فرضت فرنسا الإقامة الجبرية على الناشطة الفلسطينية مريم أبو دقة، عضو الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، تمهيدا لطردها من البلاد، وسط تنديد واسع بهذا الإجراء من قبل سياسيين فرنسيين وناشطين في وسائل التواصل الاجتماعي.
وذكرت وسائل إعلام محلية أن السلطات الأمنية اعتقلت أبو دقة (71 عاما)، قبل أن تضعها قيد الإقامة الجبرية، تمهيدا لترحيلها من البلاد، وأوضحت أن الخطوة تأتي في سياق التوتر المرتبط بالصراع بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل.
وجاء في المبررات التي ساقتها السلطات الفرنسية لطرد الناشطة الفلسطينية، التي استشهد 27 فردا من عائلتها في العدوان المستمر الذي يشنه الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 11 يوما، أن الإجراء يأتي نظرا “للتهديد الذي تمثله (أبو دقة) للنظام العام في السياق الحالي الذي يتسم بالتوتر الشديد المرتبط بالحرب بين إسرائيل وحماس” وفق مصادر صحفية محلية.
أسف واستغراب
واستغربت أبو دقة الإجراءات التعسفية التي اتخذتها السلطات الفرنسية ضدها، وقالت -في تصريح أدلت به لوسائل إعلام فرنسية- إن السلطات صادرت حقها في التعبير وأمرتها بعدم الحديث عما يجري في بلدها. كما ألغت تأشيرتها، وألزمتها بمراجعة قسم الشرطة يوميا.
وأعربت عن أسفها العميق للخطوة الفرنسية، موضحة أنها جاءت إلى البلاد بطريقة شرعية، وأضافت “لا أملك الحق في التعبير أو الحديث عنهم (فيما يبدو أنه إشارة إلى من استشهدوا من عائلتها) والآن يقولون لي إن عليّ أن آتي إلى قسم الشرطة يوميا، وإن تأشيرتي ألغيت. يأمرونني بعدم التحدث. لماذا؟ أين الديمقراطية؟”
وكانت الناشطة الفلسطينية قَدِمت إلى فرنسا للمشاركة في مؤتمر “حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني”، وقد حصلت على تأشيرة لزيارة فرنسا لمدة 50 يومًا من القنصلية الفرنسية في القدس المحتلة، وذلك في شهر أغسطس/الماضي.
تعاطف واسع
وأعلن ناشطون وسياسيون فرنسيون تضامنهم مع أبو دقة، واعتبر سياسيون ونواب من حركة “فرنسا الأبية” أن اعتقال أبو دقة يمثل عارا على السلطات الفرنسية، خاصة لكونها مُسّنة، وطالبوا بإلغاء أمر الطرد والإقامة الجبرية الصادر بحقها.
وقال النائب عن “فرنسا الأبية” جيروم ليجافر، في تغريدة على حسابه بمنصة “إكس” (تويتر سابقا) “فضيحة! مريم أبو دقة، مقاومة فلسطينية من أجل حقوق المرأة، معرضة للطرد الذي قرره جيرارد دارمانان، أؤيد المناشدات المطالبة بإلغاء هذا القرار وأعبر عن تضامني مع السيدة أبو دقة والجمعيات الفلسطينية في فرنسا”.
كما غرّد الناشط توفيق طاهاني في حسابه بنفس المنصة “أمر طرد فاضح من وزير الداخلية ضد شخصية فلسطينية كبيرة من غزة، مريم أبو دقة 71 عاما، فقدت 27 فردا من عائلتها أثناء القصف الإسرائيلي”.
من جانبه قال النائب عن “فرنسا الأبية”، توماس بورت، إن الخطوة التي اتخذت ضد الناشطة الفلسطينية تأتي في إطار ما وصفه بالتزام فرنسا بدعمها الأعمى لحكومة اليمين المتطرف الإسرائيلية.
وطالب بالإفراج الفوري عن مريم أبو دقة، وقال إنه يجدد دعمه للجمعيات الفلسطينية المناضلة في فرنسا.
واتخذت فرنسا موقفا داعما للاحتلال الإسرائيلي منذ عملية “طوفان الأقصى” التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية بقيادة حماس ضد الاحتلال، وأسفرت عن مقتل نحو 1400 شخص، من بينهم 291 من جنود وضباط جيش الاحتلال.
وقد رد الاحتلال بشن غارات وحشية على قطاع غزة، تسببت حتى الآن في استشهاد أكثر من 3 آلاف شخص، وجرح 12 ألفا و500 شخص معظمهم من الأطفال والنساء.
وأعلنت فرنسا الجمعة الماضي حظر المظاهرات المؤيدة للشعب الفلسطيني في جميع أنحاء البلاد، وبرر وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان الحظر بأن المظاهرات قد تتسبب في “الإخلال بالنظام العام” في فرنسا.