أثارت مأدبة العشاء الفخمة التي أقامها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لملك إنجلترا تشارلز الثالث انتقادات واسعة، ووصفها ناشطون “بالعودة إلى عصر الملكية المطلقة التي ثار عليها الشعب في الماضي”.
وفي قاعة المرايا بقصر فرساي (غرب باريس) استقبل ماكرون الأربعاء الماضي تشارلز الثالث وزوجته كاميلا بحضور 160 آخرين من الشخصيات الرفيعة.
وحسب صحف بريطانية وفرنسية فقد “تم نقل قواعد الطهي المحددة من قصر باكنغهام إلى قصر فرساي، وشملت قائمة الأطباق المقدمة في العشاء جراد البحر الأزرق وسرطان البحر مع اللوز الطازج كمقبلات، تليها دواجن بريس بنكهة الذرة المتبلة بالشمبانيا، ومعكرون الورد، والفطر كان طبقا رئيسيا، والحلوى المعكرونة الفارسية في أصفهان”.
وشنت صحيفة “الإنسانية” الفرنسية هجوما لاذعا على ماكرون، مشيرة إلى أن الزيارة جاءت “في وقت تحتفل فيه فرنسا بإلغاء الملكية على يد نواب المؤتمر في 21 سبتمبر/أيلول 1792”.
وفي الوقت الذي أشادت فيه الصحيفة بالمتظاهرين “الذين أجبروا السلطات -من خلال تعبئتهم المذهلة- على تأجيل زيارة الملك تشارلز التي كانت مقررة في البداية خلال فصل الربيع”، فإنها قالت إن ماكرون بما فعله في عشاء يوم الأربعاء “بصق على الجمهورية نفسها”.
وأضافت الصحيفة “لم يكن للنقابيين غير المتوجين الحق في الوصول إلى السجادة الحمراء، أو جراد البحر، أو حتى الإليزيه، حيث رفض إيمانويل ماكرون استقبالهم”.
وقالت الصحيفة “لقد قرر إيمانويل ماكرون منذ فترة طويلة أن يجعل فرساي المكان المميز لدبلوماسيته مع الأقوياء. تم استقبال فلاديمير بوتين هناك نهاية مايو/أيار 2017 لقياس قوة ماكرون مقارنة بسلطة الدكتاتور الروسي”.
وأضافت أنه “على مدى السنوات الخمس الماضية، كان 200 من قادة الشركات الأجنبية متعددة الجنسيات يتبخترون بأشيائهم كل عام تحت التذهيب في كل نسخة من قمة “اختر فرنسا”. آخر ظهور لصالون الأغنياء هذا كان في مايو/أيار الماضي”.
الصحيفة اعتبرت العشاء الفاخر “رسالة وجهت عمدا في وجه الملايين من معارضي إصلاح معاشات التقاعد؛ أولئك الذين استنكروا هذا النظام السياسي (الجمهورية الخامسة) الذي يسمح لرجل واحد معزولا في قصره بإجبارهم على الكدح حتى سن 64 عاما من دون موافقتهم”.
وشن ناشطون هجوما حادا على ماكرون، فقال المحامي بيير جنتيليه في منشور على منصة “إكس” إن “استقبال الملك تشارلز الثالث وعائلته في ظروف جيدة أمر حسن، أما أن تقوم بتنظيم حفل عشاء ضخم يمزج بين الصحافة، وصناعة الترفيه، والممثلين؛ أي 160 شخصًا بتكلفة مجنونة، فهذا غير مقبول خاصة في ظل أزمة التضخم!”
Recevoir le Roi Charles III et sa famille dans de bonnes conditions => ok.
Organiser un dîner géant mêlant presse, showbizz, acteurs soit 160 personnes pour un coût délirant => non.
En plein crise de l’inflation, cet excès est totalement mal venu… @CNEWS pic.twitter.com/PWP48EWznF
— Pierre Gentillet (@Pierre_GTIL) September 21, 2023
وقال الناشط برينيت لويس “زيارة دولة وعشاء، نظرًا للعدد الكبير جدًا من الضيوف والألعاب البهلوانية من جميع الأنواع، أمسية مهدرة من الطعام الجيد والنبيذ في مولان روج. هل كان الملك تشارلز الثالث ضيف الشرف أم ماكرون؟”
VISITE D’ÉTAT ET DÎNER, OU, eu égard aux bien trop nombreux invités et saltimbanques de tous genres, une soirée gaspillage de mets et vins fins🇫🇷au MOULIN ROUGE ? Le Roi CHARLES III, était-il l’invité d’honneur ou E.Macron ? Sa suffisance infecte, a dû révolter le GRAND CHARLES. pic.twitter.com/ya5FXTMpfb
— Bernet Louis (@bernet83) September 21, 2023
أما الناشطة كارولين لابورت فاستعادت مشهد الملكية الفرنسية في السابق قائلة “رئيس الأثرياء (هنا الملك ماكرون) يدعو تشارلز الثالث هذا المساء إلى عشاء رسمي بقاعة المرايا في فرنسا التي تعاني منذ أشهر، ينقطع اتصال الملك ماكرون في القلعة عن الفرنسيين”.
Le présiedent des riches (ici le ROI Macron) convie ce soir Charles III à un dîner d’Etat dans la galerie des glaces. Dans une France qui souffre pendant des mois, le Roi Macron dans le château est déconnecté des Françaises et Français…
👉#GouvernementDeTromperie #CharlesIII pic.twitter.com/vCspNij5fr— Caroline Laporte (@LaporteCaroli) September 20, 2023
أما الناشط برونو مزال فقال “بينما يتضور الفرنسيون جوعا، يشتري الملك ماكرون وحاشيته زجاجات من النبيذ بقيمة 2772 يورو (لكل زجاجة) على حساب دافعي الضرائب لتناول العشاء مع تشارلز الثالث. لا يمكننا الانتظار لوضع حد للملكية الجمهورية”.
وتعيش فرنسا منذ مطلع العام الجاري أزمة اجتماعية وسياسية على خلفية احتجاجات رافضة خطط الرئيس إيمانويل ماكرون لتغيير قانون التقاعد، الذي ينص بنده الرئيسي على رفع سن التقاعد إلى 64 سنة عوضا عن 62 سنة، وهو ما كان معمولا به من قبل.
ومارس/آذار الماضي، استخدمت حكومة ماكرون صلاحيات دستورية خاصة لفرض التغييرات التي تستهدف إدخالها على نظام التقاعد في البلاد من دون تصويت البرلمان، وهو ما زاد حالة الغضب.
يذكر أن فرنسا شهدت ثورة بين عامي 1789 و1799 كان من أبرز نتائجها إنهاء النظام الملكي وإعلان الجمهورية الأولى في فرنسا في 21 سبتمبر/أيلول عام 1792.
وكان المجتمع الفرنسي يتشكل من 3 طبقات رئيسية: النبلاء، ورجال الدين، والعمال أو عامة الشعب، وكان النبلاء ورجال الدين يحتكرون كل الامتيازات، في حين كانت الطبقة الثالثة التي تشكل أغلبية المجتمع محرومة من كل شيء تقريبا.
المصدر : الجزيرة + الصحافة البريطانية + الصحافة الفرنسية + مواقع التواصل الاجتماعي