لعل معرفة ماذا قال الله عن صلاة الضحى ؟، تعد أهم ما ينبغي الانتباه إليه ، ففيه دلالة على فضل صلاة الضحى وهو ما يزيد الحرص عليها ومن ثم اغتنامها والفوز في الدنيا والآخرة، فلا يزال ماذا قال الله عن صلاة الضحى ؟، يعد أحد أسرار هذه الصلاة ، التي ليست معلومة للجميع، رغم أنه ينبغي العلم بها وعدم التهاون أو الاستهانة بها.
ماذا قال الله عن صلاة الضحى
أقسم الله -تعالى- في كتابه العزيز: (وَالضُّحَى) النّهار كلّه، بوقت الضّحى، وهو وقت ارتفاع الشّمس،والمعنى من قسمه والضّحى: أي وربّ الضحى وخالقها،فأقسم الله -تعالى- في هذه الآية؛ ليكون جواب القسم أنّه ما ترك النبي -صلى الله عليه وسلم- وما تخلّى عنه، ومنذ أحبّه لم يبغضه وفيها إشارة لمطلع شمس النّبوة ولن يقف مطلعها عند الحدّ الذي بلغه.
ونزلت سورة الضحى لتتحدث عن مواساة النّبي -صلى الله عليه وسلم-، ولمسة حنان ربّانية خالصة للنبي -عليه الصلاة والسلام-، فجميع آياتها جاءت نجاء من الله له وطمأنينة لقلبه، وسبب نزول سورة الضّحى هو فتور الوحي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لفترة من الزمن، وجبريل -عليه السلام- أبطأ على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فكان يقول المشركين: “قد ودّع محمّد”، وفي رواية في الصحيحين أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- مرض، فلم يقم لليلة أو ليلتين، فقالت له امرأة من المشركين: “ما أرى شيطانك إلا قد تركك”، فأنزل الله آية: (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى).
ماذا قال النبي عن صلاة الضحى
ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: (أَوْصَانِي خَلِيلِي بثَلَاثٍ لا أدَعُهُنَّ حتَّى أمُوتَ: صَوْمِ ثَلَاثَةِ أيَّامٍ مِن كُلِّ شَهْرٍ، وصَلَاةِ الضُّحَى، ونَوْمٍ علَى وِتْرٍ). عن زيد بن أرقم -رضي الله عنه- أنّه رَأَى قَوْمًا يُصَلُّونَ مِنَ الضُّحَى، فَقالَ: (أَما لقَدْ عَلِمُوا أنَّ الصَّلَاةَ في غيرِ هذِه السَّاعَةِ أَفْضَلُ، إنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: صَلَاةُ الأوَّابِينَ حِينَ تَرْمَضُ الفِصَالُ).
وروي عن أبي ذر الغفاري -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (يُصْبِحُ علَى كُلِّ سُلَامَى مِن أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بالمَعروفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِن ذلكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُما مِنَ الضُّحَى)، والسّلامى هي العظام والمفاصل في جسم الإنسان، وقوله في الحديث: “ويجزئ عن ذلك”؛ أي يسدّ عن ذلك ويقوم مقامه أداء ركعتي صلاة الضحى.
وجاء عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (من صلَّى الغداةَ في جماعةٍ ثم قعد يذكرُ اللهَ حتى تطلعَ الشمسُ ثم صلَّى ركعتيْنِ كانت لهُ كأجرِ حجَّةٍ وعمرةٍ، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: تَامَّةٍ، تَامَّةٍ، تَامَّةٍ)، قال المباركفوري رحمه الله: “قوله: (ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ)، أي: بعد طلوع الشمس”، وصلاة الضحى صلاةٌ تشهدها الملائكة، يدلّ على ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم- لعمرو بن عبسة رضي الله عنه: (صَلِّ صَلَاةَ الصُّبْحِ، ثُمَّ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلَاةِ حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حتَّى تَرْتَفِعَ… فإنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ).
حكم صلاة الضحى
ورد أن صلاة الضحى نافلةٌ مستحبّةٌ، وهذا ما اتّفق عليه فقهاء المذاهب الأربعة: الشافعية، والحنفية، والمالكية، والحنابلة، واستدلوا على قولهم بما رواه الصحابي أبو ذر الغفاري -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (يُصْبِحُ علَى كُلِّ سُلَامَى مِن أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بالمَعروفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِن ذلكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُما مِنَ الضُّحَى).
فضل صلاة الضحى
1- من صلى صلاة الضحى في أول وقتها بعد شروق الشمس فله مثل ثواب الحاج والمُعتمر.
2- تُجْزِئُ عن الصّدقة المطلوبة عن كل مفصل من مفاصل جسم الإنسان الثّلاث مئة وستّين في كل يوم يُصْبِح فيه العبد.
3- تقوم صلاة الضحى مقام التّسبيح والتّحميد والتّهليل والتّكبير.
4- صلاة الضحى بها يتقرّب العبد إلى الله سبحانه، ويفوز بمحبته عز وجل، باعتبارها من النوافل، كما جاء في الحديث القدسي: «مَنْ عادَى لي وليًّا فقَد بارَزني بالمحارَبةِ، وما تقرَّبَ إليَّ عبدي بمثلِ أداءِ ما افتَرضتُه عليْهِ، ولا يزالُ عبدي يتقرَّبُ إليَّ بالنَّوافلِ حتَّى أحبَّهُ، فإذا أحببتُهُ كنتُ سمعَهُ الَّذي يسمَعُ بِهِ وبصرَهُ الَّذي يبصرُ بِهِ ويدَهُ الَّتي يبطِشُ بها ورجلَهُ الَّتي يمشي بها، فبي يسمَعُ وبي يُبصِرُ وبي يبطِشُ وبي يسعى، ولئن سألني لأعطينَّهُ، ولئنِ استعاذني لأعيذنَّهُ، وما تردَّدتُ عَن شيءٍ أنا فاعلُهُ تردُّدي عن قَبض نفسِ عَبدي المؤمنِ يَكرَهُ الموتَ وأكرَهُ مَساءتَهُ، ولابد لَهُ منْه».
5- ومن فضل صلاة الضحى جلب الرزق والبركة فيه .
6- كفالة الله لمن صلاها أربع ركعات بأن يكفيه نهاره من المؤنة وغيرها: عن أبي ذر رضى الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: قال الله -تبارك وتعالى-: “ابن آدم اركع لي أربع ركعات في أول النهار أكفك آخره”.
7- من النوافل التي حرص عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
8- صلاة الضحى غنيمة عظيمة: هي من الصلوات التي يغنم المُصلّي بها الكثير من الغنائم، وذلك لقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: «ألا أدلكم على أقرب منهم مغزى وأكثر غنيمة وأوشك رجعة من توضأ ثم غدا إلى المسجد لسبحة الضحى فهو أقرب منهم مغزى وأكثر غنيمة وأوشك رجعة».
9- الدعاء بعدها مستجاب، حيث إن الدعاء بعد الصلوات مستجاب.
10- عظمة أدائها تأتي أيضاً من تعظيم الله -تعالى- لشأنها والقسم بها في سورة الشَّمس، حيث قال -سبحانه-: (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا)، وكذلك تسميته -سبحانه وتعالى- لسورةٍ باسمها في القرآن، وقسمه بها في أوَّل آياتها، قال -تعالى-: (وَالضُّحَىٰ).
11- الاقتداء والتأسّي برسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمداومة على ما داوم عليه من السُّنن.
12- سببٌ لمغفرة الذنوب والسّيئات.