تمر اليوم مئوية ميلاد الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، الذي يعد أحد أهم الكتاب الصحفيين في تاريخ صاحبة الجلالة، والذي استطاع أن يحفر حروف اسمه من نور في التاريخ المعاصر.
حالة استثنائية
قال إيهاب الملاح كاتب و باحث في التراث الثقافي ظاهرة محمد حسنين هيكل قابلة للتكرار مرة أخرى تتكرر مرة أخرى، كل شئ قابل للتكرار وهناك الكثيرين الذين حاولوا تقليد الأستاذ هيكل، كل شخص حقق قدر من النجاح والانتشار وأصبح له تاريخ وتراث أرتبط بظروف عصره، وبالحالة التي كافح من اجلها ووصل اليها، لدينا أسماء اخرى تحقق هذا القدر من النجاح والانتشار والشهرة والتأثير إذا توافر لديها الشروط التي توافرت لاستاذ هيكل، لكن في النهاية هيكل حالة استثنائي.
صانع قرار في فترة ذهبية للصحافة المصرية
واستطرد الملاح من البدايه كان هيكل رحلة حياة طويلة وممتدة توفاه الله بعد أن تجاوز التسعين، فبدأ رحلته في الصحافه باكرًا وكان فيها قدر كبير جدا من الكفاح والنضال وتجاوز الظروف الصعبة، كان عصامي في تكوينه الفكري والسياسي مع رحلة صعوده اتيح له أن يكون شاهد وصانع لفتره ذهبية في تاريخ الصحافة المصرية بل وتاريخ السياسة المصرية، من الصعب جدًا ان يتوافر لأحد مثل ما توافر لاستاذ هيكل، مثل بدايته المبكرة في تاريخ الصحافة والعمل مع أكبر اسماء عرفتها الصحافة مثل الاستاذ محمد التابعي، وشهد تجارب عظيمة من أخبار اليوم للمصور لغيرها وصولًا الي إنه ترأس الأهرام التي أصبحت في عهده واحدة من كبريات الصحف العالمية، فالتجربة هنا لها علاقة كبيرة جدا بتكوين شخصية هيكل الثقافية العظيم.
هيكل قدم للصحافة مثل ما قدم نجيب محفوط للأدب
واضاف إيهاب كان هيكل شخص مثقف شخص يمتلك الرؤية شخص شديد الدقة والصرامة، اتصور أن هيكل كان يمارس في الصحافة المصرية والعربية حالة استثنائية مثل التي كان يمثلها نجيب محفوظ، اعتقد أن هناك مشتركات بين هذين الشخصين إذا كان نجيب محفوظ هذا النابغة وهذه العبقرية التي استطاعت أن تقدم للأدب العربي والثقافة العربية واللغه العربية ما لم يقدمه أحد خلال عشرة او خمسة عشر قرن من الزمان، أظن آن هيكل قدم ذلك ده للصحافة العربية، واستطاع ذلك بقدر بصرامه شديدة جدًا وبقدرة عالية علي التنظيم بحس توثيقي وتاريخي وأرشيفي ماهول، بايجادته لغة أجنبية إنجليزية وصولًا الي القدرة العالية علي استيعاب مستجدات العصر في الصحافه وفي مقال الرأي ومتابعته لكل ما يحدث علي الساحة الصحفية العالمية، أنا أعتقد ان كل هذا نتج عنه في النهاية نموذج هيكل النموذج الصحفي والسياسي وصاحب الرؤية وصاحب الأسلوب وصاحب الفكرة وصاحب القدرة علي التنظيم وصاحب القدرة علي التحليل، وأثمر لنا في النهايه فيما يزيد علي حوالي 26 مجلد المجلد الواحد ربما يتجاوز خمسمائة صفحة وبعيدا، عن الاف المقالات التي كتبها، هيكل يمثل حالة من الحالات سواء أتفقنا أو اختلفنا عن ما يطرحه، وفي النهاية هيكل كان يمثل قيمة، فأنا أتصور ان قيمه الاستاذ هيكل فيما يمثله من بحث دائم عن المعرفة وبحث دائم عن الرأي وبحث دائم عن المتابعة وقدره بانورامية موسوعية عن الاحاطة بمفردات المشهد السياسي والثقافي، ويكفي انه جعل في فترة من الفترات الاهرام كان يمثل كعبه للمعرفه والثقافه وللأدب.
الصحافة المصرية في اكثر وضع بائس لها
وانهى حديثه الصحافة المصرية في أكثر وضع بائس لها، لم تصل الصحافة من قبل لحالة من التراجع وغياب التأثير والفعالية وتأكل الكوادر وغياب القدرات الكبي وأصحاب المواهب وأصحاب الإنتاج مثل ما وصلت لها الان.