تسعى نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس في الحملة الانتخابية لعام 2024 إلى استقطاب الشباب الذين لم يعد الرئيس جو بايدن يجذبهم كثيرا، كما يزداد الحديث عن تعزيز حضورها في المرحلة المقبلة، في ظل التشكيك في قدرات الرئيس الصحية والعقلية.
ووفقا لوكالة الصحافة الفرنسية، فإن هذا الدور المسند إلى نائبة الرئيس ظهر بوضوح أمس الأول الجمعة، عندما كُشف النقاب في البيت الأبيض عن “مكتب مكافحة عنف الأسلحة النارية” الذي أوكلت إلى هاريس مهمة الإشراف عليه.
وعلى المنصة، وقف بايدن (80 عاما) إلى جانب أول عضو في الكونغرس الأميركي ينتمي إلى الجيل “زد” (المولود بين عامي 1996 و2010) ماكسويل فروست (26 عاما) وبينهما هاريس (58 عاما) كأنها تشكل حلقة وصل.
وفي حديثها عن عمليات القتل الجماعي التي تتخلل الأخبار الأميركية، لجأت هاريس -وهي مدعية عامة سابقة لولاية كاليفورنيا تعرضت أحيانا للانتقاد بسبب صرامتها- إلى الخطابات المؤثرة.
وقالت بأسف “في أول يوم دراسي صرنا الآن نتعرف على اسم المعلم وأين توجد الخزانة وكيفية الاختباء بصمت من مهاجم مسلح”، في إشارة إلى التدريبات التي تجري في المدارس الأميركية.
وتعد الأسلحة النارية والإجهاض والبيئة والتمييز من بين المواضيع التي تثير المخاوف، وستتناولها نائبة بايدن في جولة بعنوان “النضال من أجل حرياتنا”، تزور فيها على مدى شهر جامعات عدة من أجل مخاطبة الطلاب الأميركيين من أصل أفريقي أو من الأقليات.
استقطاب الشباب والأقليات
وهاريس أول امرأة تشغل منصب نائب الرئيس وأول أميركية من أصول أفريقية وآسيوية تشغل هذا المنصب، وتعمل بالتالي على حشد فئتين من الناخبين سمحتا لبايدن بدخول البيت الأبيض: الشباب والأقليات.
ولدى زيارتها إحدى الجامعات في ولاية بنسلفانيا (شرق) الثلاثاء الماضي، استُقبلت هاريس بحماس بالغ، وقالت للطلاب “عندما يبدأ جيلكم التصويت بكثافة، ستتغير أمور كثيرة”.
وفي مقطع فيديو تم تصويره مع طالب من إحدى جامعات ولاية كارولينا الشمالية، بعثت المسؤولة الديمقراطية الرسالة نفسها قائلة إن “إحدى أكبر الوسائل لإحداث تغيير في هذا العالم هي التصويت”.
وخلال الجولة، تم استقبال نائبة الرئيس بالفرق الموسيقية والرقصات والهتافات التي تتناقض مع استطلاعات الرأي القاتمة حول شعبيتها.
ووفقا لاستطلاع أجرته شركة “فايف ثيرتي إيت”، فإن أقل من 40% من الأميركيين يؤيدون نائبة الرئيس. وحصل بايدن على النسبة نفسها تقريبا.
وتحاول هاريس التأثير في الناخبين بالتحدث عن جوانب شخصية، مثل ميولها الموسيقية، خاصة الراب.
ويبدو أن ذلك أثمر، فقد حازت صورها وهي ترقص في حفل مخصص للذكرى 50 لموسيقى الهيب هوب على الإطراء، ولكنها أثارت السخرية كذلك.
تشكيك في الرئيس ونائبته
ولا يزال يتعين على البيت الأبيض أن يتحرك لمواجهة المقالات السلبية عن نائبة الرئيس.
ففي مقال ملفت نُشر حديثا، أثار الكاتب الأميركي الشهير ديفيد إغناتيوس في صحيفة “واشنطن بوست” ضجة عندما دعا بايدن وهاريس إلى عدم الترشح.
وكتب أن نائبة الرئيس “أخفقت في خلق زخم في البلاد وحتى داخل حزبها”.
وفي المعسكر الجمهوري، حاولت نيكي هيلي (إحدى الطامحات إلى خوض السباق الرئاسي أمام بايدن) تصويب سهامها لنائبة الرئيس.
ولطالما أكدت السياسية المحافظة أنه بالنظر إلى عمر بايدن، فإن نائبة الرئيس التي ستخلفه في حالة الوفاة أو العجز هي في الواقع من ينبغي التغلب عليها.
وقالت هيلي إن فكرة تولي “هاريس الرئاسة من شأنها أن تثير خوف كل أميركي”.
وتأتي هذه التعليقات مع استمرار مسلسل الزلات التي يرتكبها بايدن، والتي تثير شكوكا في قدراته الصحية والعقلية على تولي الرئاسة لفترة أخرى.
وفي هذا السياق، تناولت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية المخاوف التي بدأت تنتشر في واشنطن ولدى حلفائها الأوروبيين والآسيويين، بعد أن بدا الرئيس الأميركي “تائها تماما” خلال مؤتمر صحفي عقده مؤخرا في العاصمة الفيتنامية هانوي.
وذكرت الصحيفة أن غياب طرف يقنع بايدن بعدم الترشح مرة أخرى يثير القلق على مستقبل الحزب الديمقراطي الأميركي؛ لأنه ليس من المعقول طلب ولاية جديدة لرئيس عجوز؛ فسلامته العقلية “ليست مؤكدة في كل الأوقات”، مع الإشارة إلى أن السلطة التنفيذية في الولايات المتحدة مركزة في يد الرئيس وحده.