مع بدء محاكمة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب اليوم الاثنين مع اثنين من أبنائه بتهمة الاحتيال فإن هذه المحاكمة تلقي بظلالها على حملته للعودة إلى منصب الرئاسة، وكذلك على إمبراطوريته الاقتصادية الضخمة.
وقبل دخوله إلى المحكمة العليا في ولاية نيويورك في بداية ماراثون قضائي متوقع بدأ ترامب بالهجوم حيث وصف المدعية العامة لولاية نيويورك ليتيسيا جيمس بأنها عنصرية وفاسدة، فيما أكدت هي أن “العدالة ستسود”، متهمة الملياردير الجمهوري بممارسة “احتيال متكرر”، وقالت “لا يهم مدى سلطتك أو المال الذي تعتقد أنك تملكه، لا أحد فوق القانون”.
وحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية، فإنه لا يمكن الحكم على ترامب بالسجن في هذه القضية، لكن هذه المحاكمة ستقدم لمحة مسبقة عن الأحداث القانونية التي يرجح أن تعرقل حملته للفوز بترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني من العام المقبل.
ورغم أن ترامب متهم جنائيا في أربع قضايا مختلفة فإن ذلك لم يؤثر بعد على شعبيته لدى القاعدة الجمهورية، لكن يتعين عليه المثول اعتبارا من 4 مارس/آذار المقبل أمام محكمة اتحادية في واشنطن، وهو متهم بأنه حاول خلال وجوده البيت الأبيض قلب نتيجة الانتخابات الرئاسية لعام 2020 التي خسرها أمام الرئيس الحالي الديمقراطي جو بايدن.
وسيكون بعد ذلك على موعد مع القضاء في ولاية نيويورك بتهمة الاحتيال الضريبي، ثم في فلوريدا بسبب تعامله بإهمال مع وثائق سرية بعد خروجه من الرئاسة.
وقال القاضي آرثر إنغورون إن ترامب واثنين من أبنائه -هما دونالد جونيور وإريك- ارتكبوا “عمليات احتيال” مالية “متكررة” في العقد الأول من القرن الحالي بتضخيمهم قيمة الأصول المالية والعقارية لشركتهم “منظمة ترامب” بما بين 812 مليونا و2.2 مليار دولار بين 2014 و2021.
ضربة هائلة
وأكد القاضي أن الوثائق التي قدمتها المدعية العامة تظهر “بوضوح” “تقييمات احتيالية” من جانب ترامب لأصول مجموعته التي تضم شركات متنوعة تشمل عقارات سكنية وفنادق فخمة ونوادي غولف وغيرها الكثير.
ونتيجة ذلك أمر القاضي بسحب تراخيص أعمال تجارية في ولاية نيويورك من دونالد ترامب ونجليه، إضافة إلى مصادرة الشركات المستهدفة في القضية.
وتنقل وكالة الصحافة الفرنسية عن خبير اقتصادي أن تطبيق هذه العقوبات “سيمثل ضربة هائلة لقدرة دونالد ترامب على مزاولة الأعمال في ولاية نيويورك”.
وجمع ترامب ثروته خلال الثمانينيات من القرن الماضي في القطاع العقاري ومجال ألعاب الميسر والكازينوهات، وفي حال سحب هذه التراخيص منه سيكون مهددا بفقدان السيطرة على العديد من الشركات الرائدة في إمبراطوريته، مثل “برج ترامب” الواقع عند الجادة الخامسة الشهيرة في نيويورك.
ويدخل هذا المبنى في صلب التهم التي وجهتها المدعية العامة ليتيسيا جيمس إلى ترامب، اذ يُشتبه في أنه قام بتضخيم مساحة شقته المؤلفة من ثلاث طبقات في “برج ترامب” ثلاث مرات، ورفع قيمة المبنى رقم 40 في شارع وول ستريت من 200 إلى 300 مليون دولار.
كما تطلب المدعية إدانة ترامب بارتكاب مخالفات أخرى للقوانين المالية وتغريمه 250 مليون دولار.
محاكمة تقنية
في المقابل، لطالما رفض الرئيس الجمهوري السابق هذه الاتهامات، واعتبر أن المدعية العامة جيمس -وهي ديمقراطية من أصول أفريقية- “عنصرية”، في حين وصف القاضي إنغورون بـ”المختل”.
وحسب لائحة الاتهامات، عمد الملياردير وابناه إلى “تضخيم” قيمة هذه الأصول من أجل الحصول -من بين أمور أخرى- على قروض بشروط أفضل من البنوك بين عامي 2011 و2021.
ورد ترامب عبر “تروث سوشيال” قائلا إن المصارف لم تشتك يوما من القروض التي وفرتها له.
وشدد على أنه أعاد تسديد هذه القروض “بالكامل مع فوائدها، ومن دون تعثر في السداد، ومن دون أي ضحايا”.
وحسب تقرير الوكالة الفرنسية، يتوقع أن تكون المحاكمة تقنية إلى حد كبير، وأن يستدعى إليها عشرات الشهود، بينهم ثلاثة من أبناء ترامب هم دونالد جونيور وإريك وإيفانكا التي كانت القضية تشملها في البداية لكن لن تتم ملاحقتها في نهاية المطاف.
كما يتوقع أن تشمل قائمة الشهود المدير المالي السابق لـ”منظمة ترامب” آلان ويسلبرغ الذي أمضى فترة في السجن بعدما أقر بالتهرب الضريبي في قضية أخرى كانت تطال المجموعة، ومحامي ترامب السابق مايكل كوهين الذي بات أحد ألد خصومه، إضافة إلى موظفين في المصارف التي أقرضته وغيرهم.
ولا تحول هذه المتاعب القضائية دون تقدم ترامب بأشواط على منافسيه في استطلاعات الرأي لنيل ترشيح الحزب الجمهوري لانتخابات 2024 الرئاسية.