سيد الخلق صلى الله عليه وسلم الذي غفر الله له كان يستغفر الله 100 مرة فى اليوم، والدليل على ذلك حديث عائشة -رضي الله عنها- أن النبي ﷺ كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقلت له: لمَ تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أحب أن أكون عبداً شكور، متفق عليه، فيجب علينا ان نستغفر الله دائماً فى كل وقت وحين، كقول “ إتقي الله” ولكن قال بعدها (واتبع السيئة الحسنة تمحوها) فتح لك الباب حتى يزيل السواد الذي يخيم على الإنسان عندما يرتكب خطيئة أو معصية.
فى هذا الصدد.. قال الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو كبار هيئة العلماء، إن هناك بعضاً ممن يرتكبون معصية او يفعلون ذنباً لا يستطيعون نسيانه فيكتئبون وهذا الاكتئاب يأتي من فقد الأمل من رحمة الله تعالى، ومما يسميه بعض العلماء “الاكتفاء” أى يكتفى بدراسة الذنوب وغير راض يتجه للتوبة.
وأشار قائلاً: “إن بعض الناس المتعودة على الاستغفار مش واخدة بالها ان الاستغفار له اثر، إلا انه عندما يفعل ذنباً يجلد ذاته، فجلد الذات ممنوع، مُشيراً الى أن هناك فرقاً بين المراقبة والمحاسبة وجلد الذات، فجلد الذات يؤدي الى اليأس، المحاسبة تؤدي الى العمل والى الطاعة حتى نمحو بها اثار الخطأ التى وقع، حتى لو كانت الخطيئة كبيرة، ((فمن ستر على مؤمن فى الدنيا ستر الله عليه فى الاخرة)).
فالعالم ابن حجر العسقلاني اورد حديث غريب وهو (من حج البيت فلم يرفث ولم يفسق وظن ان الله لم يغفر له فقد كفر) حتى يبين لنا انه لا يصح أن يجلد الإنسان ذاته، ومن لم يحج فهناك باب التوبة والاقلاع عن الذنب والاستغفار الدائم والاعمال الصالحة التى تذهب السيئات.
وأشار الى أن جلد الذات ناتج من الجهل والاكتفاء أى يكتفى بالاستغراق فى هذه المعصية أنه فعل المعصية وربنا مش هيغفر له، وهذا يؤدي الى اليأس من رحمة الله وهى كبيرة من الكبائر ويؤدي الى الاستسلام للمعصية، فهناك من يقول “ان كدا كدا داخل النار” فهذا اعتقاد خاطئ فمجرد التلفظ بقول “يا رب توبت اليك” فيفرح الله فرحا شديدا.
وأضاف “جمعة”،فمن فعل ذنب أو معصية فعليه أن يستغفر الله ويتوب إليه، فمن فعل الخطيئة أو الخطأ فعليه أن يبادر بفعل الحسنة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :”اتَّقِ اللهَ حيثُ كنتَ وأتبِعِ السيئةَ الحسنةَ تَمْحُهَا وخالِقِ الناسَ بخُلُقٍ حسنٍ”، كذلك عندما كان الصحابة يفعلون ذنب أو معصية ويأتوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ويتعرفون له فيقول لهم (أذهب وتوضأ)، لأفتاً الى أنه هناك فرق بين الخطيئة والخطأ، فالخطيئة بقصد والخطأ من غير قصد.
وأشار إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك لنا 40 خصلة فى باب محو السيئات، منها الوضوء، صلاة ركعتين، الصدقة، تبسمك فى وجه اخيك، أعلاها “منيحة العنز” وتعني أن من كان لديه ماعز وسلفها لحد من جيرانه أو لأقاربه حتى يحلبها ويشرب اولاده منها اللبن ثم ردها له مرة أخرى فتمحو عنه سيئة ويأخذ حسنة، فهذه 40 خصلة العامل بواحدة منها رجاء ثوابها وتصديق موعدها أدخله الله بها الجنة.
وتابع قائلاً: من فعل سيئة فعليه أن يبادر بعمل الحسنة بمعنى يسبح الله ويستغفره أو يتصدق أو يصلي ركعتين، أو يتوضأ، فالوضوء ينقي الإنسان من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس.
فسيدنا عمر بن الخطاب كان يقول “حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن تُوزن عليكم”، فالأجل لا يعرف سنا، ويأتي في أي سن، ويجب على الناس أن تصبر وتحتسب صبرها عند الله عند الصدمة الأولى.
وأشار الى أن المراقبة والمحاسبة هي التي تجعلنا لا نستمر في الغفلة والتمادي في المعصية وسواد القلب في الدنيا والآخرة، فعلى الإنسان أن يفعل الدور المنوط به في هذه الحياة، وهو العمارة وتزكية النفس ومعاونة الخلق وفعل الخير، وعبادة الله.
ونوه جمعة إلى أن الحسنات يذهبن السيئات، فبفعل الخير تُمحى الذنوب، فيأتي الشخص يوم القيامة يرى أن كل أعماله السيئة قد مُحيت بسبب فعل الخير الذي قام به من محاسبة نفسه، ولكن ما لا يتوب تبقى أثر السيئة ومن يتبعها ولا تُمحى، عنْ رسولِ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ وأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحسنةَ تَمْحُهَا، وخَالقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسَنٍ رواهُ التِّرْمذيُّ وقال: حديثٌ حسنٌ.