استعرض تقرير لمنظمة أطباء بلا حدود قصص عائلات روهينغية تعيش في بنغلاديش، أُجبرت على الفرار من منازلها بميانمار وهي تتشبث بأحلامها عبر التعلق بالذكريات وقطعٍ جلبتها معها في رحلة الكرب العظيم.
وتقف هذه الممتلكات رموزا مدوية للذكريات والأحلام والأمل بمستقبل أفضل، وتذكارا للحياة التي عرفوها في قرى ولاية راخين (أركان) غرب ميانمار، قبل أن تبطش بهم يد الأيام في الـ25 أغسطس/آب وما بعده من عام 2017.
ومن هؤلاء: سلامة الله، 42 عاما، وهو يحمل سلة تحتوي على جميع متعلقاته التي أحضرها من ميانمار خلال رحلته التي استمرت يومين إلى بنغلاديش، وصورا عائلية، ووثيقة محكمة، وبطانية، وحافظة للطعام.
ويتذكر قائلا: “كانت هذه الأشياء هي كل ما تمكنت من جمعه في الوقت المحدود (قبل إطباق الأعداء). وكانت الصور، على وجه الخصوص، مصدر قوة خلال هذين اليومين”.
وبخصوص وثيقة المحكمة فهي وثيقة إطلاق سراح من السجن تذكره بالوقت الذي واجه فيه “حكمًا تعسفيًا” في ميانمار. ويروي قائلا: “كان عليّ أن أدفع غرامة لضمان خروجي من السجن”. وتمثل هذه الوثيقة شهادة على التحديات التي واجهها، في كثير من الأحيان دون سبب عادل.
وبينما قام سلامة الله برحلته بمفرده، خاضت زوجته سوبيتارا رحلة منفصلة مع أطفالهما الثلاثة. ومن ثم تمّ لم شملهم في المخيم بعد رحلاتهم الصعبة.
ويجسد سلامة الله مع زوجته سوبيتارا، 35 عاما، وابنهما محمد كوثر، 5 أعوام، رابطة عائلية صمدت أمام الكروب، حيث خاضوا رحلات فردية قبل أن يلتئم شملهم في مخيم كوكس بازار، بنغلاديش.
والآن، لدى سلامة الله الكثير من المخاوف في المخيم، خصوصا بشأن أطفاله ومستقبلهم وحريتهم، وهل يسعودون يوما ما إلى مراتع الصبا في ميانمار.
أما الصياد عبد الشكور، 43 عاما، الأب لسبعة أطفال فكانت حياته تتمحور حول عائلته وعمله حتى أحداث 25 أغسطس/آب 2017 التي غيرت كل شيء.
وعند اندلاع النزاع حول قريته، ومع استهداف المناطق المجاورة، ساد الذعر والفوضى. يروي عبد الشكور: “كان الجميع يتدافعون للهرب”. وفي خضم الفوضى، انفصل عن عائلته لمدة 25 يومًا مؤلمة، ليلتئم شملهم خلال رحلتهم إلى بنغلاديش، في الطريق الذي عبروه بالقارب.
يحمل عبد الشكور رقم منزله السابق في ميانمار، وبجانبه، يحمل ابنه شبكة صيد والده، التي تمثل رمز حياتهم الماضية وسبل عيشهم.
واحتفظت ميلوا، 65 عاما، بشهادة ميلاد ابنتها وصورة عائلية، وتتذكر بحسرة كيف تركت خلفها ملابس كانت قد غسلتها للتو.
كما تذكر تفاصيل حياتها السابقة في ميانمار: أعمدة منزلها، والسياج، ومساحة الأرض التي كانت تمتلكها، والدجاج، ومكانها المفضل لتناول الوجبات. وتعترف قائلة: “من الصعب أن أتحدث عن ذلك دون أن أذرف الدموع”.
ويجلس حبيب الله، 52 عاما، متشبثا طول الوقت بحقيبة بها وثائقه الأساسية: الهوية، والشهادات الرسمية، ورخصة القيادة. ويقول: “لقد أحضرت الوثائق التي تثبت أصولنا”.
سلامة الله، وعبد الشكور، وحبيب الله، وميلوا هم نماذج لعدد لا يحصى من اللاجئين الذين تمثل بعض ممتلكاتهم رموزا للقوة والمرونة والارتباط بماضيهم. وتستمر رحلتهم المليئة بالتحديات، مسلحين بممتلكاتهم وذكرياتهم الثمينة، ويثابرون بالأمل.