دعت كاتبة إسرائيلية إلى ضرورة التخلي عما سمته “أسطورة أن حماس لا تمثل الفلسطينيين”، وقالت إنه إضافة إلى الحقيقة البسيطة في أن حماس انتُخبت في الانتخابات بغزة والمعروف أنها تفوز بها في الضفة الغربية (ولهذا لا توجد انتخابات هناك)، فإن حماس تمثل بعمق الروح الفلسطينية الأوسع التي ترى أنه لا يوجد لليهود -بوصفهم شعبا- أي حق في إقامة دولة حرة ضمن أي حدود في المنطقة الواقعة بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط.
وأضافت الكاتبة عينات ويلف في مقال نشرته صحيفة “ماكور ريشون” الإسرائيلية بعنوان “دعونا نحطم الوهم: حماس تمثل روح كل الفلسطينيين”، ورغم أنه قد لا يكون لدى حماس إلا بضع عشرات الآلاف من المقاتلين المدربين، فإنهم جميعا يتصرفون انطلاقا من معرفتهم الواضحة بأنهم يفعلون ذلك من أجل “تحرير فلسطين”.
مضيفة أن فكرة “تحرير فلسطين من النهر إلى البحر” هي الفكرة التأسيسية للهوية الفلسطينية، وهي القاسم المشترك الأوسع لجميع الفلسطينيين. وبهذا المعنى لا فرق بين حماس وفتح أو أي فصيل آخر. الفرق يكمن في الوسائل التي يعتقدون أنها ستكون أكثر فعالية لـ”تحرير فلسطين”، ولكن ليس في الهدف نفسه.
ورأت الكاتبة أنه لا يوجد شيء اسمه “انهيار حماس”، وحتى لو تم تدمير جميع الأسلحة وجميع الأنفاق في غزة غدا، فسوف يتم إنشاء منظمة جديدة تحت اسم مختلف، وستحرص على أن تستخدم كل دولار أو يورو من أموال “إعادة التأهيل” التي يتم تحويلها إلى غزة لإعادة بناء قوة سيكون هدفها -مرة أخرى- “تحرير فلسطين”، وفق قول الكاتبة.
وهذا هو السبب وراء عدم ضم واستيعاب غزة أبدا، لأن سكانها لا ينظرون إلى غزة على أنها “بيت” أو “وطن” أو منطقة تمنحهم فرصة لإقامة دولة فلسطينية مزدهرة. بل على العكس من ذلك، فهم يرون في غزة نقطة انطلاق يمكنهم من خلالها “استعادة” فلسطين، وفي هذا يستثمرون مواردهم، وأموال شعبهم ووقته ومواهبه.
ما العمل؟
وتساءلت الكاتبة “إذن ما الذي يمكن فعله؟” وأجابت: أولا وقبل كل شيء، يجب أن ندرك أن هذه هي الروح الفلسطينية التي تحدد الهوية الفلسطينية في أي مكان في العالم، وأن نفهم أيضا أن هذا لا علاقة له بما تفعله إسرائيل (لا احتلال، لا مستوطنات، لا حصار، فهذه الأمور يمكن التعامل معها من المنظور الإسرائيلي، لكنها لا تغير الروح الفلسطينية).
ولذلك فإن التغيير الجذري في الروح الفلسطينية -كما تقول الكاتبة- هو وحده القادر على إحلال السلام. وروح الأمم تتغير عبر التاريخ، لكن هذه عملية طويلة تتضمن دائما اعتبار الروح السابقة غير شرعية على الإطلاق، ولم تعد مناسبة للعصر.
واعتبرت الكاتبة أنه من هذه النظرة للواقع لا بد من استخلاص مسارين للعمل، أولهما ضرورة التحرك بشكل حاسم لتجفيف جميع مصادر الدعم السياسي والاقتصادي والسياسي للروح الفلسطينية المتمثلة في “تحرير فلسطين”، وذلك بدءا بالدول العربية واستمرارا بوكالة الأمم المتحدة للإغاثة التي يدعمها الغرب وتسمح للفلسطينيين بالحفاظ على حرب 1948 كقضية مفتوحة سينتصرون فيها يوما ما، وانتهاءً بكل المساعدات التي تقدم للفلسطينيين بدون مطالبتهم بالاعتراف بأن للشعب اليهودي حقا متساويا في تقرير المصير ودولته في وطنه التاريخي.
وتضيف، كقاعدة عامة، ينبغي أن يشترط أن تكون أي مساعدة سياسية واقتصادية وسياسية تقدم للفلسطينيين مصحوبة بالاشتراط الواضح أعلاه، وألا يتم تقديمها بدونه، وفق قول الكاتبة.
والمسار الثاني هو تغيير الروح الفلسطينية، كما تقول الكاتبة، “يجب أن نفهم أن جيراننا هؤلاء يصلون من أجل ضعفنا، حتى يتمكنوا من تمزيقنا إربا، وأنه لكي يموت الأمل في هلاكنا، يجب أن نكون مسلحين، صباحا ومساءً. وإلى أن يتم التغيير، سيكون على إسرائيل أن تكون مجتمعا مجندا، سيتعين على جميع مواطني إسرائيل، اليهود والعرب، المتدينين والعلمانيين، أن يتجندوا للدفاع عن الدولة التي هي دولتهم، على حد تعبيرها.