مراسلو الجزيرة نت
ترينتو (شمال إيطاليا)- خرج المشاركون في ختام المؤتمر الدولي للتغير المناخي في مدينة ترينتو شمالي إيطاليا بثماني توصيات من أجل إيجاد حلول حقيقية لأزمة تغير المناخ على الصعيد العالمي، ومن بين أهم التوصيات تحويل الأسر من مستهلك للطاقة إلى منتج لها، ومراجعة آلية عمل صندوق تعويض الدول النامية عن تداعيات تغير المناخ.
ويرى المشاركون في المؤتمر -الذي انتهى أمس الأحد بعد 4 أيام من المداولات- ضرورة ضمان مشاركة مواطني العالم -ولا سيما الشباب- في صنع القرار دوليا بشأن ملف المناخ، وذلك بإنشاء جمعيات عمومية للمواطنين تكون بمثابة هيئة استشارية مستقلة لدعم عملية صنع القرار في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ المقرر عقده في العاصمة الإماراتية أبو ظبي بين 30 نوفمبر/تشرين الثاني و12 ديسمبر/كانون الأول المقبلين، وذلك حتى يصبح أهم مؤتمر دولي رسمي حول تغير المناخ أكثر كفاءة وأكثر شمولية.
مشاركة المواطنين
ووفقا لتوصيات المؤتمر، يجب أن يشمل هذا التمثيل أيضا مشاركة مندوبين عن سلطات المدن واتحادات الشركات الصناعية، وهو ما سيسمح بنقاش أعمق لقرارات ساسة العالم قبل اتخاذها وظهور أفكار جديدة للتصدي لمعضلة تغير المناخ.
وعلى المستوى الوطني، دعا مؤتمر ترينتو إلى تعزيز آليات مشاركة الشباب، ليكون لهم دور أكبر في القرارات بشأن ملف المناخ، والتي تكون لها تأثيرات على المديين المتوسط والبعيد.
وحسب البيان الختامي، فإن من بين آليات إشراك الشباب في صنع القرار خفض الحد الأدنى للسن القانونية للتصويت في الانتخابات، ومنح أصوات إضافية لآباء الأشخاص القاصرين.
تمويل التحول الأخضر
وتطرقت ثاني توصيات المؤتمر إلى تمويل التحول للطاقة النظيفة، إذ اقترح المشاركون تمويل التكلفة الكبيرة لعملية التحول من الطاقة الأحفورية إلى الطاقة النظيفة عن طريق اتباع نموذج جديد يعتمد على تحويل مستهلكي الطاقة (الأسر) إلى منتجين لها، وذلك عن طريق حصولهم على ألواح شمسية في منازلهم، مما يتيح لهم تقليص إنفاقهم على الطاقة، ويمكن أن يوظف هذا التوفير في النفقات على جعل المباني أكثر كفاءة في استهلاك الطاقة، وهو ما يحول -حسب توصيات المؤتمر- عملية التحول إلى الطاقة النظيفة من عبء مالي إلى استثمار.
وتدعو توصيات مؤتمر التغير المناخي -الذي نظمه مركز الأبحاث “فيجن” بمعية جامعات إيطالية- إلى تغيير آليات عمل صندوق الخسائر والأضرار، والذي أقرته مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في العام 2022، لينتقل من مجرد آلية تعويض عن تداعيات تغير المناخ إلى خطة تضامن مرنة، حيث تساهم دول العالم في هذا الصندوق تبعا لحجم اقتصادها (الناتج المحلي الإجمالي).
ومن شأن هذا التغيير أن يحول أي مساعدات لدولة ما أو منطقة ما لمواجهة التغير المناخي إلى منظومة تأمين عالمية تسهم في استقرار النظام العالمي.
مسؤولية شركات العالم
ويرى المشاركون في مؤتمر التغير المناخي ضرورة تحسين الحوكمة البيئية والاجتماعية للشركات في العالم تحت إشراف مؤسسة دولية مستقلة وموثوقة، مثل برنامج الأمم المتحدة للبيئة، على أن تساعد هذه المؤسسة وكالات لها صلة بملف المناخ.
ويكون دور هذه المؤسسة الدولية تحديد مؤشرات للاستدامة البيئية لمختلف القطاعات الاقتصادية، ومنح شهادات الاعتماد للشركات عن طريق مؤسسات وسيطة.
والمقصود بالحوكمة البيئية والاجتماعية للشركات أنها مجموعة من السياسات التي على الشركات اتباعها للحد من التأثير السلبي لأنشطتها على البيئة مع الاستمرار في تحقيقها الربح.
دور أكبر للابتكار
وتتجلى التوصية الخامسة لمؤتمر ترينتو في توسيع نطاق التجارب المطبقة في مدن العالم للاستعانة بالابتكارات الرامية إلى تقليص التلوث ومختلف انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، ومن ذلك استعمال الطائرات المسيرة لتوصيل طلبيات المطاعم والأسواق التجارية، واعتماد القيادة الذاتية لوسائل النقل العمومي، وغير ذلك.
وتركز هذه التوصية على اعتماد مختلف الطرق للاستفادة من الابتكارات العلمية والتكنولوجية لمعالجة مشكلات التغير المناخي، على أن توضح مقاييس واضحة وبسيطة لقياس نجاعة هذه الابتكارات، وتشجيع القطاع الخاص على مساهمة أكبر في هذا المجال.
أهداف واقعية وحوافز
وبالنظر إلى تعثر عدد من دول العالم في تحقيق أهدافها المناخية المقررة في اتفاقية باريس لتغير المناخ الموقعة في العام 2015 دعا مؤتمر ترينتو إلى الاستعاضة عن الأهداف البعيدة المدى التي تتراوح بين 7 سنوات و27 سنة بجدول زمني أكثر واقعية يمتد لسنة واحدة.
كما اقترح مؤتمر ترينتو -الذي شارك فيه عشرات المفكرين والسياسيين والأكاديميين ومسؤولي شركات- إلى تقديم مكافآت وعقوبات تتعلق بالسلوك المستدام الصديق للبيئة، على ألا يشمل الدول والشركات فقط، ولكن أيضا الأسر التي تغير سلوكها تجاه البيئة والمناخ، ومن ذلك مثلا فرض ضرائب على النفايات تتناسب مع الكميات التي تنتجها الأسر وليس على عدد أفراد هذه الأسر.
وكانت آخر توصيات مؤتمر التغير المناخي هي وضع سلم أولويات في ما يخص شبكات توليد وتخزين موارد الطاقة المختلفة، وذلك من خلال منح الأسبقية لضخ الاستثمارات في شبكات الطاقة والبنية التحتية لتخزين الطاقة من أجل إنتاج متوازن للطاقة، مع منح موارد للبحث والتطوير لتقليص تركز المعادن النادرة لدى قلة من الدول، على أن توظف هذه الموارد في مجالات، ولا سيما إيجاد بدائل لبطاريات الليثيوم.