أحرزت الدولة المصرية خلال السنوات الأخيرة تقدما كبيرا في تحسين جودة خدمات ونتائج علاج سرطان الأطفال، من خلال تنفيذ العديد من السياسات المستنيرة التي استهدفت الوصول إلى المرضى بشكل شامل، وسعى الدولة إلى التغطية الصحية الشاملة لم يعد مجرد طموح، بل حق أساسى من حقوق الإنسان.
والسياسات التي اتخذتها الدولة كان لها تأثير إيجابي على سد فجوة البقاء على قيد الحياة للمرضى الصغار، حيث ارتفع معدل البقاء على قيد الحياة للأطفال المصابين بالسرطان في مصر، بمقدار 5 سنوات، لدى 30% من الحالات أوائل التسعينيات، ثم وصل إلى 70% مع بداية عام 2020.
علاج سرطان الأطفال
وفي هذا الصدد، قال الدكتور خالد عبدالغفار، وزير الصحة، إن الدولة أحرزت خلال السنوات الأخيرة تقدما كبيرا فى تحسين جودة خدمات ونتائج علاج سرطان الأطفال، من خلال تنفيذ العديد من السياسات المستنيرة التى استهدفت الوصول إلى المرضى بشكل شامل.
وأضاف فى كلمته خلال جلسة “تحقيق التغطية الصحية الشاملة وسد فجوة البقاء على قيد الحياة فى سرطان الأطفال” التى عقدت على هامش الدورة الـ78 من اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، بولاية نيويورك الأمريكية، أن آلاف الأسر كل عام تواجه صدمة تشخيص طفل فجأة بالسرطان، فيما يكون العديد من هؤلاء الأطفال من أسر فقيرة، حيث تواجه هذه الأسر العديد من التحديات، بما فى ذلك عدم الوصول إلى خدمات أورام الأطفال المتخصصة، وارتفاع تكلفة علاج السرطان، علاوة على الوصمة المرتبطة بالسرطان.
وأوضح أن السياسات التى اتخذتها الدولة، كان لها تأثير إيجابى على سد فجوة البقاء على قيد الحياة للمرضى الصغار، حيث ارتفع معدل البقاء على قيد الحياة للأطفال المصابين بالسرطان فى مصر، بمقدار 5 سنوات، لدى 30% من الحالات أوائل التسعينيات، ثم وصل إلى 70% مع بداية عام 2020.
وتم إطلاق حملات وقائية تستهدف زيادة الوعى بين الأسر ومقدمى الرعاية الصحية، حول العلامات والأعراض المبكرة لسرطان الأطفال، بما يؤدى إلى الكشف المبكر وتحسين نتائج العلاج.
حملات وقائية من السرطان
وتعمل الدولة المصرية على عدة محاور من أجل ضمان وصول خدمات علاج مرضى السرطان من الأطفال بأفضل جودة فى جميع أنحاء البلاد، وعلى رأسها محور إنشاء مراكز متخصصة فى علاج أورام الأطفال، وتجهيزها على أعلى مستوى، ودعمها بفرق طبية متعددة التخصصات فى الرعاية الصحية، وتدريبهم على رعاية الأطفال مرضى السرطان، مما انعكس على حصول الأطفال على التشخيص فى الوقت المناسب والعلاج المناسب والرعاية الداعمة الشاملة طوال رحلة العلاج.
السرطان هو أحد الأسباب الرئيسية لوفاة الأطفال والمراهقين، ويعتمد احتمال بقاء الأطفال المُشخصة حالتهم بالسرطان على قيد الحياة على البلد الذي يعيش فيه الطفل: ففي البلدان المرتفعة الدخل، يُشفى أكثر من 80٪ من الأطفال المصابين بالسرطان، وفي المقابل يشفى أقل من 30% من الأطفال المصابين بالسرطان في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل.
يصيب السرطان الأفراد من جميع الأعمار ويمكن أن يؤثر على أي جزء من الجسم. ويبدأ في إحداث تغيير جيني في خلايا فردية تنمو بعد ذلك لتصبح كتلة أو ورم، ويغزو أجزاء أخرى من الجسم ويسبب الضرر والوفاة إذا ترك دون علاج، وبخلاف السرطان الذي يصيب البالغين، فإن الغالبية العظمى من أنواع سرطان الأطفال مجهولة الأسباب، وقد سعت العديد من الدراسات إلى تحديد أسباب سرطان الأطفال، ولكن عدداً قليلاً جداً من أنواع سرطان الأطفال ناجم عن العوامل البيئية أو العوامل المتعلقة بنمط الحياة. وينبغي أن تركّز الجهود المبذولة في مجال الوقاية من سرطان الأطفال على السلوكيات التي تقي الطفل من الإصابة بالسرطان الذي يمكن الوقاية منه عندما يصبح بالغاً.
وتشير البيانات الحالية إلى أن قرابة 10% من جميع الأطفال المصابين بالسرطان لديهم استعداد سابق للإصابة به لأسباب تتعلق بعوامل جينية، ويلزم إجراء المزيد من الأبحاث لتحديد العوامل التي تؤثر على إصابة الأطفال بالسرطان.
خطوات علاج سرطان الأطفال
والتشخيص المبكر مهم في جميع الأوساط لأنه يحسن معدلات البقاء على قيد الحياة فيما يخص العديد من أنواع السرطان. وقد نُفِّذت بنجاح برامج تعزز التشخيص المبكر والصحيح في بلدان من جميع مستويات الدخل، عادةً من خلال الجهود التعاونية للحكومات وفئات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية، واضطلاع رابطات الآباء والأمهات بأدوار جوهرية في هذا المضمار. ويرتبط سرطان الأطفال بطائفة من الأعراض التحذيرية التي يمكن أن تكتشفها الأسر ومقدمو خدمات الرعاية الصحية الأساسية المدربين، ومنها أعراض الحمى، والصداع الحاد والمستمر، وألم العظام، وفقدان الوزن.
ويعد التشخيص الصحيح أساسياً لوصف العلاج المناسب لنوع المرض ونطاقه. وتشمل العلاجات النموذجية العلاج الكيميائي و/ أو الجراحة و/ أو العلاج الإشعاعي، كما يحتاج الأطفال إلى اهتمام خاص بنموهم البدني والمعرفي المستمر وحالتهم التغذوية، مما يستلزم فريقاً متفانياً متعدد التخصصات. وثمة أوجه تباين وإجحاف بين بلدان العالم فيما يخص إتاحة وسائل التشخيص الفعالة والأدوية الأساسية والباثولوجيا ومنتجات الدم والعلاج بالإشعاع والتكنولوجيات اللازمة والرعاية النفسية والاجتماعية والرعاية الداعمة.
بيد أنه يمكن علاج أكثر من 80% من الأطفال المصابين بالسرطان إذا أتيحت خدمات علاج سرطان الأطفال. ويشمل العلاج الدوائي على سبيل المثال أدوية جنيسة غير مكلفة ومُدرجة في قائمة الأدوية الأساسية الصادرة عن المنظمة. ويحتاج الأطفال الذين يستكملون العلاج إلى رعاية مستمرة لرصد حالتهم من أجل التأكد من عدم إصابتهم بالسرطان مُجدّداً والتدبير العلاجي لأية آثار طويلة الأجل يُحتمل أن تنجم عن العلاج.
ومن أحد أهم نماذج النجاح في مصر، هي مستشفي 57357، لعلاج سرطان الأطفال، وتعد أحد أكبر مستشفيات الأطفال في العالم يقع في القاهرة بمصر ويختص في علاج سرطانات الأطفال. ويتميز هذا المستشفى بكونه بني عن طريق التبرعات مع حملة دعائيّة كبيرة صاحبت بناءه.
دعم وتنفيذ المشروع
بدأت فكرة بناء أوّل مستشفًى لعلاج أورام الأطفال بمصر مجانًا في عام 1999م بعد ازدياد نسبة الأطفال المصابين بالسرطان وعدم مقدرة المعهد القومي للأورام في مصر على استيعاب هذا الكم الهائل من المرضى وموت الأطفال المرضى لقلّة الإمكانيات لعلاج الكثير منهم، وفتح أول حساب مصرفي رقم 57357 في بنك مصر والبنك الأهلي في كافة الفروع [1] لجمع التبرعات لهذا المشروع كما يرجع جزء كبير من فكرة إنشاء المستشفى للسيدة علا لطفى.[2] ويصل معدل إصابة الأطفال بالأمراض السرطانيّة في مصر إلى عشرة آلاف طفل مصاب سنويا. وقد فتح المستشفى أبوابه في عام 2007 م.
وبدأ التخطيط للمشروع بعمل مناقصة لدراسة الجدوى فازت بها شركة سلام (SLAM) وهي هيئة أمريكية متخصصة في مجال التخطيط الصحي، قامت بدراسات مكثفة لمدة 6 شهور لدراسة الجدوى، وكانت السيدة/ علا لطفي زكي لها الفضل الأول في فكرة أنشاء المستشفى حيث كانت أول من تبرع بمبلغ 10 ملايين جنيه للبدأ في عملية الإنشاء كما اسست جمعية «أًصدقاء معهد الاورام» وكانت الامين العام لمؤسسة 57357، وكانت التكلفة المبدئية للمستشفى في المرحلة الأولية 70 مليون دولار أمريكي، بعدها استطاعت الجمعية الحصول على أرض المشروع وهي أرض السلخانة القديمة في قلب حي السيدة زينب الشعبيّ بمساعدة فتحي سرور الذي أقنع محافظ القاهرة حينها- عبد الرحيم شحاتة آنذاك بمنح الأرض للجمعية قامت بعد ذلك السيدة سوزان مبارك بوضع حجر الأساس للمشروع.
وفتحت أبواب المستشفى في 7 يوليو 2007 لاستقبال الأطفال المرضى بالمجان تماما بطاقة 30 سريرًا في المرحلة الأولى، تمهيدا لتشغيله فيما بعد بكامل طاقته البالغة 185 سريرا والمتوقّع ازديادها إلى 365 سريرا.
وقال الدكتور شريف أبو النجا مدير مستشفى 57357 لعلاج سرطان الأطفال، إن الأطباء العاملين في المستشفى متفرغون.
مخاوف بغلق المستشفى
وأضاف أبو النجا خلال تصريحات سابقة له، أنه يجب أن يتم تقدير الأطباء بالمستشفى؛ لأنهم أغلقوا عياداتهم الخاصة، ويعملون عدد ساعات عمل أكثر مما هو مُحدد لهم، وأوضح أن أزمة زيادة تكاليف العلاج وما تبعها من مخاوف بغلق المستشفى ستمر كما مرت غيرها من الأزمات، مشيدا بالزخم الكبير الذي أثير في الأيام الماضية لدعم المستشفى.
وأشار أبو النجا، إلى أن طموحه الشخصي هو أن يكون المستشفى قادرا على استقبال كل الأطفال المصابين بمرض السرطان على مستوى الجمهوررية لتلقي العلاج.
والجدير بالذكر، أن تعرضت مستشفي 57357 لأزمة كبيرة في العام الماضي، بعد انتشار أنباء عن إغلاق وشيك للصرح العظيم الذي يرسم البسمة على وجوه الكثيرين من الأطفال وذويهم.
وتكمن الأزمة الحالية التي تعاني منها “57357” في نقص التبرعات وارتفاع أسعار الأدوية والتكلفة العلاجية للطفل الواحد، وذلك بسبب ارتفاع الدولار الذي جعل التكلفة 3 أضعاف، حسب مصادر داخل المستشفى.
وقامت حينها- وزيرة التضامن، نيفين القباج، بزيارة تفقدية لمؤسسة مستشفى سرطان الأطفال – مصر 57357 لبحث الأزمة، وتعهدت بأن الوزارة ستساند هذا الصرح العظيم بكل قوة، مناشدة القطاع الخاص والاستثماري وكافة الفئات القادرة من أبناء مصر الكرام داخل البلاد وخارجها أن تسارع في تقديم العون والدعم لهذا الصرح المهدد بالإغلاق.
وقررت المستشفى في الفترة الأخيرة قصر متابعة الأطفال المتعافين من السرطان حتى سن 22 عاما، وحدث ذلك بسبب الأزمة التي يعاني منها المستشفى، وذلك يخالف البروتوكول الطبي الذي يتبعه مستشفى 57357 منذ إنشائه، وينص على أن الطفل المصاب بالسرطان يعالج لمدة 3 سنوات بالمستشفى، ويجري متابعته حتى سن 25 عاما.