كشفت البعثة الأثرية المصرية الفرنسية مؤخرًا عن معبد للإلهة أفروديت من القرن الخامس قبل الميلاد وعدد من اللقى الأثرية تخص معبد آمون جريب، وذلك خلال أعمال التنقيب تحت الماء بمدينة تونيس هيراكليون الغارقة بخليج أبي قير بالإسكندرية، لذلك كان هذا الحوار مع الأستاذ إسلام سليم رئيس الإدارة المركزية للآثار الغارقة بالإسكندرية، والذي أردنا من خلالها معرفة تفاصيل الكشف الأثري الأخير.
نريد منك في البداية أن تقدم لنا نظرة شاملة عن الكشوفات الأثرية داخل منطقة أبو قير..
منذ عام 2000 اكتشفنا وجدنا أكثر من قطعة أثرية داخل هذا الموقع، فقبل عام 2000 كان البحث عن الآثار داخل المنطقة مجرد محاولات فردية، مثل تلك التي قام بها الأمير عمر طوسون عام 1933م، فقد كان له محاولة عندما أبلغه أحد أصدقاءه الطيارين الإنجليز، فقد كان يحلق فوق منطقة أبو قير على ارتفاع منخفض، وقد رأى بعض الأطلال الموجودة في الماء، لذلك قام طوسون بالاستعانة بأحد الصيادين الموجودين في المنطقة، وقد وضع خطة بحثية وتم تسجيل كافة المعلومات على هيئة خرائط وهذه الخرائط هي ما نستعين بها حتى وقتنا هذا. فقد استمرت محاولات الكشف داخل المنطقة في الخمسينيات، وفي عام 2000 عثرنا على كشف أثري كبير جدا، فقد اكتشفنا مدينة تونيس، وقد عثرنا على تماثيل مهمة جدًا ومنهم تمثالين لملك و ملكة، كما تم أيضًا العثور علي أكبر تمثال للإله حابي، وهو إله النيل عند القدماء المصريين، وهذين التمثالين يزينان الآن المتحف المصري الكبير.
ما أهمية مدينة تونيس وكيف غرقت؟
المدينة ترجع إلي العصور قبل الميلاد، فأهمية مدينة تونيس أنها كانت من أكبر المدن الاقتصادية في العالم القديم بدليل أنه تم العثور على أكثر من 73 حطامًا لسفينة تحت الماء ومن ضمنها سفن بحالاتها كاملة، فمدينة تونيس تقع بالقرب من مدينة هيراكليون الغارقة، وكلاهما يبعدان عن بعضهما بحوالي 7 كيلومترات فقط من ساحل أبو قير، فقد كانت تعتبر أكبر ميناء لمصر على ساحل البحر المتوسط، قبل أن يؤسس الإسكندر الأكبر مدينة الإسكندرية عام 331 قبل الميلاد، إلا أنه قد حدث زلزالًا وضرب البلاد قديمًا وكانت النتيجة غرق المدينة بالكامل تحت سطح البحر.
إلا أن المدينة قد فقدت أهميتها الاقتصادية عندما دخل الإسكندر الأكبر مصر عام 331 ق.م، فقد سارع نحو تأسيس مدينة الإسكندرية، وقد أنشأ الميناء الشرقي لكن ظلت مدينة هيراكليون لها ثقل ديني لأنه كان يوجد بداخلها الكثير من المعابد ومن ضمنها معبد آمون جريب ومعبد إيزيس، وحاليًا المعبد الذي تم اكتشافه خلال الفترة الأخيرة وهو معبد أفروديت والذي يعود للقرن الخامس قبل الميلاد.
ما سبب وجود معبد يوناني في ذلك الوقت داخل مصر؟
المعبد اليوناني كان موجودًا خلال العصر الفرعوني بسبب المرتزقة والجالية اليونانية التي كانت تعمل داخل مصر في ذلك الوقت، إذ كان لهم معبدًا خاصًا. وقد ظلت تقام احتفالات أوزوريس حتى القرن الثاني ق.م فقد حدث زلزالًا كبيرًا، وكانت الأرض في ذلك الوقت طينية وقد أحاطتها المياه من جميع الاتجاهات، لذلك انزلقت التربة وأصبحت تحت الماء.
وجود المعالم الأثرية داخل الماء.. هل تؤثر على طبيعة الأثر؟
من الممكن أن تظل الآثار موجودة تحت الماء لمدة تزيد عن الـ 2000 سنة، وهنا يتطبع الأثر بالطبيعة الجديدة تحت الماء، فإذا قرر شخص أن يزيل هذه الآثار من مكانها، وتعريضها للهواء ففي هذه الحالة هناك إجراءات خاصة لهذه العملية.
هل تتوقع أن يتم العثور على قبر كليوباترا قريبًا؟
نحن حاليًا نستخدم أجهزة نستطيع من خلالها أن نرى ما هو تحت الطين والرمال البحرية، من خلال استخدام تقنيات عالمية، وأعتقد أنه كلما سمح لنا بزيادة الاكتشافات الأثرية، فنحن لم نفقد فرصة المحاولة، لكننا سنستمر في البحث إلى أن يتم اكتشاف مقبرة كليوباترا ومقبرة الإسكندر الأكبر وغيرها من المعالم الأثرية الموجودة تحت الماء.
هل يتم اكتشاف الأثر الغارق عن طريق بحث أم الأمر يكون من خلال الصدفة؟
نحن نسير على خطوات مدروسة وعلى المحاولات الفردية التي قامت من قبل، فمنطقة أبو قير لها تاريخ طويل، بعكس المناطق التي يتم اكتشافها بالصدفة عن طريقة الصيادين، فكما ذكرت منذ قليل فنحن لم نعمل عشوائيًا وإنما نعمل بأجهزة وبمساعدة البعثة الأوروبية بقيادة عالم الآثار «فرانك جوديو» وهو رجل أفنى عمره في هذا المكان.
أخيرًا.. ما هي الخطوات القادمة؟
هناك بعض الأشياء التي نخشى عليها من الضياع تحت الماء سيتم انتشالها لأنها عبارة عن قطع صغيرة، بينما القطع الكبيرة، فقد عقدت مصر برتوكولًا لحماية التراث المغمور في المياه، مع اليونسكو سنة 2001، و مصر تلتزم بضوابط وهي أن يتم ترك الأثر في بيئته الطبيعية.