وافق أمس الخميس ذكرى ميلاد الفيلسوف البريطاني “برتراند راسل”، واحدًا من أعظم الفلاسفة وأهم علماء المنطق، الحاصل على جائزة نوبل في الأدب عام 1950.
وُلد برتراند راسل في 18 مايو عام 1872، في ويلز، وينتمي لعائلة ليبرالية أرستقراطية، وقد سبق بروز آل راسل في إنجلترا هذا بقرون حيث وصلوا إلى السلطة مع صعود سلالة التيودور، وأسسوا اسمهم كإحدى أهم الأسر الليبرالية، حيث شاركوا في كل الأحداث السياسية العظيمة من حل الأديرة عام 1536، مرورًا بالثورة المجيدة عام 1688، إلى قانون الإصلاح العظيم عام 1832.
إسهامته
قدّم برتراند راسل إسهامات كبيرة في مجال المنطق الصوري ونظرية المعرفة، كما طوَّر الأسلوب النثري بدرجة عالية من الوضوح وسرعة البديهة، وعُرف عنه إثارة الجدل في القضايا الاجتماعية والسياسية والتعليمية، وكان داعيًا للسلام، كما دعا إلى انتهاج مواقف ليبرالية إزاء الجنس والزواج ووسائل التعليم، وكان من منتقدي الحرب العالمية الأولى، وقد تعرض للاعتقال في عام 1918 بسبب تصريحات تضر بالعلاقات بين بريطانيا والولايات المتحدة، ثم دخل السجن مرة أخرى في عام 1961 بسبب التحريض على العصيان المدني في حملة تطالب بنزع السلاح النووي.
وفاته
رحل برتراند راسل في الثاني من فبراير عام 1970 في ويلز، أحرقت رفاته في كلوين باي في 5 فبراير 1970. وحسب وصيته، لم تقم احتفالية دينية ونثر رماده على الجبال الويلزية في وقتٍ لاحق من ذاك العام، وفي عام 1980، أقيم له نصب تذكاري، يتألف من تمثال نصفي لراسل في ميدان “ريد ليون” في لندن.
رأي راسل حول قيام دولة إسرائيل
في مقالة بعنوان «عن إسرائيل والقصف» كُتبت عام 1970، قال راسل:
“.. مأساة شعب فلسطين هي إعطاء بلادهم بقوة خارجية لشعب آخر من أجل بناء دولة جديدة. إلى أي حد سيتحمل العالم عازماً رؤية هذه المشهد من القسوة الوحشية؟ إنه واضحٌ بما فيه الكفاية أن اللاجئين لهم كل الحق في أرض وطنهم من حيث تم استياقهم، وإنكار هذا الحق هو جوهر الصراع الدائم. لا يوجد شعب في العالم في أي مكان يمكن أن يتقبل طرد الناس بكميات من بلادهم؛ وكيف يستطيع أي شخص أن يجعل الفلسطينين أن يقبلوا بعقابٍ لايتسامح فيه أي شخص؟ إن التوصل لتسوية دائمة عادلة للاجئين في وطنهم عنصر أساسي لأي تسوية حقيقية في الشرق الأوسط. قيل لنا مراراً وتكراراً “أنه يجب التعاطف مع إسرائيل وذلك بسبب معاناة اليهود في أوروبا على أيادي النازيين.” ماتفعله إسرائيل اليوم لا يمكن التغاضي عنه، ولإثارة أهوال الماضي لتبرير أهوال الحاضر فهو نفاق عظيم. وليس فقط تحكم إسرائيل على عدداً كبيرا من اللاجئيين بالبؤس، وليس فقط العديد من العرب تحت ظل الاحتلال يحكم عليهم بالحكم العسكري؛ ولكن تدين إسرائيل الأمم العربية التي خرجت حديثاً من الحكم الاستعماري لتفقرهم عن طريق المتطلبات العسكرية عوضاً عن التنمية الوطنية.
كل من يريد أن يرى نهاية سفك الدماء في الشرق الأوسط يجب أن يؤكد أن أي تسوية لاتحتوي على بذور صراع مستقبلي. تتطلب العدالة خطوة أولى تجاه تسوية وبالتأكيد هي تكون بالتراجع الإسرائيلي من كل الأراضي المحتلة في يونيو عام 1967، حملة عالم جديد مطلوبة لتساعد في جلب العدالة للمعانين منذ فترة طويلة في الشرق الأوسط.”