حالة من الترقب الشديد داخل السوق المصرية، قبيل تحديد مصير أسعار الفائدة خلال اليومين القادمين؛ انتظارا لاجتماع لجنة السياسات النقدية داخل البنك المركزي، والمقرر له يوم الخميس 21 سبتمبر الجاري؛ لبحث مسألة تثبيت أو رفع الفائدة على الإيداع والاقتراض.
ارتفاع أسعار الفائدة
وتوقعت بنوك استثمارية أن تتجه لجنة السياسات النقدية في البنك المركزي، خلال اجتماعها السادس لعام 2023، يوم الخميس، إلى الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، رغم استمرار ارتفاع معدلات التضخم وتعميق العائد الحقيقي على أدوات الدين المصرية انحداره في المنطقة السالبة.
ويرى محللون أن البنك المركزي سيوقف- خلال الأسبوع الجاري- جولته التشددية، بعد أن رفع سعر الفائدة بنحو 100 نقطة أساس إلى 19.25% خلال أغسطس، ليصل بذلك إجمالي الزيادة في أسعار الفائدة إلى 1100 نقطة وذلك منذ مارس 2022 عندما قام المصرف المركزي بتحريك سعر الجنيه المصري.
وتوقعت 5 بنوك استثمار، في استطلاع أجراه “اقتصاد الشرق”، أن يُبقي “المركزي” على أسعار الفائدة دون تغيير، فيما توقعت إحدى الشركات الاقتصادية “المعروفة” أن يرفع المركزي الفائدة 100 نقطة أساس.
وواصل التضخم في مصر وتيرة الصعود في أغسطس تحت ضغوط قفزة أسعار الغذاء، ونقص المعروض من بعض السلع والأدوية بسبب نقص الدولار اللازم للاستيراد، وعودة تكدس البضائع بموانئ أكبر بلد عربي من حيث عدد السكان، بحسب “اقتصاد الشرق”.
وكانت لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي قد قررت في اجتماعها السابق، والذي عُقد يوم 3 من شهر أغسطس الماضي، رفع سعر الفائدة بواقع 100 نقطة أساس، أي 1% على الإيداع والإقراض لليلة واحدة، وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي.
كما رفعت لجنة السياسة النقدية سعر كلا من عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي، ووصل إلى 19.25%، و20.25% و19.75%، على الترتيب، بالإضافة إلى رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 100 نقطة أساس، ووصل إلى 19.75%.
ورجحت شركة “إتش سي” للأوراق المالية والاستثمار، أن تبقي لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري سعر الفائدة دون تغيير في اجتماعها المقرر في 21 سبتمبر، لإتاحة الوقت للاقتصاد لاستيعاب تأثير الزيادة الأخيرة بـ100 نقطة أساس في أغسطس.
من جهته، قال الدكتور رائد سلامة، الخبير الاقتصادي، إن البنك المركزي لن يقوم بأي رفع لسعر الفائدة لسببين وهما: لأن رفع سعر الفائدة يزيد من عجز الموازنة، ولأن رفع سعر الفائدة يستخدم كإحدى أدوات السياسة النقدية لمحاربة التضخم من خلال سحب السيولة من السوق، لكن هذا الأمر لا ينطبق في مصر؛ لأن ظاهرة التضخم لدينا هي ظاهرة مرتبطة بعامل العرض لا الطلب وبالتالي فإن رفع سعر الفائدة وحده لن يسهم في حل أزمة التضخم.
وأضاف سلامة – في تصريحات لـ “صدى البلد”: كل هذا بخلاف أن أي رفع في سعر الفائدة في الوقت الحالي لن يفيد، بالنظر إلى التفاوت الكبير بين سعر الفائدة ونسبة التضخم التي تتمحور حول 40%، أي أن “الفارق سالب بين النسبتين بشكل كبير”.
وتابع: المشكلة في نظري مرتبطة بالأساس بنقص العملة الأجنبية لأسباب متعددة، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع، وهذا ما يؤكد تحليلي بأن التضخم في مصر مرتبط بعامل العرض، لا بعامل الطلب، والذي يمكن مواجهته بأدوات من قبيل رفع سعر الفائدة أو رفع نسبة الاحتياطي الإلزامي للبنوك لدى البنك المركزي.
اجتماع البنك المركزي
وتوقع الخبير الاقتصادي، رفع المركزي سعر الفائدة بنسب تتراوح ما بين 50 إلى 74 نقطة أساس اتباعا للخطة الزمنية التي أعلنها الاحتياطي الأمريكي، لأن المركزي يتعامل مع ظاهرة التضخم باعتبارها مرتبطة بالطلب لا بالعرض.
فيما توقع الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادي، اتجاه الفيدرالى الأمريكي لرفع أسعار الفائدة خلال اجتماعه مساء الأربعاء، بغرض جذب رؤوس الأموال الباحثة عن سعر فائدة مرتفع، أو تثبيت سعر الفائدة لا سيما وأن معدلات التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية بدأت في الانخفاض كما بدأت تقترب من مستهدفات 2%.
وأضاف عبده في تصريحات لـ”صدى البلد”، أنه عندما يحدث شيء في أمريكا يتأثر به العالم كله، وبالتالي في حال قام الفيدرالي الأمريكي برفع سعر الفائدة ستقوم باقي البنوك برفع سعر الفائدة بنسبة 90%، إذ أن تأثير رفع الفائدة من جانب المركزي الأمريكي يعني توريط اقتصاد العالم الذي “يضطر إلى رفع سعر الفائدة للاحتفاظ بالأموال الدولارية لديه وهذا يتسبب بتعطل الاستثمار وبالتالي قلة فرص العمل”.
وأشار إلى إن البنوك الأخرى تنتظر قرار الفيدرالى الأمريكي لاتخاذها قرارها كرد فعل، لأن الاقتصاد الأمريكي هو الأقوى، موضحا أنه في حالة رفع الفائدة يسعى المواطن الذى لديه أموال لتحويل مدخراته إلى الدولار للاستفادة منها، والعكس صحيح فى حالة انخفاض سعر الفائدة يلجأ أصحاب رؤوس الأموال للتخلص من الدولار.
وفي آخر اجتماع وبالتحديد 3 أغسطس قررت لجنة السياسة النقديـة للبنك المركــزي المصـري رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 100 نقطة أساس ليصل إلى 19.25٪، 20.25٪ و19.75٪، على الترتيب. كما تم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 100 نقطة أساس ليصل إلى 19.75٪.
وكشف البنك في المركزي عن أسباب تباطؤ المعدل السنوي للتضخم الأساسي ليسجل 40.3% في أغسطس 2023، مقابل 40.7% في يوليو من نفس العام.
وأوضح “المركزي” في تحليله الشهري أن أسعار الخضروات والفاكهة الطازجة ارتفعت بمعدل بلغ 7.3% و 26.2% على الترتيب، حيث ساهما مجتمعين بنسبة 1.04 نقطة مئوية في المعدل الشهري للتضخم العام، وجاء ذلك مدفوعًا بأحوال الطقس غير المواتية وارتفاع درجات الحرارة التي بالغت من التأثير الموسمي المتوقع للمحاصيل الزراعية، وبالأخص البصل والموالح والبطاطس.
وارتفعت أسعار البيض ومنتجات الألبان بمعدل بلغ 4.1% و 1.0% على الترتيب وقد ساهما مجتمعين بنسبة 0.19 نقطة مئوية في المعدل الشهري للتضخم العام، وارتفعت أسعار السلع الغذائية الأساسية الأخرى، بما فيها الأسماك والمأكولات البحرية، والسكر، والشاي ، من بين منتجات أخرى، ليساهموا مجتمعين بنسبة 0.15 نقطة مئوية في المعدل الشهري للتضخم العام.
فيما انخفضت أسعار اللحوم الحمراء والدواجن بمعدل بلغ 0.5% و 5.2% لتساهما بنسبة سالبة 0.35 نقطة مئوية في المعدل الشهري للتضخم العام، وانخفضت أسعار الأرز الحر بمعدل 4.1% للمرة الثالثة على التوالي، لتساهم بنسبة سالبة 0.07 نقطة مئوية في المعدل الشهري للتضخم العام.
وعلى الصعيد العالمي تترقب الأسواق قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة خلال اجتماعه يومي 19 و20 سبتمبر الجاري.
ارتفاع معدل التضخم
وتُظهر أحدث البيانات الأمريكية الصادرة قبل أيام، تباطؤ أكبر اقتصاد في العالم، وهو ما قد يعطي بدوره المجال لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي للإبقاء على سعر الفائدة دون تغيير باجتماعه المرتقب هذا الشهر، فيما يظل الباب مفتوحا في الوقت نفسه أمام إمكانية استئناف سياسة التشديد النقدي مع رفع آخر للفائدة.
وخلال اجتماعه الأخير، في شهر يوليو الماضي، رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس (ربع نقطة مئوية)، وصولًا إلى نطاق 5.25 بالمئة و5.50 بالمئة، متماشيا مع التوقعات السابقة، لتصل معدلات الفائدة بذلك إلى أعلى مستوياتها منذ نحو 22 عاما، وهي الزيادة الـ 11 منذ بداية العام الماضي.
في الوقت الحالي يبلغ سعر الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة حالياً 19.25 في المئة و20.25 في المئة على الترتيب، في حين يبلغ سعر الائتمان والخصم والعملية الرئيسة للبنك المركزي 19.75 في المئة.
وارتفع صافي الاحتياطات الدولية بنسبة 4.39 في المئة على أساس سنوي و0.14 في المئة على أساس شهري إلى 34.9 مليار دولار في أغسطس (آب) الماضي، كما ارتفعت الودائع غير المدرجة في الاحتياطات الرسمية بنسبة 1.6 في المئة على أساس شهري و5.35 مرة على أساس سنوي لتصل إلى 4.74 مليار دولار في أغسطس.
وتراجع صافي التزامات القطاع المصرفي من العملة الأجنبية بمقدار 822 مليون دولار على أساس شهري إلى 26.3 مليار دولار في يوليو (تموز) الماضي، وباستثناء بيانات البنك المركزي المصري انخفضت صافي التزامات القطاع المصرفي من العملة الأجنبية بمقدار 965 مليون دولار على أساس شهري إلى 16.1 مليار دولار، بسبب زيادة الأصول الأجنبية للبنوك من دون البنك المركزي بنسبة ثمانية في المئة على أساس شهري مقابل ثبات الالتزامات الأجنبية.