بعد فترة من التوتر، شهدت العلاقات بين مصر وتركيا، خلال الفترة الماضية تطورا ملحوظا كشف عن سعي كل من قيادة البلدين لإعادة العلاقات لسابق عهدها.
وجاءت العودة إلى العلاقات الطبيعية بين البلدين الصديقين بعد تبريد حدة التوترات بين القاهرة وأنقرة طوال السنوات العشر الماضية، وتغليب لغة العقل والمصالح المشتركة بين الجانبين.
ترويج الاستثمارات بين مصر وتركيا
وفي هذا الصدد، كشفت جمعية رجال الأعمال المصريين عن تنظيم زيارة إلى تركيا خلال يناير المقبل، بهدف تعزيز التعاون التجارى والاقتصادى بين البلدين.
وقال عادل لمعى، رئيس الجانب المصرى بمجلس الأعمال المصرى- التركى، إن الوفد سيضم ممثلين من مختلف الجهات الحكومية ذات الصلة بالترويج لفرص الاستثمار وتنمية الأعمال، وعلى رأسهم وزارة التجارة والصناعة والهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، جاء ذلك خلال اجتماع الجانب المصرى لمجلس الأعمال المصرى- التركى، لمناقشة رؤية المجلس الذى يحتفل بالذكرى الـ30 على إنشائه فى عام 1993، لاستعادة الزيارات المشتركة للحكومة ورجال الأعمال بين البلدين.
وأشار عادل لمعى إلى أنه تم الاتفاق مع الجانب التركى على عقد لقاءات ثنائية على مستوى رجال الأعمال والحكومة مع القطاع الخاص ورجال الأعمال الأتراك، لافتًا إلى أن المجلس سيعمل على تعزيز التعاون مع السفير المصرى بإسطنبول، وكذلك السفير التركى بالقاهرة لتحقيق أكبر استفادة للمجلس من عودة العلاقات الدبلوماسية على مستوى زيادة حركة التجارة وجذب الاستثمارات، بالإضافة إلى التواصل مع صندوق مصر السيادى بشأن وضع قوائم بالمشروعات المتاحة للدخول فى شراكات استثمارية، وذلك لوضع أجندة واضحة ومحددة للتعاون الاقتصادى المشترك.
وأشار إلى أن حجم التبادل التجارى بين مصر وتركيا وفق الأرقام الرسمية بلغ 10 مليارات دولار، كما أن الميزان التجارى فى صالح مصر بسبب صادرات الغاز العام الماضى بقيمة 2 مليار دولار تقريبًا.
من جانبه، اقترح المهندس مجد الدين المنزلاوى، أمين عام الجمعية، الترويج لفرص التعاون السياحى مع شركات السياحة التركية وتشجيع رحلات الطيران من اسطنبول لشرم الشيخ.
حل مشكلة التأشيرات نهائيا
وقال السفير عبدالرحمن صلاح، العضو الفخرى، ومستشار مجلس الأعمال المصرى- التركى، وسفير مصر السابق فى تركيا، إن مصر لم تُبدِ أى تحفظات على التعاون الاقتصادى مع تركيا، كما حافظت على كل أوجه التعاون الاقتصادى والتجارى وكذلك قوة العمل بالسفارة المصرية فى اسطنبول والمكتب التجارى.
وأضاف أن مشكلة التأشيرات تم حلها بشكل نهائى لشباب ورجال الأعمال الأتراك، ويسمح الآن بالدخول بدون تأشيرة ويتم الحصول عليها فى مقر الوصول، وألغت الحكومة التأشيرة المسبقة لتنشيط السياحة.
من جهتها، قالت إيمان سعيد، مسؤول بالهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، إنه فى السنوات الماضية حدث تطور كبير فى جاذبية مناخ الأعمال فى مصر للمستثمرين الأتراك، من حيث تيسيرات فى الإجراءات والحوافز والقرارات، خاصة التى أصدرها المجلس الأعلى للاستثمار، وكذلك وجود خريطة استثمارية لفرص الاستثمار ومنح الرخص الذهبية للمستثمرين.
وأضافت أن المناطق الحرة أصبحت أكثر جذبًا للاستثمارات الأجنبية، ومنها التركية، مؤكدة أن الأهم هو الترويج لفرص الاستثمار داخل منظمات الأعمال التركية، من خلال تشكيل وفد قطاعى يضم شركات هدفها استثمارى وأخرى تهتم بالتجارة.
جذب الاستثمارات التركية والأجنبية
وفى نهاية الاجتماع اتفق أعضاء المجلس على أن الفترة الحالية هى الأمثل للترويج لفرص الاستثمار بمصر لجذب الاستثمارات التركية والأجنبية، خاصة أن عددًا كبيرًا من الصناعات فى أوروبا وآسيا تبحث نقل قواعد إنتاجها لمصر، مؤكدين على أهمية توفير البنية التحتية وتسهيل الإجراءات لجذب رؤوس الأموال الأجنبية.
واقترح أعضاء المجلس إصدار توصية لهيئة الاستثمار والمناطق الحرة بشأن تخصيص منطقة صناعية للدول الأوروبية، بالإضافة إلى الترويج لفرص الشراكات بين رجال الأعمال المصريين والأتراك بالدول المستهدفة لمصر فى قطاعات المقاولات، خاصة فى ليبيا والخليج وإفريقيا.
ويقول الدكتور وليد جاب الله- الخبير الاقتصادي، إن العلاقات المصرية التركية هي علاقات قديمة وتاريخية، ولم تتأثرفي مرحلة التوترات السياسية بين البلدين، وهناك اتفاقية تعاون مشترك بينهم في الأمور الاقتصادية، مما يدفع نحو تعزيز عمليات التبادل التجاري، وتعزيز الاستثمارات بين البلدين.
وأضاف جاب الله- خلال تصريحات لـ “صدى البلد”، أن تلك الاتفاقية يمكن أن يتم التأسيس عليها للمزيد من عمليات التبادل التجاري في المرحلة الحالية، ومع اتجاه العلاقات السياسية نحو المزيد من التقارب يكون هذا المناخ، مناسب لزيادة التعاون الاقتصادي بين البلدين.
التبادل التجاري 15 مليار دولار
وأشار جاب الله، إلى أن المناخ الاقتصادي وعمليات التشابك الاقتصادي بين البلدين في هذه المرحلة، يمكن أن تؤسس من خلال الزيارات المتبادلة لرجال الأعمال، لتكون مرحلة جديدة من مراحل التعاون وزيادة الاستثمارات والتبادل التجاري بين البلدين، وتعد الزيارة فرص كبيرة جدا لعمل رجال الأعمال المصريين والأتراك.
وعلى نفس السياق، بدأ المهندس أحمد سمير وزير التجارة والصناعة المصري زيارة إلى دولة تركيا خلال الفترة 1-3 أغسطس الماضي بدعوة من الدكتور عمر بولات، وزير التجارة التركي، حيث تعتبر هذه الزيارة أول زيارة متبادلة بين وزراء التجارة في السنوات العشر الماضية.
وخلال الزيارة اتفق الوزيران على خارطة طريق لتعزيز العلاقات الاقتصادية الثنائية، وذلك من خلال استهداف النهوض بحجم التجارة الثنائية من 10 مليار دولار حالياً إلى 15 مليار دولار في غضون 5 سنوات، إلى جانب الاتفاق على عقد اجتماع اللجنة المشتركة في المستقبل القريب لتوسيع تغطية اتفاقية التجارة الحرة القائمة بين البلدين.
ومن الجدير بالذكر أن حجم التبادل التجاري بين مصر وتركيا سجل نحو 9.7 مليار دولار خلال عام 2022، وتجاوزت الصادرات المصرية لتركيا 5 مليارات دولار، بينما زادت الاستثمارات التركية في مصر خلال عامين لأكثر من 2 مليار دولار، وبلغ عدد الشركات 200 شركة داخل مصر، منها 40 شركة كبرى.