تساؤلات كثيرة أثارها رئيس مجلس السيادة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان بقرار إقالة رئيس قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، المعروف باسم “حميدتي”، من منصب نائب رئيس مجلس السيادة وتعيين مالك عقار بدلا منه، فلماذا تأخرت الإقالة إلى الآن رغم مرور أكثر من شهر على الاشتباكات الجارية التي قادها حميدتي في مواجهة الجيش؟
وفي تفسيره لتأخر البرهان في اتخاذ قرار إقالة حميدتي رغم مرور 34 يوما على بدء الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع، أوضح الكاتب والمحلل السياسي السوداني ضياء الدين بلال -في حديثه لبرنامج “ما وراء الخبر” (2023/5/20)- أن الضغوطات العسكرية التي كانت ممارسة على قيادة الجيش والفريق البرهان خفّت بشكل كبير نتيجة التغيرات الميدانية.
وأضاف أن هذه التغييرات الميدانية جعلت البرهان ينتقل إلى مرحلة ما بعد هذه العمليات، خاصة في ظل انحسار العمليات العسكرية من قِبل الدعم السريع، واصفا إياها بأنها ترتيبات استباقية لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع مستقبلا.
كما اعتبر أن اختيار عقار ليشغل منصب نائب رئيس مجلس السيادة إنما يهدف إلى تقوية الجبهة الداخلية وتحريك قيادات اتفاقية السلام، بدل مربع الحياد الذي يلزمونه.
وفي ما يتعلق بالأسس القانونية التي استند إليها البرهان في تعيين مالك عقار، أشار بلال إلى أن القانون الذي يحكم الفترة الحالية هو الصراع العسكري، ولذلك لجأ البرهان إلى هذا الخيار كونه أمرا طارئا يجب اتخاذه في سياق التدابير الاستباقية لتقوية جبهته.
لماذا عقار؟
وعن مؤهلات عقار، قال الكاتب والباحث السياسي السوداني محمد تورشين إنه يتسم بالمرونة وإنه يعول عليه بممارسة ضغوط على الدعم السريع للدخول في مباحثات جادة، مشددا على أنه لا يمكن أن ينعم السودان بالاستقرار في ظل وجود أكثر من جيش، متوقعا أن يتم التوصل إلى اتفاق يقوم على دمج قوات الدعم السريع في الجيش في مهلة أقل من سنتين.
وأضاف أن المشهد العسكري في الفترة الحالية تسوده حالة من الضبابية، ولذلك يريد البرهان من خلال تغييراته التفرغ لإدارة المؤسسة العسكرية وإحكام السيطرة عليها، مشيرا إلى أن الجيش يعتمد مقاربة الحوار لإحداث اختراق يعود بالعملية العسكرية لمسارها الطبيعي والمضي قدما في ما تبقى من الفترة الانتقالية.
يذكر أن عقار خاطب قيادة قوات الدعم السريع بعد صدور قرار تعيينه بقوله إنه لا بديل لاستقرار السودان إلا عبر جيش مهني واحد وموحد، وإن الحرب لا يوجد فيها منتصر. كما عبر عن رغبته في الجلوس للحوار بعقل وقلب مفتوحين، حسب تعبيره، مشددا على أن الجيش مؤسسة سودانية عريقة، قبل أن يقول إنه لا بديل للسلام إلا السلام، ولا مدخل للسلام إلا من باب الحوار، وفق تعبيره.
كما أكد أنه قبل هذا المنصب “ليس بديلا لأحد ولا انحيازا لأي طرف غير السودان”، على حد قوله. وتعهد بمواصلة العمل على التوصل لوقف إطلاق النار ثم إيقاف المعارك بشكل دائم.
وجاء تعيين عقار ضمن حزمة قرارات أصدرها رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة في السودان عبد الفتاح البرهان، تضمنت قرارات بتعين الفريق أول ركن شمس الدين كباشي نائبا للقائد العام للقوات المسلحة، حسب بيان للجيش السوداني.
وحسب البيان نفسه، فإن القرار شمل أيضا تعيين الفريق أول ركن ياسر عبد الرحمن حسن العطا مساعدا للقائد العام للقوات المسلحة، والفريق بحري مهندس مستشار إبراهيم جابر مساعدا للقائد العام للقوات المسلحة.