع محمد بازوم.
وشارك أعضاء من المجلس العسكري في المظاهرات المطالبة بإنهاء الوجود العسكري الفرنسي في النيجر، والرافضة للتدخل الفرنسي في “تحديد السلطة الشرعية في البلاد”، وذلك على غرار ما واجهته فرنسا في بوركينا فاسو ومالي.
وفرنسا هي الدولة الأكثر تأثرا بانقلابات غرب أفريقيا حيث تضاءل نفوذها على مستعمراتها السابقة في المنطقة خلال السنوات الماضية مع تزايد الانتقادات الشعبية. وطردت مالي وبوركينافاسو المجاورتان القوات الفرنسية بعد انقلابين هناك.